اليونسي: الاستقلال لم يستطع الخروج من أزمته التنظيمة
بعد 3 أيام من النقاش والتدافع بين تيارات حزب الاستقلال بمدينة بوزنيقة انتهى يوم أمس المؤتمر الوطني الـ 18 للحزب بالتجديد للأمين العام نزار بركة لولاية ثانية لكن دون أن ينجح هذا الأخير في طرح لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية للتصويت من طرف المجلس الوطني، بالرغم من التوافقات التي أجمع عليها الاستقلاليون أشهرا قبل المؤتمر، فضلا عن الامتيازات التي أصبح يحوزها منصب الأمين العام لحزب الميزان بعد التعديلات التي عرفها النظام الأساسي للحزب. أبرزها التعديل الذي يخول للأمين العام الحق في تقديم لائحة من 30 عضوا مرشحا للجنة التنفيذية يصادق عليها المجلس الوطني دفعة واحدة بدل التصويت على كل مرشح على حدة، كما جرت عليه العادة.
وإذا كان فشل الحزب في انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية داخل جلسات المؤتمر لا يثير إشكالا قانونيا إلا أنه يؤشر على أزمة سياسية تعيشها أغلب الأحزاب السياسة بالمغرب حسبما يراه عبد الحفيظ اليونسي أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة السن الأول بمدينة سطات، “المؤتمر الوطني لحزب الاستقلال هو استمرار للأزمة التنظيمية التي رافقت انتخاب نزار بركة كأمين عام وهذه الأزمة التنظيمية مردها أساسا إلى محاولة القطيعة مع مرحلة شبا ط وظهور تيارات داخل حزب الاستقلال وإن كانت هذه التيارات غير معلنة ولكن يتم تصريفها عن طريق الصراعات التنظيمية وليس عن طريق الاختلافات في المواقف من القضايا السياسية والفكرية المطروحة في الساحة”.
وشدد الأستاذ الجامعي على أن ” انتخاب اللجنة التنفيذية للحزب يعود إلى المجلس الوطني وليس إلى المؤتمرين، وبالتالي فإن تأخير انتخاب اللجنة التنفيذية خارج الآجال المحددة للمؤتمر من الناحية القانونية لا يطرح أي إشكال قانوني، لكنه يطرح مشكلا من الناحية السياسية هو أن حزب الاستقلال لم يستطع الخروج من أزمته التنظيمية”.
وأضاف اليونسي أن حزب الميزان لا زال “مرتهنا لأمرين، أولهما هو أن القطيعة مع مرحلة شباط رتبت موازين القوى داخل حزب الاستقلال هذه موازين القوى تجد جذورها في تدبير ما هو مناطقي وما هو جغرافي، وهذا الأمر سينتج عنه أمرين اثنين، الأمر الأول هو إضعاف مؤسسة الأمين العام الذي سيبقى مرتهنا لهذه التوازنات والتوافقات التي وقعت من داخل المؤتمر، ثم سيكون هناك صراع فيما يتعلق بآثار العضوية في اللجنة التنفيذية أو في قيادة الحزب على مستوى المسؤوليات الحكومية على اعتبار أن الحزب مشارك في الأغلبية الحكومية”.
وأصدر الحزب، مساء أمس، بلاغا أعلن من خلاله أن الأمين العام ترك دورة المجلس الوطني مفتوحة حتى يتمكن من القيام بما أسماه “المشاورات الحزبية الضرورية وتوسيع الاستماع للفعاليات المعنية”، من أجل إعداد اللائحة التي سيقترحها لعضوية اللجنة التنفيذية، تعكس ما وصفه البلاغ “بمصلحة الحزب ورهانات تقويته ووحدته وتماسك بيته الداخلي”، وهو عكس ما ذهب إليه الأستاذ الجامعي عبد الحفيظ اليونسي الذي أكد أن الأمر يدل على أزمة تنظيمية دخلها الحزب منذ مدة ليست بالقصيرة.
“الصراع داخل حزب الاستقلال في العموم هو صراع تنظيمي بدرجة أولى، وهذا الصراع كانت له تجليات كثيرة بحيث أن الحزب عرفا انشقاقا حزبيا وإن لم يؤثر على بنيته، وبالتالي انتقل الحزب خلال أزمته التنظيمية من تدبير مواقف ذات طبيعة سياسية إلى تدبير اختلافات أخذت بعدا مناطقيا، وهذا هو المشكل في حزب الاستقلال بحيث يتم التوافق بناء على هذه الكثل المناطقية يعني بحسب قدرة كل منطقة على تعبئة مناضليها والتحكم في الخريطة المؤتمر” يوضح اليونسي.
وعلى الرغم من كل الامتيازات غير المسبوقة التي منحب للأمين العام نزار بركة والتي تجسدت في التوافقات القبلية، والدفع به مرشحا وحيدا لمنصب الأمين العام، وتخويله تقديم لائحة ثلاثين عضوا في اللجنة التنفيذية للتصويت عليها في المجلس الوطني، مع سلطة مطلقة في إضافة أربعة أعضاء آخرين، وغيرها، إلا أن بركة لم يستطع تقديم لائحة الـ 30 عضوا المرشحين لعضوية اللجنة التنفيذية، وهو الأمر الذي يسائل استقلالية القرار لحزب الاستقلال.
وفي هذا الإطار، يقول أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن استقلالية القرار الحزبي في المغرب، “إشكال كبير جدا كون غالبية الأحزاب السياسية في المغرب تفتقد إلى الاستقلالية ومن المؤكد على أن رسم خريطة التوازنات داخل المؤتمر تكون أيضا حتى من خارج البنية الحزبية وبالتالي فإن اختيار اللجنة التنفيذية يكون بناء على موازين القوى داخل المؤتمر ورسم موازين القوى للتحكم في الحزب كبنية ذاتية، فضلا عن عوامل أخرى تتحكم في هذا الأمر”.
وخاض نزار بركة بعد إعادة انتخابه أمينا عاما لحزب الميزان لولاية ثانية مفاوضات شاقة مع باقي الأطراف الاستقلالية خاصة مع تيار الصحراء الذي يتزعمه حمدي ولد الرشيد، من أجل تقديم لائحة متوافق بشأنها تضم 30 اسما من بين 107 أسماء مرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية، غير أنه لم يفلح في ذلك بسبب تباعد وجهات النظر حول طبيعة الأسماء المرشحة.