خُنق حتى الموت.. مقتل شاب مغربي بإسبانيا يفضح عنف الشرطة ويشعل احتجاجات واسعة

في حادثة أثارت صدمة واسعة وأعادت إلى الأذهان مشهد مقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة، لقي شاب مغربي يُدعى عبد الرحيم، يبلغ من العمر 35 عاماً، مصرعه مساء الثلاثاء 17 يونيو 2025، في ضاحية “توريخون دي أردوز” قرب العاصمة مدريد، بعدما تعرّض للخنق من طرف شرطي بلدي إسباني كان خارج أوقات عمله.
خنق حتى الموت
وبحسب روايات تناقلتها الصحف المحلية الإسبانية، فإن الواقعة بدأت بعد محاولة مزعومة لسرقة هاتف محمول من قبل عبد الرحيم، ما دفع الشرطي ومرافقه المتقاعد إلى ملاحقته، عندها استخدم الشرطي تقنية “الخنق الخلفي” المعروفة باسم “ماتاليون” لتوقيفه، ما أدى إلى وفاته بعد لحظات من وصول الإسعاف.
ورغم محاولة إنعاشه، لفظ عبد الرحيم أنفاسه الأخيرة داخل سيارة الإسعاف، في مشهد وصفه شهود عيان بالمفجع، كما أفاد بعض السكان أن الشرطي تجاهل تحذيرات المارة الذين طالبوه بالتوقف عن الخنق، واستمر في الضغط على عنق الضحية وهو يطلب من الحاضرين الاتصال بالشرطة.
السلطات الإسبانية فتحت تحقيقاً قضائياً في الحادث، وأمرت بتوقيف الشرطي وتجريده من جواز سفره، بينما يخضع لتحقيق بتهمة القتل غير العمد، كما تقرر إجراء تشريح طبي دقيق لتحديد سبب الوفاة ما بين الاختناق أو نوبة قلبية أو عوامل أخرى.
وفي الوقت نفسه، أصدر مجلس بلدية مدريد قراراً بتوقيف الشرطي عن العمل مؤقتاً وفتح مسطرة تأديبية في حقه، وقررت القاضية المكلفة بالقضية وضع المتهم في حالة سراح مؤقت، مع إلزامه بتقديم نفسه أسبوعياً وتسليم وثائق سفره.
احتاج مساعدة لا عنفاً
من جهتها، نفت عائلة عبد الرحيم جملةً وتفصيلاً رواية محاولة السرقة، وأكدت أن ابنها لم يكن سوى ضحية ظلم وتعسف لا مبرر له، كما أشار والده إلى أن عبد الرحيم كان يعاني من اضطرابات نفسية ويتابع علاجاً طبياً، وكان في حاجة للمساعدة لا للعنف.
ووفق ذات المصادر الإسبانية، ذكرت العائلة أن الشاب لم يكن يشكل أي خطر، وكان يعاني من مشاكل صحية وإدمان، وهو ما كان يستوجب تعاملاً إنسانياً من طرف الأمن، بينما أفاد بعض أقاربه بأن “الشرطي المعتدي ربما كان تحت تأثير الكحول”.
وخلفت الواقعة صدمة قوية داخل صفوف الجالية المغربية في إسبانيا، خاصة بعد أن انتشرت أخبار بأن الشرطي ورفيقه كانا في حالة “غير طبيعية”، وهو ما أجج مشاعر الغضب وزاد من حجم المطالب بالتحقيق الشفاف.
وتواصلت ردود الفعل لتبلغ ذروتها يوم السبت 21 يونيو 2025، حيث نظم العشرات من سكان توريخون وقفة احتجاجية في ساحة “بلاصا دي إسبانيا”، للتنديد بمقتل عبد الرحيم، ورفع المحتجون شعارات من قبيل “العدالة لعبد الرحيم” و”لا للعنصرية”.
وتابعت المصادر، أن الوقفة شهدت مشاهد مؤثرة، حين تقدمت عائلة الضحية، بينهم والدته وأخته، وهم يحملون صور عبد الرحيم ويبكون بحرقة مطالبين بكشف الحقيقة، وعبّر والده عن حزنه الشديد، مؤكداً أن الشرطة يجب أن تعتقل من يخرق القانون وليس أن تقتله.
تنديد بعنصرية الشرطة
كما ندد متحدثون خلال الوقفة باستخدام تقنية “الخنق الخلفي”، معتبرين أنها مميتة وخطيرة خصوصاً إذا استُخدمت على مدنيين غير مسلحين، وقال أحد المشاركين أن حالة عبد الرحيم “ليست حالة معزولة، بل جزء من سياسة ممنهجة ضد المهاجرين”.
وانتقدت منظمة “SOS Racismo” من جانبها الإفراج المؤقت عن المتهم، داعية إلى تحقيق عادل وعدم التطبيع مع ممارسات الشرطة التي تُهدد حياة المهاجرين، معتبرة أن ما جرى لعبد الرحيم يرقى إلى جريمة عنصرية.
كما دعا ممثلو “كورّيدور إن لوخا”، وهي مجموعة محلية مناهضة للعنصرية، إلى تنظيم وقفة أخرى وتأسيس تنسيقية من أجل تتبع القضية، ورفعوا شعار “لا لممارسات الشرطة القاتلة، نعم للعدالة والمحاسبة”.
وأكد بعض المشاركين في الوقفة أن “هذه الحادثة كشفت الوجه الحقيقي للعنف المؤسساتي ضد الجاليات المهاجرة”، مضيفين أن “كل تبرير لما حصل هو بمثابة تزكية للعنصرية والتمييز”.
وإلى جانب ذلك، اندلعت مواجهات كلامية بين بعض الحاضرين، حين حاولت إحدى الجارات تبرير فعل الشرطي مدعية أن الضحية كان “لصاً”، لكن شقيق عبد الرحيم رد عليها بوصفها بـ”العنصرية”، مؤكدًا أن الحادث جريمة لا لبس فيها.