story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

حقوقي: الأمية تحدٍ يعوق التنمية الشاملة ويستدعي وقفة تقييمية

ص ص

بالرغم من المجهودات التي بذلها المغرب على مدى سنوات للقضاء على ظاهرة الأمية، إلا أن النتائج المحققة حتى الآن لا تعكس حجم هذه المجهودات للقطع مع آفة مجتمعية، تسهم في تأخير قطار التنمية، فضلا عن تكلفتها ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وآخر هذه النتائج ما كشفته زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أمام البرلمان، في آخر تقرير عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024، يناير الجاري، حيث أبرزت أن تنفيذ الخطط الاستراتيجية وبرامج محاربة الأمية من طرف مختلف الفاعلين “لم يحقق بعد الأثر المتوخى منه للقضاء على هذه الآفة”.

وفي هذا السياق، طالب حقوقيون بتعزيز الاستثمارات في برامج محو الأمية، وتعزيز آليات المراقبة والتقييم لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

وقال عادلمن أن الحصيلة المنجزة في مجال محاربة الأمية “غير مرضية”، يضعنا أمام مسؤولية كبرى لتسليط الضوء على هذا التحدي الذي يشكل عقبة أمام تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في المغرب.

وأضاف تشيكيطو في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أنه رغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة، إلا أن المعدلات المرتفعة للأمية تظل مقلقة، خاصة في المناطق القروية والمهمشة، حيث تتفاقم الظاهرة بين النساء والأطفال، موضحا أن الأمية لا تقتصر على كونها معضلة تعليمية، بل هي إشكالية اجتماعية واقتصادية تؤثر سلبًا على مختلف القطاعات.

وأشار إلى أن محاربة هذه الآفة، من منظور حقوقي، تعتبر حقًا أساسيًا يجب أن تلتزم الدولة بضمانه، وفقًا للدستور المغربي الذي ينص على الحق في التعليم، مشددًا على أن الأرقام التي أشارت إليها التقارير الوطنية والدولية تدعو إلى وقفة تقييمية جادة لتحليل الأسباب الكامنة وراء استمرار هذه الظاهرة، “ومن بينها ضعف التنسيق بين المتدخلين، غياب استراتيجيات مستدامة تواكب التطورات التكنولوجية، وقلة الموارد المالية والبشرية المخصصة لهذا القطاع الحيوي”.

وطالب رئيس “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان” بتعزيز الاستثمارات في برامج محو الأمية من خلال اعتماد خطط مبتكرة ومتكاملة تستهدف الفئات الأكثر تضررًا، مع التركيز على تكوين المدرسين ودعمهم، وتوظيف التكنولوجيا والرقمنة للوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من المستفيدين، خاصة في المناطق النائية.

وأكد أن مواجهة هذه الإشكالية تتطلب مقاربة تشاركية تشمل المجتمع المدني والقطاع الخاص، جنبًا إلى جنب مع السلطات العمومية، لضمان فعالية البرامج وتحقيق أهدافها، داعيًا إلى تعزيز آليات المراقبة والتقييم لضمان تحقيق النتائج المرجوة، وزيادة وعي المواطنين بأهمية التعليم كوسيلة لتحسين حياتهم ومستقبلهم.

وخلص إلى التأكيد على أن التغلب على الأمية ليس فقط التزامًا قانونيًا ودستوريًا، بل هو شرط أساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان تمكين جميع المواطنين من المساهمة الفعالة في تنمية الوطن.

من جانبه، كان الخبير التربوي ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، عبد الناصر الناجي، قد أشار إلى أن التحديات في مجال محاربة الأمية عديدة ولا يمكن التغلب عليها إلا بالتحليل العميق لظاهرة العودة إلى الأمية التي تجد تفسيرها في عاملين اثنين، “أولهما كون الشهادات التي يتحصل عليها المستفيدون من هذه البرامج تبقى رمزية، وبالتالي فهي لا تمكّنهم من الالتحاق بمستويات أعلى من التكوين، بما يضمن الحفاظ على مهاراتهم في القراءة والكتابة والحساب وتطويرها”.

وأضاف الناجي في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن العامل الثاني هو افتقار برامج محو الأمية لسياسات واضحة لتشغيل هؤلاء المستفيدين عقب فترات التكوين، في مهن تتطلّب تطبيق هذه المهارات، خاصة أن الجزء الغالب من هؤلاء إما عاطل أو يشتغل في مهن لا تتطلّب مهارات القراءة والكتابة والحساب”.

وأبرز المتحدث ذاته، أن هناك تحديّا آخر يرتبط بضعف انخراط مقاولات القطاع الخاص في ورش محاربة الأميّة، “إذ مازال منطقها الربحي يلجمها عن تقديم التسهيلات الكافية للمئات من مستخدميها الأميين للاستفادة من دروس محو الأمية، سواء تلك التي تقدّم في المدارس أو من طرف الجمعيات أو داخل المساجد”.

وفي غضون ذلك، قال الخبير التربوي، إن المغرب بذل منذ فجر الاستقلال “جهودا كبيرة للقضاء على الأمية”، تكرّست في العقد الأخير بإنشاء إطار مؤسساتي هو الوكالة الوطنية لمحاربة الأميّة، ووضع مخططات إستراتيجية واضحة، سواء من قبل هذه الوكالة أو من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

واستدرك الناجي قائلا: “إلا أن هذه الجهود لم تفلح في الحد ّمن الأميّة بالقدر المطلوب، بحيث مازالت نسبة الأميين بالمغرب مرتفعة، إذ تقارب 30 في المائة من مجموع المواطنين”، مضيفا أنه وبغض النظر عن دقة هذا الرقم ومعيار الأمية الذي يتم اعتماده لاحتساب عدد الأميين، “إلا أنه يبقى كبيرا ومهددا بالارتفاع إذا لم نعالج الأسباب التي تغذيه خاصة على مستوى جودة التعلمات بالتعليم الإلزامي”.

وأوضح المتحدث ذاته، أن حوالي 80 في المائة من تلامذة السنة خامسة ابتدائي لا يستطيعون قراءة نص بسيط لا باللغة العربية ولا باللغة الفرنسية حسب تصريحات وزير التربية الوطنية، وأن 350 ألف طفل يغادرون المدرسة قبل إنهاء التعليم الإلزامي وهو ما يعني أن فئة كبيرة من المتمدرسين مرشحة للالتحاق بصفوف الأميين عاجلا أو آجلا.