story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

نجاح إفريقي ناقص

ص ص

نجاح فوزي لقجع في الحفاظ على عضويته في المكتب التنفيذي للإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” كان منتظرا وشيئا غير قابل للنقاش أو التشكيك، بالنظر للنفوذ الذي أصبح يمتلكه ابن بركان في القارة الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، وأيضا بالنظر للشراكات الكثيرة مع اتحاداتها الكروية، التي تستفيد من المساعدات المغربية المالية والتقنية واللوجيستيكية، وأيضا من استضافة المنتخبات التي لا تتوفر على ملاعب قانونية في بلدانها.

لكن الذي لم يكن منتظرا هو هذا العدد القياسي من الأصوات الأقرب إلى الإجماع التي حصل عليها لقجع، والتي لم يحلم بها حتى رئيس الكاف باتريس موتسيبي نفسه، حيث صوت على المغرب 49 اتحادا كرويا إفريقيا من أصل 54، مع عدم احتساب ورقة تصويت أخرى كانت تحمل اسمه أيضا.. وإذا حدفنا الصوت المغربي تتبقى ثلاثة أصوات اختارت التصويت لمرشح آخر، (الجزائر وتونس وجنوب إفريقيا)، وهي حصيلة فيها ما فيها من الخلاصات.

أولها أن المغرب استطاع عن طريق القوة الناعمة لكرة القدم اختراق تحالفات إفريقية كانت دائما تصطف إلى جانب خصومه في قضية الصحراء المغربية ومصالحه الإستراتيجية الأخرى، ودخل مع الكثير من بلدان القارة السمراء التي كانت محسوبة على محور الجزائر وجنوب إفريقيا، في علاقات تعاون فهمت من خلالها هذه البلدان بكل برغماتية أين الجهة التي من المفيد الوقوف في صفها.

ثانيها أن إفريقيا أكدت اختيارها للمغرب كقاطرة جديدة لكرة القدم في القارة السمراء، بعد سنوات طويلة من تنقل هذا الدور بين مصر وتونس والكاميرون، وأيضا جددت ثقتها في فوزي لقجع كمترافع قوي عن الإتحاد الإفريقي في أكبر هيئة كروية عالمية التي هي “الفيفا”، والتي يعلم الجميع ضرورة التوفر فيها على صوت يحظى باحترام تام من قيادتها، ومن علاقات متشعبة داخل دواليبها.

ثالثها وهي أن هذه النسبة العالية من الأصوات الإفريقية التي مُنحت لفوزي لقجع، يمكن اعتبارها دعما معنويا بطريقة غير مباشر للمغرب في المحطات الكروية التي سيحتضنها وأولها كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، وهو ما يفتح المجال للكثير من أوجه الشراكات والتعاون التي تتجاوز كرة القدم إلى الملفات السياسية والإقتصادية والإستراتيجية.

فوزي لقجع مهما اختلفنا نحن داخل المغرب في الموقف منه، ومن طريقة تدبيره الداخلي لكرة القدم المغربية، أو ما ما يتخذه في منصبه الوزاري من قرارات لا تلقى الكثير من الترحيب لدى البعض من المغاربة.. فالحقيقة التي لا تحتاج إلى “تطبيل” أو تملق، هي أن الرجل يُعد اليوم واحدا من أنجح مسؤولي الدولة بالنظر لنتائج مهامه خارج المغرب، ونجاحه “الرياضي” في الكثير من المحافل القارية والدولية والتي تمهد لعمل آخر على المستوى الدبلوماسي تكمله مصالح وزارة الخارجية ومؤسسات سيادية أخرى.

لكن ومن باب الموضوعية، فنجاح فوزي لقجع في تعزيز مكانة المغرب على مستوى القارة الإفريقية وعلى مستوى الفيفا، هو نجاح ناقص ما دامت كرة القدم المغربية على المستوى المحلي لازالت تعيش عصور الهواية والعشوائية، والأندية الوطنية لم تعرف “ساسها من راسها” في الإحتراف…

صحيح أن العديد من الأمور قد عرفت طريقها إلى الهيكلة والتحديث في عهد لقجع، وأن الكثير من العقليات القديمة لمسيري الأندية ترفض التغيير في ملفات وقضايا حاسمة، ولكن مسؤولية رئيس الجامعة تبقى ثابتة في فرض مشروعه وتصوراته بدون مهادنة أو محاباة لأحد، فمن غير اللائق أن تتكرس تلك المفارقة حول نجاح المغرب في تغيير شيء من الواقع الكروي الإفريقي، فيما يعجز محليا طيلة هذه السنوات، عن الإنتقال إلى بطولة احترافية سليمة تلقى القبول من الجمهور والمستثمرين على حد سواء.