story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رياضة |

هشام الدكيك.. نموذج نجاح مغربي

ص ص

اقترن تألق كرة القدم داخل القاعة بوجود اسم لا يمكن تجاهله في أي حديث عن كل ما تحقق من ألقاب وإنجازات، هو هشام الدكيك، الناخب الوطني وابن مدينة القنيطرة الذي يجني اليوم ثمار سنوات من الصبر والعمل القاعدي مع المنتخبات الوطنية والأندية في جميع أنحاء المغرب، والثقة الكاملة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في مشروعه.

ما زال هشام الدكيك يتذكر بتأثر بالغ ما تعرض له في فترة ما، خلال بداية إشرافه على منتخب ال”فوتصال”، من تهميش وسخرية وهو يحاول باستماتة جلب اهتمام مسؤولي الجامعة الملكية المغربية لمشروعه الذي كان يهدف به إعطاء البريق اللازم لنوع رياضي يراكم عقودا من الممارسة في الأوساط الشعبية المغربية.

لم تكن الطريق معبدة لبلوغ كرة القدم داخل القاعة أوجها، بل عانى الدكيك كثيرا في مساره. لم يجد، في بادئ الأمر، عندما تولى مهمة قيادة الأسود سنة 2010، آذانا صاغية لمشروعه، ولا حتى مسؤولين يثقون في قدرته على السير خلف أحلامه الطموحة التي كانت تبدو “أضغاث أحلام” لا غير.

المقربون من هشام الدكيك يتذكرون الأيام التي عاشها غريباً ومهمشا مع كرة القدم داخل القاعة، إلى درجة أن البعض من مسؤولي كرة القدم في المغرب كانوا يقولون عنه أنه يحلم كثيرا وأن مطالبه بخصوص “الميني فوت” كانت بعيدة عن الواقع الكروي المغربي، وأن أحلامه كانت لا تكاد تتجاوز مخيلته، وسبق وأن صرح بذلك كثيرا مؤكداً أن القليل من آمن بقدراته، خصوصاً وأنه انطلق بهذا النوع الرياضي من لا شيء، لكن كل هذا لم ينل من عزيمة الرجل العصامي الذي كان يعرف طريقه جيداً نحو التألق.

بقي مدرب المنتخب المغربي وفياً للاعبيه ولرياضته التي يعشقها ويعرف تفاصيلها الصغيرة، رغم كل الصعاب التي عاشها في بداياته، إلى درجة أنه كان يقضي ساعات طويلة في مكاتب الجامعة الملكية المغربية من أجل معسكر إعدادي لمنتخبه أو دورة تكوينية لمدربي كرة القدم المصغرة، لكنه كان دائما يعود خاوي الوفاض على أمل تكرار المحاولة من جديد.

هو ابن الأحياء الشعبية لمدينة القنيطرة الذي تدرج في كل فئات ناديها المحلي على عهد الرئيس محمد دومو وراعي المواهب الشهير الأب الصويري، كان قد تخلى عن مساره في كرة القدم العادية وجذبته كرة القدم المصغرة، فلعب في فريق أجاكس القنيطري الذي كان يرأسه وقتها محمد الجامعي، الذي يمكن اعتباره مؤسس “الميني فوت” في المغرب، الجامعي الذي وثق في الدكيك وحمله مهمة اللعب وتدريب الفريق في نفس الوقت، وكانت أول تجربة له في قيادة التشكيلة الخماسية، الشيء الذي استهواه وخصص له كل تفاصيل حياته للغوص فيه بالبحث والتطوير وابتكار الطرق والخطط والمهارات.

في بداية إشرافه على تدريب الفريق الوطني تعرض هشام الدكيك لحادثة سير مروعة في الطريق السيار قرب مولاي بوسلهام كادت أن تؤدي بحياته، عندما كان متنقلا إلى مدينة تطوان لمتابعة بعض اللاعبين في مباراة للبطولة الوطنية بغرض دعوتهم للمنتخب الأول، وفرضت عليه الحادثة المكوث في المستشفى العسكري لأسابيع طويلة إثر إصابة بليغة في الرقبة لم يتعاف منها بشكل تام إلى اليوم.

محطة التحول في مشوار هشام الدكيك التي ستفتح له أبوابا كبيرة في تحقيق حلمه بنقل كرة القدم المصغرة المغربية إلى العالمية، كانت سنة 2013 وبداية تحول نظرة المسؤولين للرياضة التي عشقها هشام ووهب لها كل طموحه وتفكيره ووقته، عندما تولى فوزي لقجع رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لتنال كرة القدم داخل القاعة قسطا أكبر من الاهتمام من المسؤولين، ويأخذ الدكيك الثقة الكاملة والإمكانيات المادية واللوجيستيكية لتطبيق مشروعه الذي حلم به منذ أن ولج إلى الرياضة التي امتلكت عقله وكل تفاصيل حياته.

وبعد ثلاث سنوات من المعسكرات والتأطير و التوجيه، استطاع هشام الدكيك بعناصره الوطنية أن يرسم أول إنجازاته، عندما حقق مفاجأة بجنوب إفريقيا وتوّج بلقب كأس إفريقيا للأمم للمرة الأولى في تاريخ المغرب، على حساب المنتخب المصري ب(3-2) بمدينة جوهانسبورغ، اللقب القاري الأول الذي أهل كتيبة الدكيك للمشاركة في نهائيات كأس العالم 2016 بكولومبيا.

ورغم أن المشاركة الثانية في المونديال لم تتعد الدور الأول كسابقتها في إيطاليا سنة 2012، إلا أن ذلك لم يمنع هشام الدكيك و تشكيلته الواعدة من مزيد من العمل وتقوية الأداء، الشيء الذي مكنهم من إهداء الجماهير لقبا ثانيا على التوالي في كأس إفريقيا للأمم التي نظمت بالمغرب سنة 2020 بعد اكتساحهم لمصر في المباراة النهائية بنتيجة (5-0) لتبقى الكأس مغربية إضافة إلى إدراك التأهل إلى المونديال للمرة الثالثة على التوالي.

إنجازات هشام الدكيك مع منتخب كرة القدم داخل القاعة لم تقتصر على الكأس الإفريقية، بل تعداها إلى الظفر بالكأس العربية لدورتي 2021 بمصر و2022 بالسعودية، ليعادل منتخبي ليبيا ومصر في صدارة الفائزين باللقب العربي مرتين.. كما تمكن من التتويج لأول مرة بلقب كأس القارات سنة 2022 عقب الفوز في النهائي على المنتخب الإيراني القوي بضربات الترجيح.

كان منتخب الفوتصال المغربي مع ناخبه الوطني هشام الدكيك على موعد مع مشاركة تاريخية في مونديال ليتوانيا سنة 2021، حيث تمكنوا لأول مرة من تجاوز الدور الأول والتأهل إلى ثمن النهاية كثاني منتخب إفريقي وعربي بعد مصر، بل تعدوا ذلك إلى بلوغ ربع النهاية، بعد فوزهم على منتخب فنزويلا ب3-1 ليجدوا أنفسهم أمام البرازيل، أحد عمالقة اللعبة عالميا، و ينهزموا بصعوبة بهدف يتيم ويخرجوا مرفوعي الرأس.

مع هذه الإنجازات المتتالية، أصبح المنتخب الوطني في عهد هشام الدكيك في ريادة الترتيب العالمي إلى جانب العشر الأوائل من البلدان التي تراكم عقودا طويلا من التألق والإنجازات والألقاب.

بموازاة مع كل ما تحقق على صعيد المنتخب الوطني، يشتغل الدكيك كثيرا على تكوين المدربين باعتباره مؤطرا وخبيرا معتمدا من الفيفا، حيث ساهم في رسم مسار العديد من الأسماء الوطنية الشابة التي تشتغل في الأندية والمنتخبات الوطنية وتساهم في تطوير هذه الرياضة التي أصبحت نموذجا مغربيا للنجاح الرياضي يرى الجميع بضرورة تعميمه على كل المنتخبات الوطنية لكرة القدم.