story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

بلقشور يريد “الليغا” في المغرب !

ص ص

الإشتغال على أرشيف الدوري الإسباني لكرة القدم “لاليغا”، أوصلني إلى حقيقة الوضع البئيس الذي كانت عليه المباريات إلى حدود نهاية ثمانينيات القرن الماضي، من خلال ملخص مطول على اليوتوب لمباراة نادي مايوركا بحارسه وعميده بادو الزاكي، ضد ضيفه نادي أتليتيك بلباو، حيث كانت المباراة تدور نهارا في جو حار وملعب مليء بالحفر الكبيرة، ونصف عشبه يميل إلى اللون الأصفر، فيما اللعب يتوقف كل مرة بسبب الإلتحامات العنيفة والإحتجاج على التحكيم، وجمهور “ناشط” وراء مرمى الزوار بالسب والحركات البذيئة.

ولكي يكتمل ذلك الإنحطاط الكروي بشيء طريف، أظهرت كاميرا الملعب حكام المباراة، وهم يتناوبون على شرب الماء من “بيدوزة” بلاستيكية، بعدما أوقفوا المباراة لعلاج أحد اللاعبين المصابين، في دليل واضح على فقر الإمكانيات والخصاص الذي كانت تعرفه البطولة الإسبانية على جميع المستويات.

تذكرت هذا الملخص وأنا أطالع خبر توقيع رئيس العصبة الإحترافية المغربية، عبد السلام بلقشور اتفاقية “شراكة استراتيجية” مع رابطة الدوري الإسباني “لاليغا”، في خطوة وُصفت بالمفصلية ضمن مسار تحديث كرة القدم الوطنية والارتقاء بمستوى الاحتراف في المغرب، وذلك بحضور رئيس الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، وسفير المملكة الإسبانية بالرباط، إلى جانب أعضاء المكتب المديري للعصبة ورؤساء الأندية المنضوية تحت لوائها، وكذا وفد إسباني من كبار مسؤولي “لاليغا” في مقدمتهم خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم.

وقيل أيضا في بلاغ الإتفاقية، أنها “تندرج في إطار رؤية استراتيجية طموحة تتبناها العصبة، ترمي إلى تعزيز قدراتها التنظيمية والرفع من جودة التسيير الإداري والمالي، عبر الاستفادة من تجربة الدوري الإسباني، أحد أنجح الدوريات العالمية من حيث التنظيم، والتسويق، واستقطاب المواهب”.

ما نعيشه اليوم على مستوى بطولتنا الوطنية يشبه بشكل أو بآخر ما كانت تعيشه “لاليغا” قبل ثلاثين سنة، خصوصا على المستوى التقني، قبل ان تخطو خطوات عملاقة منذ بداية التسعينات، عبر استراتيجية مدروسة، ماليا وتقنيا ولوجيستيكيا وإعلاميا، جعلت القطاع الخاص باستثماراته المليارية ينزل لاستغلال منتوج كروي يرتقي مستواه تدريجيا حتى صارت “لاليغا” اليوم واحدة من ثلاث أفضل بطولات العالم، وتوقيع اتفاقية شراكة مع رابطتها للإستفادة من تجربتها المبهرة، لا يمكنه إلا أن يكون شيئا إيجابيا ومفيدا لكرة القدم المغربية إذا ما توفرت شروط هذه الإستفادة.

الحقيقة التاريخية تقول أن كرة القدم داخل إسبانيا لم تعرف لوحدها هذا التطور الهائل دون باقي الرياضات، كما يريدون للكرة ان تكون في المغرب، بل جاء تطورها ضمن سياسة حكومية شاملة استهدفت الرياضة بجميع أنواعها منذ أولمبياد برشلونة 1992، عبر تفعيل المجلس الأعلى للرياضة ودعم الجامعات الرياضية الإسبانية وفق شروط المراقبة والحكامة والتركيز على التكوين وإعداد الفئات الصغرى لدخول عالم الإحتراف، وما نشاهده حاليا من إزدهار للدوري الإسباني لكرة القدم وإشعاعه عالميا وتحوله إلى نموذج في التدبير والتسويق، نجده أيضا في رياضات مختلفة (مع فارق الشعبية)، حيث يبرز الإسبان رياضيا كل أسبوع، ودائما ما تجدهم يحتلون مساحة واسعة في اهتمامات وسائل الإعلام العالمية.

إستفادة كرة القدم المغربية من التجربة التدبيرية والتسويقية للدوري الإسباني، أمر ممكن، والقول أن الفوارق الكبيرة في المستوى الكروي بين البلدين، سيجعل هذه الإستفادة “ما راكباش”، هو في الحقيقة مبرر لمزيد من التقاعس والخمول وترك الوضع على ما هو عليه.

الواقع أنه لدينا كل الإمكانيات لننطلق نفس انطلاقة الإسبان في بداية التسعينات، لكن بشرط أن نحول سياستنا الكروية التزويقية الباحثة عن ترويج إسم المغرب، إلى سياسة رياضية حكومية تكون فلسفتها الأولى هي ضمان الحق الدستوري للمواطن العادي في ممارسة الرياضة التي يريد، بالدعم والمحاسبة وعقد الأهداف مع الجامعات الرياضية .. ومنها ستأخذ كرة القدم الإحترافية نصيبها من التطور بعد أن نكون قد وفرنا جميع شروط الإستفادة من تجارب البلدان الناجحة.