story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

خناتة بنونة: بعت كل أملاكي من أجل فلسطين وسيهلك من طغى

ص ص

كانت فلسطين طاغية الحضور عند الأديبة والمناضلة المغربية خناتة بنونة، كما هو الحال دائما، إذ استحضرتها وهي على خشبة التكريم مهرجان حزب العدالة والتنمية حول مدونة الأسرة اليوم الأحد، قائلة إنها “باعت كل أملاكها من أجل فلسطين” في تعبير لها على ارتباطها الوثيق بهذه القضية.

امرأة مؤمنة بالقضية

وجاء كلام الأديبة المغربية خلال تكريمها بالمهرجان الوطني الذي نظمه حزب العدالة والتنمية، اليوم الأحد 3 مارس 2024 حول إصلاح مدونة الأسرة، وتحدثت الأديبة عن ارتباطها الوثيق بالقضايا الإنسانية العادلة أينما كانت واستهلت كلمتها بالقول “وهلك من طغى”.

وتقول ذلك وهي تقصد “الطغاة أينما كانوا على وجه هذه الأرض”، وعلى وجه الخصوص تقصد خناتة بنونة الاحتلال الإسرائيلي وقالت إن “فلسطين عندها تمتد من المحيط إلى الخليج”.

وتابعت قائلة إن “المغرب يتعرض اليوم لهجمة صهيونية لا في التعليم ولا في الدين ولا في العادات والتقاليد”، إلا أن زخم الشعب المغربي أعاد إلى الكاتبة المغربية الإيمان بأن الشعب المغربي “سيظل حاملا لهذه القضية في قلبه”. وقالت مخاطبة الحاضرين في المهرجان إنكم “أعدتم إلى قلبي الإيمان بأن شريان الدم الحقيقي ما يزال يجري في جسد هذا الشعب المغربي.

وحكت الأديبة التي تقول عن نفسها إنها “نخلة”، مشاهد ومواقف من حياتها الفذة، وروت في هذا الصدد قصة جمعتها بصحافي أمريكي أراد إجراء حوار معها، قائلة إنها تلقت اتصالا من الراحل عبد الجبار السحيمي، يخبرها أن هناك صحافيا أمريكيا جاء إلى المغرب خصيصا من أجلها.

وتابعت أنها استغربت “لماذا يأتي خصيصا من أجلها وأنا لم أفعل أي شيء يذكر.. لم أحرر فلسطين مثلا” وقالت إن الراحل رد قائلا “لأنك تحاربينهم بالقلم وتحركين فمك أكثر من اللازم”.

ولم يفوت الأديبة أن تتحدث بشكل خاطف عن مؤلفاتها وقالت إنها في مجموعتها القصصية “الصوت والصورة” تحدثت “عن الزعامة الفارغة”.

واستلهمت الكاتبة خناتة بنونة فكرة قالت إنها جاءت في مذكرات الراحل عبد الرحمان اليوسفي “أحاديث فيما جرى”والتي تقول أنه “في بدء الاستقلال لو اتحد الحسن الثاني وعلال الفاسي والمهدي بنبركة لكان المغرب مغربا آخر”، وقالت في هذا الصدد “إن الاستقلال أتى به الرجال وسرقه الخونة”.

ملامح عن حياة “النخلة”

ولم تكن خناتة بنونة امرأة عادية ولا بأحلام عادية أيضا.. كانت تحلم بتغيير العالم والكون وحينما لم تفلح في ذلك قررت أن تُسقط جدار الصمت على الأقل.  تحدت الأسرة المحافظة والمجتمع، فكانت خناتة بنونة أول امرأة مغربية تصدر مجموعة قصصية، كان ذلك في العام 1967.

وأسمت هذا المؤلف “ليسقط الصمت”. فسقط فعلاً ومهدت طريق الكتابة الذي كان حينها حكرا على الرجال دون النساء، لكاتبات عديدات بعدها. لم تكتف بهذا بل أصدرت مؤلفا آخر كان رواية هذه المرة وكانت أول رواية أيضا يكتبها قلم نسائي بالمغرب، أسمتها “النار والاختيار”.

وتوالت العناوين والإصدارات. خناتة إلى جانب كونها أول كاتبة في المغرب هي أيضا أول صحافية فيه. حيث كانت أول من حصل على البطاقة المهنية من النساء وبالتالي أول من تكبد عناءَ تحفظ الأسرة والمجتمع والدولة بشكل خاص. وبالرغم من أن تجربتها في الصحافة لم تكن طويلة ولكنها كانت كافية جدا كي تحدث الأثر.

وقال لها الراحل علال الفاسي الذي كانت تعتبره أبا روحيا لها، إنه :” كان يجب أن تتأخر ولادتك بالمغرب إلى ما بعد 100 سنة أخرى حتى يصل إلى المرحلة التي وصلت لها”. في إشارة إلى أن خناتة بنونة لم تكن تقيم وزنا للمحظور.. كانت لها كلمةٌ وكانت مصرة أن تقولها بأي شكل من الأشكال.. تقول رأيها ثم تمضي غير آبهة للزوابع التي تتركها في الخلف.

وتعلق على الأمر بقولها “هذه التي ترونها شجاعة أنا أعتبرها سلوكا عاديا.. هكذا ينبغي أن نكون.. هكذا ينبغي أن يكون الإنسان أن يقول لا بحزم حيثما وجب..” كانت مزعجة وجريئةً ونادرةَ التنازل عما تراه حقا.

الزاهدة في كل شيء..

الكاتبة خناتة بنونة إلى جانب كل الذي حققته طيلة حياتها الطويلة، هي امرأة زاهدة في كل شيء. كرمت في كل مكان تقريبا لكن ذلك لم يغير في نفسها شيئاً. تدافع عن القضايا التي تراها عادلة. تقول دائما إنها امرأة لا جغرافية تؤمن بالقضايا الإنسانية العادلة وتعتبرها هما كونيا ينبغي أن يحمله الجميع بدون استثناء.

ولذلك فقد ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية وهي من أكبر داعميها. حيث حصلت سنة 2013 على جائزة القدس في سلطنة عمان، لكنها رفضت تسلمها وآثرت أن تتبرع بقيمتها المالية لبيت مال القدس قائلة جملتها الشهيرة “مال القدس يرجع إلى القدس”.

كما أحدثت مؤخرا جائزة للبحث العلمي باسمها. خناتة بنونة في تعاطفها الإنساني لا تؤمن حقا بالحدود ولا بالانتماءات والجغرافيا فتجدها تناصر الشعوب المظلومة حيثما كانت.

 تفعلُ ذلك لأنها تؤمن بدور المثقف الحقيقي في التفاعل والتأثير وخصوصا في ضرورة تبني القضايا والمواقف المصيرية حتى وإن كان ذلك يعني إزعاجا بشكل ما. فهي التي تقول في حوارات سابقة لها “كان عندي كل شيء ولكني طلقت الذهب والملاعق واخترت بدل كل ذلك الصراع.. أنا مزعجة ربما ولكن صدقوني أنا لا أعرف إلا أن أكون كذلك”.