نظام اختياري بين الوصية والميراث
حملت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول مراجعة مدونة الأسرة، مقترحات لتغيير نظام الإرث، بما يوسع من استفادة النساء منه، ويفتح باب اختيار النظام المطبق على الأموال لصاحبها.
واقترحت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تخويل صاحب المال سلطة اختيار النظام المطبق على أمواله، إما الوصية أو الميراث وحذف اختلاف الدين من موانع الميراث، وذلك بإعمال الاجتهاد وملاءمة النصوص التشريعية مع التزامات المغرب الدولية.
ويقول المجلس إن مقتضيات الميراث في المدونة بقيت حاملة للعديد من مظاهر التمييز وعدم المساواة، ومن صورها صعوبات وصول بعض النساء إلى حقهن في الإرث في ظل غياب أي جزاء قانوني في حالة حرمانهن من الإرث.
كما تحدث المجلس عن إشكاليات قال إنها تشوب نظام التعصيب، حيث أنه في حالة وفاة أحد الزوجين ووجود بنات دون أبناء ينتقل جزء من التركة إلى أقرب وارث بالتعصيب دون أن يتحمل واجب الإنفاق على البنات، كما أن مقتضيات مدونة الأسرة لا تستثني مسكن الزوجية والأموال المخصصة للأسرة من التركة.
ومن بين ما يعيبه المجلس على النظام الحاليـ اعتباره لاختلاف الدين مانعا من موانع الميراث، مما يؤدي حسب قوله إلى عدم التوارث بين الأبناء وأمهم وبين الزوجين.
لمعالجة مظاهر التمييز التي لا زالت تطبع نظام الإرث يجدد المجلس دعوته إلى مراجعة وتعديل الكتاب السادس الخاص بالميراث بما يتماشى مع مبادئ الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت أو انضمت إليها المملكة وخاصة اتفاقية حقوق الطفل، وإلغاء وتعديل جميع الممقتضيات القانونية التي قد تنطوي على تمييز ضد المرأة من أجل إعمال مبدأي المساواة والمناصفة اللذين كرسهما الدستور.
كما دافع المجلس على تخويل الأفراد إمكانية الاختيار بين الوصية وغيرها من التبرعات وبين نظام الإرث مع ضمان الحد الأدنى لتدخل المشرع بقواعد آمرة لحماية بعض الفئات الهشة، وللحيلولة دون استغلال مقتضيات الوصية وغيرها من عقود التبرعات كوسيلة لحرمان النساء أو الفتيات من الإرث، وحذف كل المقتضيات التمييزية التي أصبحت متجاوزة في الواقع.
توصيات المجلس بمراجعة كتاب الإرث والوصية تجد سندها في كونها تدعو إلى تعزيز ملاءمة مدونة الأسرة مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما يقول المجلس غن مقترحات ترتكز على المرجعية السلامية التي تنبني على الاجتهاد المنفتح على تطور المجتمع، حيث تؤكد عدد من القراءات المعاصرة لموضوع الإرث ضرورة وضع النصوص الناظمة لها في سياقهاالتاريخي، واستحضار نظرية التدرج كأسلوب تشريعي واعتماد تحليل مقاصدي يرتكز على مقاصد الدين القائمة على جلب المصالح ودرأ المفاسد وإعمال الاجتهاد وهو المنهاج الأمثل لملاءمة النص مع سياقه