دراسة تحذر: النموذج الزراعي الموجه نحو التصدير يزيد الضغط على الموارد المائية للمغرب
ذكرت دراسة حديثة نشرتها جمعية آتاك المغرب، أن الخيارات الزراعية المدعومة من الحكومة المغربية تركز على زراعة المحاصيل الموجهة للتصدير على حساب المحاصيل الأساسية التي تضمن الأمن الغذائي، مما يجعل المغرب يعاني من نقص في الموارد المائية.
وكشفت الدراسة التي أجرتها الجمعية، تحت عنوان “واقع إدارة الموارد المائية في المغرب: الاستحواذ، النهب والتسليع”، أن القطاع الزراعي بالمغرب يستحوذ على أكثر من 85% من الموارد المائية، في حين أن 19% فقط من الأراضي الزراعية يتم ريها.
حيث أشارت إلى أن هذا الوضع يعكس التناقض بين استهلاك المياه وكمية الأراضي التي تتم الاستفادة منها بشكل فعّال، مما يؤثر بشكل سلبي على الأمن الغذائي ويزيد من هشاشة البلاد أمام الأزمات المناخية.
كما أظهرت الدراسة أن زراعة المحاصيل الموجهة للتصدير، مثل الفواكه والخضروات، تتطلب كميات كبيرة من المياه، ومع أن هذه المحاصيل تساهم في الاقتصاد الوطني، إلا أنها تضع ضغطًا على الموارد المائية وتؤثر سلبًا على إنتاج المحاصيل الغذائية التي يحتاجها المواطنون.
وفي نفس السياق، انتقدت الدراسة أيضًا دعم الحكومة للمحاصيل “ذات القيمة العالية” مثل الفواكه التي تُصدّر إلى الأسواق الأوروبية، حيث أشارت إلى أن هذا الدعم يفيد بشكل أساسي كبار المزارعين ويزيد من تفاقم الوضع بالنسبة للمزارعين الصغار الذين يعتمدون على الأمطار.
كما اعتبرت الدراسة أن سياسة دعم المحاصيل الموجهة للتصدير فشلت في تحسين الميزان التجاري الزراعي، حيث أن الصادرات المغربية تغطي بالكاد 52% من تكاليف الواردات الزراعية، مما يعكس ضعف فاعلية هذه السياسات، حيث أنه في موسم 2021-2022، تراجعت إنتاجية الحبوب بنسبة 69% بسبب الجفاف، مما دفع المغرب إلى استيراد غالبية احتياجاته.
وذكر المصدر ذاته أن هذا النموذج الزراعي الموجه نحو التصدير يساهم أيضًا في زيادة الضغط على الموارد المائية، إذ أنه مع تزايد الطلب على المياه للزراعة، تصبح إدارة الموارد المائية غير مستدامة، ما يفاقم من مشكلة ندرة المياه ويزيد من تبعات الجفاف المتكرر.
كما أوضحت الدراسة أن السياسات الحالية تساهم في تعزيز التبعية الاقتصادية للمغرب، ما يضعف القدرة على تحقيق الأمن الغذائي، داعية في هذا الصدد إلى عدم الخضوع للإملاءات الخارجية التي تؤثر سلبًا على السياسات الداخلية وتزيد من تبعية القطاع الزراعي.
وفي هذا السياق، دعت جمعية آتاك المغرب إلى إصلاح شامل للسياسات الزراعية والمائية في البلاد، حيث دعت إلى إعادة توزيع الموارد بشكل عادل يطريقة يتم فيها التركيز على تحقيق السيادة الغذائية وحماية البيئة.
كما طالبت الجمعية بوقف الشراكات بين القطاعين العام والخاص، التي اعتبرتها غير فعالة ومكلفة، مشيرة إلى ضرورة تعويض الأشخاص المتضررين من السياسات التي ساهمت في خوصصة الموارد المائية، التي أدت إلى تزايد اللامساواة وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المناطق الريفية.