حقوقيون ينتقدون “غياب رؤية استراتيجية” لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية
رصدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان خلال العام الماضي بعض الجهود التي وصفتها بـ “المحدودة” و”الخجولة” في مجالات مختلفة لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية وتفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي ذي الصلة، مشيرة إلى أن ذلك “يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة وشاملة تضمن التفعيل الكامل للطابع الرسمي للأمازيغية في جميع مناحي الحياة العامة”.
وبمناسبة حلول رأس السنة الأمازيغية 2975، قالت العصبة في بلاغ لها، “إن هناك جهودا خجولة لإدماج الأمازيغية في التعليم والإدارة العمومية، إضافة إلى دعم نسبي للإنتاج الثقافي والإعلامي الناطق بالأمازيغية”، مستدركة بالقول إلا أن هذه الجهود لا تزال محدودة ودون مستوى التطلعات الشعبية والمؤسساتية.
وأوضحت العصبة الحقوقية أن التعليم يمثل أحد المحاور الأساسية لتفعيل الأمازيغية، حيث إن تعميم تدريسها في مختلف المستويات التعليمية لا يزال بعيد المنال، مبرزة أن “الأمازيغية تعاني من نقص كبير في الموارد البشرية المؤهلة وغياب كتب مدرسية كافية وتكوين مستمر للمدرسين، وهو ما يساهم في تعطيل توسيع نطاق استخدامها”.
وفيما يتعلق بالإدارة العمومية، أشار المصدر ذاته، إلى أن المبادرات الرامية إلى إدماج الأمازيغية في الخدمات المقدمة للمواطنين ظلت محدودة وتفتقر إلى الانتشار اللازم، مضيفا أنه “في المجال الثقافي والإعلامي، فإن الإنتاجات الناطقة بالأمازيغية تعاني من ضعف الدعم الكمي والنوعي، مما يؤثر على تعزيز حضورها في المشهد الثقافي الوطني”.
من جهة أخرى، أبرز البلاغ أن الأمازيغية تواجه تحديات كبرى، “أبرزها ضعف الإرادة السياسية ونقص الموارد المالية والبشرية المخصصة لتفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي المرتبط بها”، منبها إلى “أن التهميش الذي تعاني منه الثقافة الأمازيغية في بعض القطاعات يستدعي مراجعة شاملة لهذه السياسات لتصحيح الوضع”.
وأردف البلاغ أنه مازالت مجموعة من الإدارات الرسمية او شبه الرسمية تحتفظ بيافطات اسمية مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية في حين يتم إقصاء اللغة الأمازيغية منها، “ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر وكالة المغرب العربي للأنباء، بل إننا نطالب بتغيير اسمها من الاسم الحالي إلى الوكالة المغاربية للأنباء أو وكالة شمال إفريقيا للأنباء”.
وفي غضون ذلك، دعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى اتخاذ مجموعة من التدابير العاجلة والفعالة لتسريع وتيرة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وضمان العدالة الثقافية واللغوية، مبرزة أن “هذه التدابير تشمل وضع خطة وطنية استراتيجية بآجال محددة لتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في جميع المستويات التعليمية وضمان إدماجها الكامل في جميع الإدارات والمؤسسات العمومية”.
ودعا المصدر ذاته، لرفع مستوى الدعم المالي المخصص للبرامج الثقافية والإعلامية المرتبطة بالأمازيغية، بالإضافة إلى إنشاء آليات قانونية تضمن احترام الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ ومنع التمييز على أساس اللغة، مطالبة بتعزيز الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من هوية الوطن ومكون أساسي للوحدة الوطنية.
وفي سياق الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، جددت العصبة إشادتها بالقرار الملكي الداعي إلى إقرار هذا اليوم عيدًا وطنيًا وعطلة رسمية مدفوعة الأجر، معتبرة أنها خطوة رمزية ومهمة نحو الاعتراف الكامل بالهوية الأمازيغية ومكانتها في الهوية الوطنية الجامعة.
وطالبت العصبة بضرورة تنظيم حملات توعية لتعزيز ثقافة الاعتراف بالتعدد اللغوي والثقافي كقيمة أساسية من قيم المواطنة، بالإضافة إلى تعزيز الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية باعتبارها تشكل ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية وترسيخ قيم التنوع والوحدة الوطنية.