هل يشجع قرار بنك المغرب “مول الحانوت” على اعتماد الدفع الإلكتروني ؟
في خطوة تهدف إلى تشجيع التجار الصغار الى اعتماد الدفع الإلكتروني، قام بنك المغرب نهاية الأسبوع الماضي بإصدار قانون تنظيمي يسقف سعر العمولة على الأداءات الالكترونية التي يؤديها التاجر للبنك عند 0.65 بالمائة، واضعا بذلك نهاية لبعض الممارسات التي ترفع ثمن العمولة إلى مستويات يضطر معها التاجر إلى اقتسام هامش ربحه الضئيل مع الجهة المسؤولة عن عملية الدفع.
وفي ظل هذه الخطوة التي تسعى أساسا إلى تقليل التداول بالكاش في المغرب والذي وصل إلى مستويات قياسية، يتساءل العديدون حول إمكانية اعتماد “مول الحانوت” للدفع الإلكتروني، في ظل تحديات ثقافية وتكنولوجية. بحيث أنه رغم فوائد الدفع الإلكتروني في تسهيل المعاملات، إلا أن واقع تجار القرب المرتبط بهوامش ربح ضئيلة ودور اجتماعي مهم خاصة في الأحياء الشعبية، يجعل هذا الخيار بعيد المنال حاليًا حسب فاعلين.
تعليقا على الموضوع أوضح الطيب أيت أباه عضو سابق بغرفة التجارة وفاعل مهني بمدينة تمارة، أن إمكانية اعتماد التاجر الصغير لخيار الدفع الإلكتروني لا تزال بعيدة جدا، بالنظر أولا إلى الثقافة الاستهلاكية للمغاربة خاصة في الأحياء الشعبية، ثم إلى عدم قدرة معظم التجار الصغار حاليا على استعمال الأدوات التكنولوجية، مشيرا إلى أن الشعار الذي رفعته الحكومات المتتالية المتعلق ب”عصرنة قطاع التجارة” لم يتحقق منه أي شيء إلى يومنا هذا.
وأوضح المتحدث مفسرا أن عمل تاجر القرب لا زال يتسم ببعض العشوائية، حيث عادة ما يقوم التاجر بتوثيق مشتريات زبائنه ممن يستفيدون من خدمة “الكريدي” على قصاصات ورق متفرقة مما يستحيل معه اعتماد خيار الدفع الإلكتروني، رافضا في الوقت ذاته اعتبار “مول الحانوت” كغيره من الفاعلين الاقتصادين بالمغرب خصوصا في ظل الخدمات الاجتماعية التي يقدمها للمواطنين.
في ذات السياق، شدد المتحدث على أن وجود تاجر القرب مرتبط بدور اجتماعي يقدمه بناء على القدرة الشرائية الحالية للمغاربة وعاداتهم الاستهلاكية، حيث يميل العديدون إلى الاعتماد عليه لاقتناء العديد من المنتوجات التي يستعملونها في الطبخ وغيره بكميات ضئيلة قد لا توفرها سلاسل المتاجر الكبرى كالتوابل مثلا أو المواد الأساسية كالسكر والزيت وغيره، مشيرا إلى استحالة اعتماد خيار الدفع الإلكتروني في هذه الحالات بالنظر إلى هوامش الربح الصغيرة جدا.
وتابع أوباه الذي اشتغل كمهني لمدة تزيد عن الـ30 عاما، أن تاجر القرب يتمتع بخصوصيات ثقافية واجتماعية تميزه عن باقي أنواع التجار بالمغرب، حيث يضمن “مول الحانوت” توازن القدرة الشرائية للعديد من المغاربة في الأحياء الشعبية، وبالتالي فإن تحسن القدرة الشرائية للمغاربة في المستقبل سيجعلهم يحولون بوصلتهم إلى المتاجر الكبرى، مما سيؤدي معه إلى “انقراض تجارة القرب”.
وقبل تشجيع تجار القرب على توفير خيار الدفع الإلكتروني، دعا المصدر ذاته إلى البحث عن حلول لتطوير هذا القطاع بشكل يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاجتماعية والثقافية لتاجر القرب الذي لا يركز على حسابات الربح والخسارة كغيره من التجار. مؤكدا أن “مول الحانوت” يشكل موروثا اجتماعيا يجب المحافظة عليه ودعمه لمنافسة السلاسل التجارية الكبرى التي باتت تلج السوق المغربية في السنوات الأخيرة.