story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

“أحزاب الكتلة” تشرّح أزمات مغرب اليوم

ص ص

أمام مختلف الأزمات التي يعيشها المغاربة اليوم، والتي عجزت الحكومة عن إيجاد أجوبة نهائية لها، وعلى رأسها أزمة التعليم التي أخرجت أزيد من ثمانية ملايين تلميذ من مقاعد الدراسة، اجتمع فاعلون سياسيون لمناقشة وجود أزمة سياسية في البلاد.

ممثلون عن “أحزاب الكتلة” جمعهم حزب التقدم والاشتراكية، أمس الثلاثاء في ندوة تحت عنوان “أزمة السياسة في مغرب اليوم، الأسباب الأسباب والمآلات” بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيسهم، أجمعو على وجود الأزمة، لكن تفرقوا في تحديد أسبابها، بين من يربطها بسياق دولي، ومن يحمل الدولة مسؤوليتها.

ضرورة الاعتراف بالأزمة السياسية

دعا نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إلى ضرورة الاعتراف بوجود أزمة سياسية في البلاد، معتبرا أن هذا الوضع أصبح واقعا ويسائل الجميع.

وأوضح بنعبد الله خلال افتتاحه لأشغال هذه الندوة، أنه “آن الأوان للقول إن المسار السياسي في البلاد يسائل الجميع، وهناك أزمة في الممارسة السياسية ولا يمكن نكرانها”.

وانطلق بنعبد الله من الأزمة الحالية التي يعيشها قطاع التعليم، وقال إنها تصلح منطلقا لمراجعة الوضع السياسي بالبلاد، ومساءلة الدولة.

بنعبد الله بدا منتشيا بإحياء هذه الندوة لتجمع “أحزاب الكتلة” بمشاركة ممثل عن كل من أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى جانب حزبه، في وقت يسعى إلى إعادة ربط الاتصال مع حزب الاتحاد الاشتراكي بعد سنوات من التوتر في العلاقة، فيما قال إن علاقته بالاستقلال لم تنقطع.

مفارقة التوافقات والأزمات

من جانبه، استغرب عبد الحميد الجماهري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال مداخلته من وجود أزمة سياسية في البلاد، على الرغم من التوافقات الكبرى خلال المرحلة الأخيرة، واصفا الوضع بالمفارقة.

وأوضح الجماهري أنه مثلا خلال الفترة الأخيرة، كان هناك توافق حول ضرورة إصلاح المدونة لكن الوصول إلى مرحلة المراجعة استدعى دخول الملك لتذكير المؤسسات الدستورية بالتفاعل مع هذا المطلب، ما يستدل به على القول بأن المغرب لا يعيش أزمة دستورية منذ 2011 ولكن أزمة مؤسسات.
ومن بين الفارقات التي تحدث عنها الجماهري، أن المغرب يعيش فترة توافق حول الدولة الاجتماعية، وفي نفس الوقت يعرف حالة إجهاد مهني أدت إلى ما أدت إليه في قطاع التعليم وخلفت احتقانا اجتماعيا.
“زنا محارم ديمقراطي” يقف وراء الأزمة

ومن بين ما يفسر به القيادي الاتحادي عبد الحميد الجماهري الأزمة السياسية التي يعيشها المغرب حاليا، كون الذين دافعوا عن الإصلاحات الكبرى في السنوات الأخيرة ليسوا هم الذين نجحوا في الانتخابات منذ سنة 2011، ما أنتج حقلا سياسيا مغلقا انطلاقا من الحكومة وإلى آخر حلقة فيه وهي الجماعات الترابية.

كل هذه العوامل، أنتجت حسب الجماهري ضيقا في هوامش التعبير، محذرا من بروز أزمات قادمة قد تكون أقوى يقابلها ضعف في الوساطة.

ومن بين الأسباب التي يرجع إليها الجماهري الوضع السياسي المتأزمة، بروز ما وصفه بـ”زنى المحارم الديمقراطي”، وهو الجمع بين المال والسلطة، داعيا إلى مواجهته بـ “توحيد القيم”، وجعل الجميع سواسية أمام الديمقراطية.

ضرورة مساءلة علاقة الأحزاب بالدولة

من جانبه، يميل عبد الجبار الراشدي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال إلى تفسير الأزمة السياسية بالمغرب بالسياق العالمي، والذي قال إنه مطبوع بتراجع الإيديولوجيا والفاعلين السياسيين لصالح بروز فاعلين جدد مؤثرين في السياسات العمومية، مثل الحركات الاحتجاجية في واقع “أصبح يتجاوز الأحزاب أحيانا”.
وبخلاف المتدخلين السابقين، فإن الراشدي يميل إلى مساءلة العلاقة بين الدولة والأحزاب، لأن “دور تأطير المواطنين له شروط ويجب مساءلة العلاقة بين الدولة والأحزاب وما نريده منها وهل هناك إرادة لتقوية دور الأحزاب السياسية أم هناك حنين لتعليق الفشل على الأحزاب السياسية”.
في المقابل يدعو الراشدي كذلك إلى نقد ذاتي على طريقة زعيمه في الحزب علال الفاسي، وقال في هذا الصدد “لا يجب أن نعلق كل الإخفاقات على الطرف الآخر ونعمل النقد الذاتي على أنفسنا”.
مساءلة الذات الحزبية، يشمل حسب القيادي الاستقلالي طرح أسئلة حول قدرتها على تدبير الاختلاف والتعددية داخل أجهزتها، وضمان ديمقراطيتها الداخلية وتحصين الحزب من التدخلات الخارجية وضمان استقلالية أدواره.
إرادة للإجهاز على الأحزاب وتجريف الحقل السياسي

من جانبه، يميل كريم التاج عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية كذلك إلى تحميل السلطة مسؤولية الازمة السياسية، لأن هذا الواقع حسب قوله لم يأتي من فراغ بل نتاج لعدد من التدابير التي أفقدت الأحزاب لقدرات كانت تتمتع بها إلى وقت قريب.
وقال التاج في مداخلته خلال نفس الندوة، إن “الأحزاب كانت تؤطر وتنتج وتترافع وفجأة توقف وهذا كان بفعل فاعل، كانت هناك إرادة للإجهاز الأحزاب وتجريف الحقل السياسي واختيار نخب بعينها لتكون بفعل قوانين انتخابية وممارسات وسلوكات”.

وحسب التاج فإن مسؤولية الأحزاب في ظل هذا الواقع المتأزم تتلخص في مدى قدرتها على المقاومة، حيث قال إن “هذه الممارسات كانت دائما وفي وقت ما كان التعذيب والاعتقال وقطع الأرزاق ومآسي حقيقية عاشتها أجيال سابقة، ولكنها ووجهت بالقدرة على المقاومة، وهذا هو الغائب اليوم”.

وانتقد التاج ما قال إنها توافقات قدمتها الأحزاب في المرحلة الأخيرة تحولت إلى تنازلات، مثل موافقتها على تعديل القاسم الانتخابي في الانتخابات الأخيرة، وهي خطوة يقول إنها “أفقدتها قدرتها على التفاوض”.
ويرى المتحدث ذاته، أن عددا من الإجراءات التي شملت الحقل السياسي مؤخرا، أنتج نخب “هم اختاروها”، في مسار يقول إنه “محسوم النتائج” .