story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رياضة |

أحذية كرة القدم.. الظهور والتطور

ص ص

مع التطور الكبير الذي عرفته كرة القدم الحالية من حيث إيقاع المباريات وبذل المجهود البدني الكافي للتغلب على الخصوم، أصبح التفكير في كل العوامل التي تساعد اللاعبين على تقديم مردود أفضل، سواء عوامل الإعداد البدني أو الطبي، وأيضا جودة التجهيزات الرياضية من ألبسة مريحة وكرات مصنوعة بأحدث التقنيات…

وتعتبر جودة الحذاء الرياضي من أهم شروط الراحة بالنسبة للاعبين، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، حيث باتت شركات الملابس الرياضية تتفنن في ابتكار أفضل التصميمات والتقنيات لهذه الأحذية، لمساعدة اللاعبين على الركض بسرعة كبيرة داخل الملعب والتسديد بقوة وإتقان، والحفاظ على التوازن في الأرضية المبللة.

فما هي القصة التاريخية لظهور الحذاء الرياضي الخاص بكرة القدم؟ وكيف تطورت صناعته لتواكب تطور هذه الرياضة؟ وكيف استفادت شركات الألبسة الرياضية من الطلب المتزايد على الأحذية الرياضية ذات الجودة العالية والمريحة؟

حذاء رياضي لملك إنجليزي
ساد الاعتقاد طويلا أن الحذاء الرياضي لم يظهر إلا بعد الانتشار الكبير الذي عرفته كرة القدم عبر العالم في بداية القرن العشرين، لكن الحقيقة عكس ذلك، فأول حذاء رياضي ظهر إلى الوجود كان قبل ذلك بكثير، حيث نشرت صحيفة “ذا صن” البريطانية أن الأمر يعود إلى عام 1526، والذى ارتداه ملك إنجلترا هنرى الثامن، حيث كان مهتماً بممارسة الألعاب الرياضية، وكان قد صممه له الإسكافى الملكى كورنيلويس جونسون، بما يعادل قيمته الآن حوالى 100 جنيه إسترلينى، وكان الحذاء مصنوع بالكامل من الجلد الطبيعى كما كان ثقيلاً بعض الشيء، حيث كان يصل حتى الركبتين.

كان هذا الحذاء الملكي مختلفا عن الأحذية العادية التي كان يمارس بها العمال كرة القدم، والتي لم تكن مُصمَّمة للركض أو ركل الكرة، حيث كانت ثقيلة للغاية وبرقبة عالية، كما كانت تحتوي مقدمتها على قطعة حديد كانت تتسبّب في حدوث العديد من الإصابات كلما ركل لاعب قدم الآخر عن طريق الخطأ، الشيء الذي دفع الممارسين مع مرور الوقت إلى صناعة أحذية تتناسب مع اللعبة.

ظهور أول حذاء حقيقي لكرة القدم
مع زيادة شعبية كرة القدم وظهور قوانين أساسية لتنظيم اللعبة، اختفت أحذية العُمّال وظهرت أحذية خاصة باللعبة، حيث سمح أحد القوانين عام 1891 باستخدام المسامير الصغيرة في نعل أحذية كرة القدم. وهنا ظهر حذاء كرة القدم الحقيقي والمُصمَّم من أجل أداء أفضل في هذه الرياضة. حيث صُنعت تلك الأحذية من الجلد السميك، وكانت لا تزال ثقيلة للغاية، حيث تزن ما يقرب من نصف كيلوغرام، وقد يزيد هذا الوزن ليصل إلى كيلوغرام في الظروف الجوية الممطرة واللعب في ملاعب موحلة. وكانت هذه بداية أحذية كرة القدم الحديثة التي نعرفها اليوم.

أحذية ما بعد الحرب العالمية
كانت نهاية الحرب العالمية الثانية وعودة المنافسات الكروية المتوقفة، والاهتمام الكبير الذي أصبحت عليه كرة القدم في جل بلدان العالم، دافعا لمزيد من تطوير الحذاء الرياضي الخاص باللعبة، حيث ظهرت مع الوقت أحذية كرة قدم أكثر مرونة وأخف وزنا، وتحوّل التركيز في صناعة الأحذية الرياضية على مساعدتها في التمرير والقذف والتحكّم في الكرة، بدلا من مجرد إنتاج أحذية واقية.

وظهرت عدة شركات متخصصة في هذا التصنيع على نطاق واسع، أبرزها كان في ألمانيا، حيث أنشأ الإسكافى الألمانى أدولف داسلر في عام 1948، شركة “أديداس” وبدأ من خلالها تصنيع الأحذية بشكل متطور، برفقة شقيقه رودولف، والذي انفصل عنه بعد ذلك بعدما أنشاص شركة “بوما”، وأصبحت الشركتان من أكبر مصنعى الأدوات الرياضية في العالم.

وخلال مونديال 1954، فاجأت “أديداس” عالم كرة القدم بالأحذية الخاصة بالفريق الوطني الألماني والتي بلغ وزنها 380 غرام فقط. وبرز دورها الفعال خلال المباراة النهائية، حيث تقابلت ألمانيا مع هنغاريا في أجواء ممطرة، وتفوق الألمان بسبب توفرهم على أحذية خاصة مقاومة للبلل وذات بروزات أطول مساعدة على الحركة فوق الملعب الموحل كان قد ابتكرها أدولف داسلر صاحب شركة “أديداس” التي تمون المنتخب الألماني بالألبسة، واستطاعت ألمانيا الفوز على المجر بثلاثة أهداف لهدفين وتحقيق كأس العالم.

أحذية ملونة في الستينيات
بين فترة الستينيات والثمانينيات بدأت شركات كثيرة في اقتحام عالم تصنيع الأحذية الرياضية، وتطويرها بأحدث الأساليب التكنولوجية، خاصة أن اللعبة كانت في هذا الوقت فرضت نفسها بقوة وأصبحت الأكثر شعبية في العالم، حيث ظهرت شركات مثل “ميتر” و”جوما” و”أسيكس”، كما كان الأسطورة البرازيلى بيليه يرتدى حذاء من تصميم “بوما” في مونديال تشيلى 1962، وكانت الصفقة بداية لعهد ترويج نجوم كرة القدم لشركات الألبسة الرياضية.

كما ظهر خلال فترة السبعينيات تطور ملحوظ في المظهر، حيث ظهرت ألوان أخرى من الأحذية لأول مرة، بدأ الأمر بالأحذية البيضاء ثم ظهرت تلك الأحذية الملونة مع الوقت. أما عن التطور في الجودة، فقد أنتجت “أديداس” خلال عام 1979 حذاء يحمل اسم “كوبا مونديال” مصنوعا من جلد الكنغر الفاخر والذي تم اختياره لقدرته على الثني بشكل أسرع من الجلود الأخرى. أما العلامة الفارقة في ذلك التطور فكانت تصميما آخر لـ “أديداس” تحت اسم “المفترس” ابتكره الأسترالي كريغ جونستون وهو واحد من أشهر مصممي أحذية كرة القدم عبر التاريخ.

أحذية العصر الكروي الحديث
بداية من تسعينيات القرن الماضي ومع الاقتراب من الألفية الثالثة تطورت الأحذية الرياضية بشكل كبير جداً، وأصبح هناك خيارات للاعبين بتعديلها وتغيير المسامير، إضافة إلى تصميماتها متعددة الأشكال والألوان، وصممت “نايك” في هذه الفترة حذاء وزنه 200 جرام فقط، مما ساعد اللاعبين على الجري بسرعة أكبر، في الوقت الذى كانت فيه أغلب الأحذية تزن 500 جرام.

ومع دخول العالم للألفية الحالية، وانتشار الثورة التكنولوجية أصبحت أحذية كرة القدم تُصنع لتكون مناسبة لقدم اللاعب خصيصا بفضل تقنية الليزر، وأصبح من الشائع أيضا كتابة أسماء أو أرقام مُفضَّلة فوق أحذية اللاعبين، وتم تحديث المسامير المطاطية والبلاستيكية لمزيد من تحكُّم أفضل في الملعب. مع التطور التكنولوجي، أصبح من الممكن وضع رقائق صغيرة تسمح بتتبع تحركات وأداء اللاعب على أجهزة إلكترونية ذكية تقوم بجمع المعطيات والإحصائيات لتقدم الخلاصات إلى المدربين والطواقم التقنية.