موسم جديد ومعاناة ذاتها.. قساوة ظروف عاملات الفراولة المغربيات بإسبانيا
كشف تقارير إعلامية إسبانية حديثة عن جوانب مظلمة جديدة عن واقع اشتغال العاملات الزراعيات المغربيات في الحقول الإسبانية، بعدما عرت واقع الأجور المتدنية والظروف الإنسانية المزرية.
ظروف قاسية
ونقل تقرير صادر عن صحيفة “إل بوبليكو” الإسبانية أن “انطلاق موسم جني الفراولة والتوت هذا الموسم تم في ظروف أسوء بكثير من السنوات الماضية” وذلك جراء توالي حوادث الشغل المهملة، وبيئة الاشتغال السيئة، والاحتياجات الأساسية غير الملباة، من قبيل سكن ملائم يحفظ الكرامة الإنسانية.
وأوردت الصحيفة الإسبانية شهادات لعاملات مغربيات حكين عن “تجربتهن القاسية وظروفهن المزرية هناك” إذ قالت في هذا الصدد عاملة تدعى “ليلى” إنها اضطرت إلى بتر أصابع يدها بسبب إصابتها بمرض السكري بعد أن ظلت بدون علاج.
وتحكي أنها توجهت إلى صاحب الضيعة الذي تشتغل عنده في هويلفا والذي تقول إنه “طردها فور أن نظر إلى حالة أصابعها” مخبرا إياها بأن “تعود لبلدها المغرب إذا كانت ترغب بالعلاج” وتضيف أنها فقدت ذلك العمل جراء هذه الواقعة”.
وليست قصة ليلى وحيدة، إذ تتكرر بتفاصيل مختلفة في قصص نساء مغربيات أخريات يعملن في جني الفراولة بهذه المنطقة من الجارة الشمالية للمملكة.
وذلك خاصة وأن اقتصاد هويلفا يعتمد بشكل كبير على القطاع الزراعي المكون من 1300 شركة إنتاج ويصل عدد العمال الموسميين المتعاقدين من المغرب إلى إسبانيا كل عام إلى حوالي 14000 عامل متعاقد.
حواجز أخرى
وإلى جانب الظروف القاسية التي تعاني منها هؤلاء العاملات، نقلت الصحيفة الإسبانية أن أغلب العاملات يواجهن حاجزا آخر يتمثل في لغة التواصل وهو ما يجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لهن.
وقالت المصادر ذاتها إن هذه العقبة تحديدا تصب في صالح أرباب الضيعات، إذ يستغلون “جهلهن باللغة” وتابعت أن هذه الشركات كانت ملزمة على تقديم دروس الاندماج الاجتماعي بما في ذلك اللغة لعمال وعاملات المياومة وهو ما تعترف المصادر بأنه “لم يحدث بعد”.
وعن تمظهرات هذه الظروف القاسية نقلت الصحيفة صورا من هذه المزارع قائلة إنها “لا تستوفي الاشتراطات الصحية، ولا تتوفر فيها مياه للشرب، ولا منازل تحفظ الكرامة الإنسانية ولا شروط عيش ملائمة بشكل عام”.
في وداع العاملات
وكان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات يونس السكوري قد ودع قرابة 400 من العاملات الزراعيات الموسميات المغربيات بميناء طنجة نحو إسبانيا، يوم الجمعة 15 مارس الجاري، وهي الخطوة التي جرت عليه انتقادات كثيرة.
وتأتي هذه العملية في إطار التعاون الثنائي المغربي الإسباني، إذ تتواصل قافلة رحلات العاملات الزراعيات الموسميات برسم سنة 2024 من ميناء طنجة المدينة في اتجاه ميناء طريفة، كما تندرج هذه الحملة في إطار الاستراتيجية الوطنية للحركية المهنية الدولية.
وتهدف هذه العملية إلى توفير فرص شغل موسمية في قطاع الفلاحة لـما يناهز 16.000 امرأة مغربية من الوسط القروي من كافة مناطق المغرب.
ومنذ فاتح يناير 2024، غادرت 10.000 عاملة فلاحية إلى إسبانيا لموسم الحصاد. وستنضم إليهم 6000 من العاملات الأخريات في إطار رحلات متتالية مثل التي تمت يوم الجمعة 15 مارس الجاري.
مطالب مستمرة
وتستمر المطالب الحقوقية بتسوية وضعية هؤلاء العاملات إذ كانت فدرالية رابطة حقوق النساء قد قدمت مطلع هذه السنة مذكرة ترافعية جديدة ضمنتها مطالب لتحسين ظروف العاملات الزراعيات المغربيات بإسبانيا.
وطالبت الفدرالية في مذكرتها الترافعية بتحسين ظروف اشتغال هؤلاء العاملات من خلال توفير “ظروف عمل مناسبة في كل الفصول، مع إقرار مجانية التنقل وحرية الانخراط في العمل النقابي”.
ودعت المذكرة إلى توفير سكن لائق ومقاوم للبرد للعاملات زيادة على ضرورة توفير عقود عمل باللغة العربية “حتى يتسنى للعاملات المغربية معرفة حقوقهن وفهم واجباتهن”مطالبة في الآن ذاته برفع أي مظاهر للتمييز بين العاملات المغربيات الموسميات ونظيراتهن الإسبانيات.
وقالت رئيسة الفدرالية سميرة موحيا، في حديث لـ”صوت المغرب”، إن “الفدرالية تعمل على تسليط الضوء على ملف العاملات الموسميات بالمهجر من أجل السير في اتجاه أنسة أوضاعهن”. وتابعت أن “هنالك تحسنا نسبيا في هذه الظروف منذ سنة 2018 إلى الآن”.
وأوصت سميرة موحيا ب”ملاءمة عقود الشغل واتفاقية الهجرة الدائرية ل25 يوليوز 2001 بين المغرب وإسبانيا مع المقتضيات والتشريعات الجديدة التي جاء بها قانون الهجرة والعمل الإسبانيين الصادرين العام الماضي”.
وطالبت “بإدماج هؤلاء النساء فور عودتهن إلى المغرب في البرامج التي تسطرها الدولة في تمويل المشاريع خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد الأخضر أو الاقتصاد التضامني”.
وتأتي هذه المذكرة الترافعية لفدرالية رابطة حقوق النساء بشراكة مع منظمة أوكسفام المغرب، في إطار مشروع عنوانه “تعزيز صمود ومكتسبات تمكين العاملات الزراعيات المغربيات الموسميات”.