الأرصاد الجوية: التساقطات الأخيرة غير مرتبطة ب “النينيا” واحتمال عودة الأمطار في الأيام المقبلة

أكد الحسين يوعابد، المكلف بالتواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، أن التساقطات المطرية الغزيرة التي شهدها المغرب خلال شهري فبراير ومارس 2025 “ليست بالضرورة مرتبطة بعودة ظاهرة النينيا، كما يعتقد البعض”، موضحا أن تأثير هذه الظاهرة على المناخ المغربي يبقى غير مباشر ومتقلبًا، بحيث سبق أن شهدت البلاد فترات جفاف رغم وجود “النينيا”، كما حدث بين 2020 وبداية 2023.
وتعد “النينيا” ظاهرة مناخية تحدث عندما تنخفض درجات حرارة سطح المحيط الهادئ الاستوائي عن المعدل الطبيعي، مما يؤثر على أنماط الطقس العالمية، حيث تؤدي عادةً إلى زيادة الأمطار والفيضانات في بعض المناطق، مثل جنوب شرق آسيا وأستراليا، بينما تسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في مناطق أخرى، مثل الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية.
وتحدث هذه الظاهرة كجزء من التذبذب الجنوبي لـ النينيو-النينيا (ENSO)، وهي عكس ظاهرة النينيو التي تتميز بارتفاع درجات حرارة المحيط الهادئ الاستوائي.
ووفقًا ليوعابد، فإن الدراسات المناخية تُظهر أن “النينيا” ليست العامل الحاسم في تحديد مستويات الأمطار في المغرب، بل تلعب عوامل مناخية أخرى دورًا أكبر، ومن أبرز هذه العوامل المنخفضات الأطلسية الاستثنائية، التي أدت إلى تحرك التيار النفاث جنوبًا، ما سمح بتشكل تيار رطب جلب كميات مهمة من الأمطار إلى البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
كما أشار إلى دور تذبذب شمال المحيط الأطلسي (NAO)، وهو تغير دوري في ضغط الغلاف الجوي بين مرتفع الآصور ومنخفض آيسلندا، حيث انتقل هذا المؤشر في الفترة الأخيرة، إلى مرحلته السالبة، مما تسبب في اضطرابات جوية مكثفة عززت فرص هطول الأمطار على شمال إفريقيا، بما في ذلك المغرب.
إضافة إلى ذلك، أوضح يوعابد أن الاضطرابات الحرارية في المحيط الأطلسي ساهمت في زيادة الرطوبة في الغلاف الجوي، وهو ما أدى إلى تكوين سحب ممطرة بكميات وفيرة، مؤكدا أن هذه التغيرات المناخية، إلى جانب حركة الرياح، خلقت ظروفًا جوية مثالية لاستمرار الفترات الممطرة التي تشهدها البلاد مؤخرًا.
في المقابل، تشير بيانات مناخية دولية، أوردها خبراء مغاربة، إلى أن “النينيا” قد تكون مسؤولة عن جزء من هذه التغيرات الجوية. فوفقًا لمركز الترقب المناخي التابع للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن انخفاض حرارة سطح البحر في المحيط الهادئ قد يُضعف ضغط الآصوري، مما يسمح بعبور الكتل الهوائية الباردة القادمة من شمال أوروبا وكندا.
ويرى بعض الباحثين في المناخ أن هذا التغيير قد يؤدي إلى استمرار الفترات الممطرة في المغرب خلال الأسابيع المقبلة، خاصة خلال فصل الربيع، كما يؤكدون أن “النينيا” تتسبب عادةً في اضطرابات جوية تمتد لفترات طويلة، ما يرفع احتمالات تسجيل موسم رطب استثنائي بعد سنوات من الجفاف.
ومع ذلك، تُشير توقعات مراكز الأرصاد العالمية، مثل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، إلى أن تأثير “النينيا” بدأ في التراجع، ومن المتوقع أن تعود الحالة المناخية إلى وضع محايد (ENSO-Neutral) بحلول صيف 2025، ما يُضعف فرضية ارتباط الأمطار الحالية مباشرة بهذه الظاهرة.
وبالنظر إلى هذه المعطيات، أكد يوعابد أن التأثير الأكبر على الطقس في المغرب حاليًا يعود إلى العوامل الجوية المحلية والإقليمية، مثل المنخفضات الأطلسية والتذبذبات الجوية، وليس “النينيا” وحدها.
وفي ظل استمرار التساقطات المطرية، دعا يوعابد إلى متابعة دقيقة للمنخفضات الجوية القادمة، إذ من المتوقع أن يؤثر منخفض جوي جديد على المغرب مع بداية الأسبوع المقبل، ويُرجح أن يشهد شمال وشرق البلاد مزيدًا من الأمطار، مع طقس متقلب في الأيام المقبلة.