بين مقتضيات إيجابية وتعسفية.. محامون يناقشون قانون المسطرة الجنائية

يناقش محامون وأكادميون، يوم الجمعة 21 مارس 2025، مشروع قانون المسطرة الجنائية 03.23، ومدى تمكنه من الإجابة على ما اعتبره المنظمون “أسئلة حارقة” تخص تنزيل الأهداف المرجوة منه، باستحضار البعد الحقوقي، وضمان التوازن بين مقتضيات الأمن والنظام العام من جهة، وضمانات المحاكمة العادلة من جهة أخرى.
ويتطرق النقاش المفتوح الذي ينظمه حزب التقدم والإشتراكية، في دار المحامي بالدار البيضاء، لعناوين عريضة، يتعلق أبرزها بقراءة في مشروع قانون المسطرة الجنائية، وإجراءات البحث التلبسي ومسطرة التحقيق ومستجدات المشروع، إضافة إلى المتطلبات الإجراءية لمكافحة جرائم الفساد ضمن المشروع.
وفي هذا الصدد، قالت لبنى الصغيري المنسقة الوطنية لقطاع المحامين بحزب التقدم والاشتراكية، إن هذه الندوة من شأنها الإجابة على سؤال مدى استطاعة مشروع قانون المسطرة الجنائية بالتعديلات والإضافات، والنسخ التي يحملها أن يحقق الآفاق المنتظرة منه.
وأضافت الصغيري أن النقاش سيتطرق أيضاً إلى مدى ملائمة مشروع قانون المسطرة الجنائية لروح الدستور و التزامات المغرب الدولية و تقليص الأدوار الضرورية، والحيوية للمحامي والدفاع في القيام بمهامه، وكذا دور جمعيات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية في ممارسة أنشطتها بالرغم من النصوص الدستورية التي يخولها الحق في المشاركة المواطنة والديمقراطية”.
ومن جانبه، سجل عبد الرحيم بنصر، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يتضمن بعض المقتضيات الإيجابية لمكافحة الظاهرة الإجرامية وفق متطلبات المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دولياً، غير أنه بالمقابل يرى أن هناك مقتضيات “متعسفة وتضرب في العمق ما يطمح إليه المغرب، من توسيع لمجالات الحريات وسيادة القانون”.
وقال بنصر إن أحكام المشروع المذكور تقيد دور النيابة العامة، التي لم تعد لها سلكة المتابعة إلا بناء على طلب من وكيل الملك لدى محكمة النقض، الذي أيضاً لم تعد له سلكة الأمر بالبحث والمتابعة وفقاً للمتحدث، إلا إذا توصل من المؤسسات المحول لها ذلك بتقرير حول الجرائم المالية.
وأشار المتحدث إلى أن مشروع القانون المذكور يفتقد إلى آليات قانونية ومسطرية تضمن مبدأ تكافؤ الفرص بين سلكتي الاتهام والدفاع. مضدداً على ضرورة أن تحظى هذه الملاحظات وغيرها بالمناقشة اللازمة لإغناء التوجه الإيجابي العلم للمشروع.
ويشارك في الندوة كل من وزير العدل السابق المصطفى الرميد، وعبد الرحيم الجامعي نقیب سابق لهيئة القنيطرة، بالإضافة إلى محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية الحماية المال العام، ولبنى الصغيري المنسقة الوطنية لقطاع المحامين.
كما ستعرف الندوة أيضا مشاركة حسن بيراوين، نقيب سابق لهيئة الدار البيضاء، وجميلة السيوري، رئيسة جمعية عدالة، وعلي عمار محام بهيئة الرباط، بالإضافة إلى محمد قيلشأ أستاذ القانون الجنائي بجامعة ابن زهر بأكادير.
وتنعقد هذه الندوة في وقت يستمر فيه عمل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، التي تواصل المناقشة التفصيلية لمواد مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، قبل عرضها في جلسة عامة على نواب المجلس، لمناقشتها والتصويت عليها.
وكان وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، قد أوضح خلال تقديمه لمضامين مشروع القانون أمام أعضاء اللجنة أن هذا الأخير “يروم تعزيز مجال الحقوق والحريات ويجسد انخراط المغرب التام في الالتزامات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة”.
وأكد الوزير أن هذا المشروع يهدف أيضا “لتحقيق الموازنة بين شراسة الجريمة وتهديدها لأمن الإنسان وسلامة المواطن في بدنه وممتلكاته من جهة، وحماية الحقوق الأساسية للأفراد كما أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ودستور المملكة من جهة ثانية.”
ومن بين مستجدات مشروع القانون، بحسب الوزير، “ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها من خلال توسيع وعاء الجرائم القابلة للصلح”، و “وضع آليات للوقاية من التعذيب تماشيا مع الالتزامات الدولية في مجال مناهضة التعذيب وغيره من ضروه المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، إلى جانب “تطوير آليات مكافحة الجريمة وتقوية آليات التعاون الدولي”.