موجة استقالات تضرب فرع “ميرسك” بطنجة بسبب نقلها معدات حربية لإسرائيل

يشهد فرع شركة “ميرسك” للشحن بميناء طنجة المتوسط 2، حالة من الاحتقان الشديد والاستقالات المتواصلة في صفوف العمال، على خلفية تورطها في نقل معدات عسكرية موجهة لإسرائيل، في وقت تستمر فيه حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال ضد المدنيين في غزة.
وعلمت صحيفة “صوت المغرب”، من مصادر داخل الميناء، أن 8 عمال على الأقل قدموا استقالاتهم، منذ نونبر 2024، في الوقت الذي يواجه فيه العمال “مضايقات وضغوطات” من طرف شركة “إي بي إم ترمينالز” (APM Terminals) التابعة لعملاق الشحن الدنماركي “ميرسك”.
وأكدت المصادر “صحة وجود شحنة كبيرة من أجهزة تحليل الأسطح (Surface Analyst)، المخصصة لصيانة طائرات F-35، والتي تُعد ضرورية للحفاظ على جاهزيتها القتالية والتدميرية.
كما أشارت إلى أن أول إعادة شحن تمت في ميناء طنجة المتوسط، في نونبر الماضي، بين سفينتي “دينفر ميرسك” و”نيستد ميرسك”، والتي كانت قد تتبعتها صحيفة “صوت المغرب”، شملت شحنة كبيرة من المركبات العسكرية التكتيكية.
وكشفت المصادر أن الشحنات العسكرية التي تنقلها شركة “ميرسك” عبر ميناء طنجة المتوسط، والتي تم الاطلاع عليها بشكل مباشر، كُتِب عليها “MOD SET OF ISRAEL”، “ما يدل على أنها موجهة إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية”.
وأضافت أن “موجة الاستقالات بدأت في تلك الفترة تحديداً، خاصة بين عُمّال التحكم في الرافعات عن بعد، الذين يمتلكون معطيات دقيقة حول محتويات الحاويات، وزبائنها، ومصدرها ووجهتها”.
وفيما يتعلق بعملية إعادة الشحن الأخيرة، التي تمت بين سفينتي “ميرسك ديترويت” و”نيكسوي ميرسك”، أكدت المصادر أن أقسام العمال في الشركة تلقوا رسالة من رقم مجهول، كُتِب فيها: “Maersk is lying, stop genocide”، أي: “ميرسك تكذب، أوقفوا الإبادة”، وكانت مرفقة بملف يتضمن تفاصيل تقنية حول أجهزة صيانة المقاتلات وكيفية استخدامها.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر “صوت المغرب”: “قمنا بمعاينة الشحنة شخصياً، واطلعنا على مكان تواجدها ومحتواها. وقد شاهدنا معدات تتعلق بأجنحة طائرات F-35، إلى جانب أجهزة صيانة الأسطح.”
وعلى إثر ذلك، “نظّم العمال تصويتًا غير رسمي فيما بينهم لتحديد من يرغب في مقاطعة الشحنات الموجهة إلى إسرائيل”. ووفق المصادر: “أصحاب المبادئ اختاروا المقاطعة، بينما من لا يكترث ولا قيم له، قرر الاستمرار.”
وفي هذا التصويت الذي شمل 3 مجموعات عمالية داخل الشركة، “عبر 28 من أصل 30 عاملاً في المجموعة الأولى عن رفضهم الاستمرار، بينما 21 من أصل 30 في المجموعة الثانية قرروا عدم المتابعة، إلى جانب 28 من أصل 30 في مجموعة ثالثة قرروا كذلك مقاطعة عملية إعادة الشحن الأخيرة”.
ويؤكد العمال “أنهم يتعرضون لمضايقات مستمرة بسبب رفضهم المشاركة في شحن وتفريغ هذه الحمولات، في وقت تمنعهم الظروف المادية والعائلية من تقديم استقالاتهم”، يضيف نفس المصدر.
وأفادت المصادر ذاتها “أن الشركة لا تسمح بأي نشاط نقابي”، مشيرة إلى أن أي محاولة في هذا الاتجاه “تُواجه بالطرد الفوري أو بالضغوطات المتواصلة”.
وكان تقرير صحافي قد كشف، وفقاً لوثائق شحن، عن مرور سفن شركة “ميرسك” عبر ميناء طنجة المتوسط في عملية شحن مكونات مقاتلات “F-35” الأمريكية نحو إسرائيل، والتي تُستخدم في شن غارات دموية على قطاع غزة المحاصر منذ 18 سنة.
التحقيق الذي أجرته صحيفة “ديكلاسيفايد” (Declassified UK) البريطانية ومؤسسة الأخبار الاستقصائية الأيرلندية “ذا ديتش” (The Ditch)، قال إن شركة الشحن العالمية “ميرسك” تنقل أجزاء من مقاتلات “F-35” من مصنع تابع للقوات الجوية الأمريكية في ولاية تكساس نحو ميناء حيفا، ثم إلى قاعدة “نيفاتيم” الجوية الإسرائيلية.
وأفادت صحيفة “ديكلاسيفايد” بأن وثائق الشحن التي اطلعت عليها تشير إلى أن بعض معدات F-35 المحملة على السفينتين “Maersk Detroit” و”Nexoe Maersk” سيتم تفريغها في ميناء حيفا.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن شركة “ميرسك” “أنها لا تملك معلومات عن المكان النهائي للبضائع بعد مغادرتها السفينة، وبالتالي هي لا ترسل شحنات بشكل مباشر إلى الجيش الإسرائيلي”.
ومن جانبها، أكدت شركة الشحن “ميرسك”، في توضيح رسمي، أن فرعها في الولايات المتحدة الأمريكية ينقل بانتظام قطع غيار F-35 بين عدة دول بما في ذلك إسرائيل، حيث تُصنع أجنحة المقاتلات الشبحية، موضحة أن هذه الشحنات “تُجرى نيابة عن الموردين، وليس عن وزارة الدفاع الإسرائيلية”.
هذا وأعلنت عشرات المنظمات والنقابات حول العالم، من بينها هيئات مغربية بارزة، وقوفها ضد عمليات نقل الإمدادات العسكرية الموجهة إلى إسرائيل، داعية إلى تحركات جماهيرية في موانئ عبور السفينتين.
ووقّعت هذه الهيئات، التي بلغ عددها نحو 40 منظمة، على بيان مشترك يدعو شركة الشحن العالمية “ميرسك” إلى التوقف الفوري عن نقل مكونات طائرات F-35 وأي مواد عسكرية أخرى موجهة إلى إسرائيل، تُستخدم في عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.