هذا رأي وهبي فيما أغضب “أمانة المصباح” بمشروع المسطرة المدنية
أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في اجتماع استثنائي رفضها لتبني الحكومة وأغلبيتها بمجلس النواب لمقتضيات تضمنها مشروع قانون المسطرة المدنية، “تتعارض صراحة مع الدستور وتضرب في الصميم استقرار المنظومة القانونية والأمن القضائي ببلادنا”.
ورصد بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عددا من المقتضيات التي اعتبر أنها تمثل مسا صريحا بالدستور، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن المشروع تضمن مقتضيات تؤسس لوضعية التمييز بين عموم المتقاضين من جهة والإدارة من جهة ثانية، حيث يجعل الأحكام الصادرة ضد الإدارة لا تقبل التنفيذ بعد الطعن فيها بالنقض من طرف الإدارة، فيما يجعل الطعن بالنقض من طرف المواطنين لا يوقف تنفيذ الأحكام الصادرة ضد المواطنين لصالح الإدارة، وهي مقتضيات غير دستورية وتراجعية عن المسار التراكمي الإيجابي للقضاء وخاصة القضاء الإداري ببلادنا، وتشكل تهديدا خطيرا لثقة المواطنين والمواطنات عامة والمستثمرين خاصة في منظومة العدالة ببلادنا”، بحسب البلاغ.
وبالعودة إلى تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان المتعلق بمناقشة هذا المشروع، يتضح أن عبد اللطيف وهبي وزير العدل حاول الرد على عدد من الانتقادات الموجهة لهذا المشروع، والتي تضمن بعضها بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية.
ونفى وهبي في مقال نشره على الموقع الإلكتروني لحزب الأصالة والمعاصرة أن يكون المشروع قد تضمن تمييزا بين المواطنين والإدارة، معتبرا أن المادة 383 من المشروع لا تقر أي نوع من التمييز بين المواطن والإدارة العمومية على اعتبار أنها حددت عدد كبير من الحالات التي يوقف فيها الطعن بالنقض التنفيذ في قضايا تتعلق بالأشخاص الذاتيين، مثل قضايا الأحوال الشخصية والزور الفرعي، والتحفيظ العقاري، وتذييل المقررات الصادرة عن المحاكم بالصيغة التنفيذية، وغيرها من الحالات الأخرى المذكورة.
واعتبر وهبي أن القول بمخالفة مقتضيات هذه المادة للفصل 6 من الدستور، هو ادعاء مجانب للصواب بالنظر إلى أنها لم تقم أي استثناء على أساس التمييز بين الأشخاص الذاتيين، وأشخاص القانون العام، إذ أن مفهوم التمييز وفق الدستور والمعايير الدولية ينصرف إلى أن التمتع بالحق لا يكون إلا على أساس تمييزي واضح كاللون أو الجنس، أو الدين، أو الأصل القومي…، وهو الأمر الذي لم تقره هذه المادة. علما أن الفصل 6 من الدستور يعتبر أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة.
وأضاف “أعتقد أن قانون المسطرة المدنية هو قانون، وأن المساواة أمامه يعود إلى كليهما، أي المواطن والمؤسسات العمومية، هذا إذا أدركنا أن المبالغ المطلوبة أو القرارات موضوع النزاع لا تهم فقط الشخص المعني، ولكن تهم كذلك السير العادي للإدارة بما فيها إدارة المال العام، هذا الأخير الذي هو ملك للجميع، والإدارة تقوم فقط بتدبيره من خلال قوانين المالية”.
كما رد وهبي على تخويل النيابة العامة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى، ودون التقيد بآجال الطعن، إمكانية أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام.
واعتبر وهبي أن النظام العام هو المبدأ العام، وأن الأمن القضائي فرع منه، ولا يمكن رهن المبدأ العام بين يدي الفرع، كما أنه لا قيمة للأمن القضائي إذا لم نحافظ على النظام العام، وهو ما يتعين معه حرص الحكومة على أن تضمن للدولة الحفاظ على النظام العام كمسأالة جوهرية، واعتباره العمود الفقري، لاستقرار الدولة الذي يقوم عليه استقرار المجتمع، والذي على أساسه يوجد عيش مشترك، واحترام متبادل، وحماية للحياة الخاصة.
وشدد وهبي أنه، اذا ارتأى أي طرف متضرر من اعمال هذا المبدأ ويرى فيه مسا بحق من حقوقه فإن القضاء الإداري مخول بالمراقبة وضمان التوازن بين مفهومي النظام ومفهوم حقوق المواطنين، مبرزا أن النيابة العامة لا تلغي الأحكام وانما تطعن فيها، والمحكمة تنظر في الطعن وتتأكد من مسألة مس الحكم موضوع الطعن بالنظام العام