زواج ليلة تدبيرو عام !
انتصار نادي مانشستر سيتي بكامل جيش نجومه، وأمواله وإمكانياته وتاريخه، على الوداد الرياضي بكامل فقره ومشاكله وعشوائية تسييره، بحصة هدفين لصفر، وفي مباراة رسمية في منافسة جديدة يحضرها عمالقة أندية العالم، هي نتيجة لا يمكن إعطاؤها وصفا آخرا غير أنها مشجعة ومشرفة للفريق المغربي ولم تصب أحدا بأسى الهزيمة.
الحقيقة أن أغلبنا عندما أفرزت كويرات قرعة مونديال الأندية، إسم الوداد الرياضي، في مجموعة واحدة مع العملاق الإنجليزي، لم يكن يتوقع هذا السيناريو الذي شهدته مباراة أمس.
لقد توقع الكثيرون حصة كبيرة من الأهداف في مرمى الوداد، وسيطرة بالطول والعرض على مجريات اللعب.. بل إن البعض توقع “بهدلة” تاريخية من لاعبي بيب غوارديولا، خصوصا في الفترة التي أعقبت فوزهم بدوري أبطال أوروبا وكانوا يأتون على الأخضر واليابس في إنجلترا، وكانوا في صورة الفريق المرعب الذي يستحيل إيقافه.
لكن مباراة أمس، ورغم كل الفوارق في قيمة الفريقين، اتضح أن مانشستر سيتي لم يعد ذلك البعبع الذي لا يمكن هزمه، وقد تراجعت كثيرا قوته الضاربة في امتلاك الكرة والضغط على الخصم والتفوق البدني الرهيب، زادته عوامل أخرى ضعفا أمام الوداد، والمتمثلة في الحرارة المفرطة، والإنهاك البدني الناجم عن موسم شاق وطويل.
هذا لا ينقص شيئا مما قدمه الوداد الرياضي على أرضية الملعب من مجهود، ومن ندية في مجابهة لاعبين من العيار الثقيل، رغم عامل الطقس الحار، وارتباك البداية، ومن لمسة تكتيكية واضحة للمدرب أمين بنهاشم الذي اجتهد قدر المستطاع لتهييء فريقه داخل مدة وجيزة وفي ظروف استثنائية بعد الإستغناء عن المدرب الجنوب إفريقي رولاني ماكوينا.
الأسئلة التي يجب طرحها الآن على مسؤولي الوداد الرياضي هي: هل تم تدبير مرحلة الإعداد لمونديال الأندية بالطريقة الإحترافية التي تليق بقيمة هذه النسخة الجديدة؟ ألم يكن بإمكان الفريق الأحمر أن يكون الآن مُسجِلا لنتيجة تاريخية على هذا السيتي، لو تم التخطيط بطريقة مدروسة قبل سنة من اليوم لهذه المشاركة التي قد لا تتكرر إلا بعد سنوات طويلة ؟ ألم يضيع آيت منا ومن معه وقتا ذهبيا عندما تعاقد مع مدرب “ما عرف راسو من رجليه” في المغرب، ومع لاعبين تبين أنهم “حصلة” من العيار الثقيل؟
أليس القيام بمجموعة من التعاقدات قبل أسبوعين من مونديال الأندية، على طريقة تشكيل فرق الأحياء استعدادا لدوري رمضان، يستدعي محاسبة كل من فكر في هذه “الكوميديا” الكروية الغريبة؟ وهل كان مشتتو أموال الوداد على لاعبين “پيريمي”، يعتقدون أن أسبوعين فقط كانا كافيين لإعداد فريق قوي قادر على مواجهة تشكيلة تمارس مع بعضها لسنوات مع نفس المدرب؟ ألم يسمعوا بالمثل المغربي البليغ “زواج ليلة تدبيرو عام” ؟
لا أعتقد أن هناك إجابة عن هذه الأسئلة، أو أن هناك من سيعي درس وجوب التهييء للمناسبات الكبيرة بالكفاءة والذكاء اللازمين.. التدبير الأرعن لمرحلة ما قبل مونديال الأندية، سيتم تفادي الحديث حوله ب”الغميق” المعهود والكلام الطويل والعريض حول “المشاركة المشرفة” و”الوداد العالمية” و”دخول التاريخ” وبعدها لاشيء.. أما الإعتراف بكل ذلك “الدبيز” الذي تم به الإعداد لمناسبة عالمية.. فتلك ليس عادة مغربية بكل تأكيد.