“نيران جهنم” التي تسعّر لمصر!
![“نيران جهنم” التي تسعّر لمصر!](https://thevoice.ma/wp-content/uploads/2023/12/3-scaled-e1701875437532-960x540.jpg)
إن الانتباه وقراءة بعض الإشارات التي تمر أمامنا يسهلان علينا كثيرا فهم المسار الذي ستأخذه الأحداث من حولنا في المستقبل …مثال ذلك موافقة الولايات المتحدة على بيع آلاف الصواريخ المضادة للدبابات من نوع هيلفاير لإسرائيل …
لا يهم المبلغ الذي سيكلفه ذلك وهو 660 مليون دولار …ما يهم هو أن الحاجة لصواريخ من هذا النوع ، المضادة للدبابات كما أسلفنا ، إنما تكون في حالة الاستعداد لخوض حرب برية ، وهنا يتبادر للذهن السؤال البديهي التالي : من في جوار إسرائيل يتوفر على دبابات تستوجب التزود بصواريخ هيلفاير ؟ الأردن ؟ هذا البلد لا يتوفر في الحقيقة سوى على جيش متواضع ، بمقاييس الحرب البرية ، يحتل المرتبة 75 في ترتيب أقوى الجيوش حسب ” غلوبال فاير ” وبالتالي لا تحتاج إسرائيل لمواجهته التوفر على سلاح مثل الصواريخ المذكورة …
إن لبنان الذي لا يتوفر سوى على 64 دبابة جاهزة …أم سوريا ؟ هذا البلد الذي كان يحتل المرتبة 64 في التصنيف العالمي قبل أن تدمر إسرائيل كل تجهيزاته مؤخرا ، لا يتوفر تقريبا حاليا لا على دبابات ولا على غيرها من الأسلحة التي تجعل الجيش الإسرائيلي يبادر لشراء تلك الصواريخ ؟ من بقي ؟
لم يبقى هناك في الجوار القريب سوى مصر طبعا …هذا البلد يتوفر فعلا على واحد من أكبر الجيوش في المنطقة وأكثرها تجهيزا وجاهزية بل وتعتبر الحرب البرية عموده الفقري وتعتبر الدبابات العمود الفقري لحربه البرية …حيث تتوفر مصر على أكثر من 3600 دبابة منها على الأقل 2500 جاهزة للقتال ، بينما لا تتوفر إسرائيل سوى على 1300 منها 1040 جاهزة للقتال والأردن على 178 فقط من الدبابات الجاهزة لخوض المعركة.
وللمقارنة ومعرفة قوة مصر البرية يكفي أن نعرف أن كلا من روسيا والولايات المتحدة لا تتوفران إلى على ما يزيد بقليل عن 4000 دبابة ، ولذلك يبدو لي أن هذه الصفقة التي عقدتها إسرائيل مع الولايات المتحدة ليست مبادرة للسلام و” التطبيع ” وإنما هي مبادرة تصعيدية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وتعني ثلاثة أشياء أساسية :
أولا : أن الحرب الحقيقية في الشرق الأوسط لم تبدأ بعد رغم كل ما مر منها، وأن الهدنة الحالية ليست سوى هدنة تكتيكية لغرض التقييم المرحلي وتحسين المخططات ، وأن القادم من هذه الحرب أخطر وأدهى بكثير .
ثانيا وهذا هو المهم : مصر هي الهدف المرحلي القادم للحرب الإسرائيلية في الشرق الأوسط ، وإذا انهارت مصر فلن تحتاج إسرائيل لخوض حرب مع باقي دول المنطقة ، فدول الخليج منها من استسلم وقضى نحبه ومنها من ينتظر وسيستسلم دون مواجهة ، وليست الإمارات ولا السعودية ولا قطر ولا باقي دول الخليج من سيفندون هذا الكلام ، أما في شمال إفريقيا ، بين مصر التي ستُترك لمصيرها وليبيا التي لا تستطيع حتى لملمة أطرافها وتونس التي تكاد لا تملك جيشًا والجزائر التي بدأت بالتودد من الآن لواشنطن وتل أبيب والمغرب الذي استبق المأساة بالتوقيع على اتفاقية التطبيع.
كل هؤلاء سيسارعون ل” السلام” مع إسرائيل فور سقوط القاهرة لا قدر الله ، ولذلك على القاهرة أن تعد نفسها لأيام سوداء وأن تدرك أن الوقت قد حان كي يعود الجيش المصري إلى الثكنات ويستعد لمواجهةٍ لن تكون إسرائيل وحدها هي من تهاجمه وتقصف مواقعه وتدمر قواعده وآلياته كما لن يكون في العربان من يسانده أو حتى يصدر بيان استنكار من أجله .
ثالثا وهذا هو الأهم : إذا كانت إسرائيل لن تجد غضاضة في مهاجمة الدولة التي أسست معها مفهوم ” التطبيع” ووقعت معها أولى معاهدات ” السلام” في المنطقة منذ 1978 ، ومكنتها من الوقت الكافي للاستقواء ، فماذا سيكون مصير باقي الدول التي قامت بالتطبيع مع تل أبيب في السنوات الأخيرة ؟ متى يحين دورها لاستقبال صواريخ هيلفاير…تلك مسألة وقت فقط …
ملحوظة: هيلفاير كلمة إنجليزية تعني ” نيران جهنم “