“يُهدد شرعية الانتخابات”.. المعارضة تنتقد “ضعف” التحسيس بالتسجيل في اللوائح الانتخابية
بعدما لم يتبقَّ سوى ثلاثة أيام على انتهاء فترة التسجيل في اللوائح الانتخابية ضمن المراجعة السنوية لسنة 2026، المحددة في 31 دجنبر الجاري، تتجه الأنظار إلى حصيلة هذه العملية التي تهم المواطنين غير المسجلين سابقًا، وكذا الشباب الذين بلغوا سن التصويت، في سياق يُفترض أن يعزز المشاركة السياسية والاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه مكونات الأغلبية الحكومية أن عملية التسجيل تسير في ظروف عادية ودون إكراهات تُذكر، تُعبّر فرق المعارضة عن انتقاداتها لما تصفه بمحدودية الحملات التحسيسية وغياب مواكبة إعلامية كافية، معتبرة أن ذلك ينعكس على وتيرة الإقبال ويطرح تساؤلات حول طريقة تدبير هذه المرحلة.
شرعية محل تساؤل
في هذا السياق، قالت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، إنه مع اقتراب إغلاق باب التسجيل في اللوائح الانتخابية، يظهر بوضوح أن الحديث الرسمي عن سير العملية بشكل عادي “لا ينسجم مع واقع ضعف التواصل والتحسيس”.
وأكدت التامني في حديثها لـ”صوت المغرب”، أن المغرب أمام محطة دستورية أساسية، “لكن الدولة تتعامل معها بمنطق إداري ضيق، بدل مقاربة مواطِنة تضع توسيع المشاركة في صلب أولوياتها”.
وأشارت التامني في هذا الصدد إلى مطالب حزبها بفتح إمكانية التسجيل في اللوائح الانتخابية طيلة السنة، وكذلك اعتماد التسجيل الإلكتروني بالاعتماد على البطاقة الوطنية، والتي كان من شأنها توسيع المشاركة، لكنها شددت على أن كل هذه المقترحات قوبلت بالرفض، مما يدل بحسبها، على “غياب إرادة حقيقية للحد من العزوف”.
من جانب آخر، سجلت التامني “غياب” حملات تحسيسية حقيقية، موجهة للشباب وللفئات الشعبية “التي تعاني أصلاً من التهميش ومن فقدان الثقة في السياسة”، مشددة أن الاكتفاء بـ”إعلانات محتشمة أو بوسائل تقليدية لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الدستورية، ولا يجيب عن سؤال العزوف المتفاقم، إلى جانب ثغرات تقنية تعيق الولوج السلس للمنصة المحدثة”.
والأخطر من ذلك، وفق المتحدثة، هو أن “هذا الضعف في التحسيس لا يمكن اعتباره محايداً”، معتبرة أنه “حين لا تُبذل مجهودات فعلية لتوسيع قاعدة المسجلين، فإن النتيجة تكون عملياً الإبقاء على كتلة ناخبة محدودة، معروفة ومتحكَّم فيها، وهو ما يخدم إعادة إنتاج نفس التوازنات السياسية، بدل فتح المجال أمام تجديد ديمقراطي حقيقي”.
وفي غضون ذلك، شددت التامني على أن الحق في المشاركة السياسية لا يقتصر على فتح باب التسجيل شكلياً، بل يقتضي “التزاماً إيجابياً” من الدولة في التحسيس والتعبئة وضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى هذا الحق.
وشددت على أن “أي عملية انتخابية تُبنى على مشاركة ضعيفة، هي انتخابات تظل شرعيتها السياسية محل تساؤل، مهما كانت سلامتها التقنية”.
“غياب” حملات الإعلام
في السياق ذاته، ساءل النائب البرلماني مصطفى الإبراهيمي، عن مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، وزير الداخلية، عن “الأسباب التي جعلت وسائل الإعلام العمومية المرئية والمسموعة والمكتوبة تمتنع هذه السنة، والمغرب على أبواب استحقاقات ديمقراطية كبيرة، عن التحسيس والتعبئة من أجل تسجيل المواطنين باللوائح الانتخابية”.
وسجل الإبراهيمي، في سؤال كتابي اطلعت “صوت المغرب” على نسخة منه، “انعدام أي حملة تحسيسية، خلافاً للسنوات الماضية، تبرز أهمية هذه العملية التي تُعد شرطاً ضرورياً لممارسة حق دستوري يتمثل في التعبير عن الإرادة الشعبية، سواء عبر التصويت أو الترشح، وذلك سواء من خلال وسائل الإعلام العمومي من قنوات تلفزية أو إذاعية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باستثناء بعض الحملات التي قامت بها بعض الهيئات السياسية أو فعاليات من المجتمع المدني أو مبادرات فردية”.
كما تطرق النائب البرلماني ذاته، إلى “الأعطاب المتكررة التي تدوم لساعات بالنسبة للمنصة المخصصة للتسجيل عبر شبكة الإنترنت، والتي لا تسمح بالتسجيل في بعض الأحيان إلا في ساعات متأخرة من الليل، ما من شأنه حرمان العديد من المواطنين، خاصة الشباب، من التسجيل في اللوائح الانتخابية”.
وأكد الإبراهيمي أن “هذا الوضع غير الطبيعي يثير عدة تساؤلات حول مآل وحصيلة عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية وتداعياتها على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وعلى إفراز نخب ومؤسسات دستورية منتخبة، سواء تعلق الأمر بالجماعات الترابية أو الغرف المهنية للفلاحة والتجارة والصناعة أو بالمؤسسة التشريعية”.
وتساءل في هذا السياق عن الإجراءات المستعجلة التي ستتخذها الوزارة لاستدراك ما تبقى من الوقت خلال الآجال المحددة للتسجيل في اللوائح الانتخابية.