منظمة دولية تنتقد اتساع فجوة اللامساواة والتفاوتات الطبقية بالمغرب
انتقدت منظمة أوكسفام، اتساع فجوة اللامساواة والتفاوتات الطبقية، في بعض الدول العربية من بينها المغرب، مبرزة في تقرير لها، صدر شهر أكتوبر الجاري، أن نصف إجمالي الدخل بهذه الدول يذهب إلى طبقة الأغنياء الذين يشكلون 10 بالمائة من إجمالي السكان، وبالمقابل يحصل النصف الأفقر من السكان بهذه الدول على 11 في المائة فقط من إجمالي الدخل.
وكشفت المنظمة في تقريريها الذي أنجز حول “فجوة اللامساواة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، أن النخبة الثرية في المغرب ارتفعت ثروتها بين سنتي 2019 و2022، من 28.6 مليار دولار إلى 31.5 مليار دولار.
ويأتي هذا الازدهار في الثروة بالمغرب، على حساب الديون الخارجية للمملكة التي ارتفعت من 45% إلى 69% في الفترة ما بين 2010 و2021، حسب نفس المصدر.
وأضاف التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعد ملاذا للشركات التي تتلقى حوافز ضريبية كبيرة، على حساب المالية العامة للدولة. مبرزا أن التكلفة الاجمالية للحوافز الضريبية للشركات في المغرب برسم سنة 2021، قد عادلت ميزانية الصحة بأكملها لذلك العام.
وأبرز التقرير الذي خصص لفترة ما بعد جائحة كورونا، أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لازالت تعاني من تداعيات الأزمة الصحية لجائحة كورونا، غير أن ” أغنياء هذه الدول استغلوا سلطاتهم السياسية والاقتصادية خلال هذه الأزمة لمراكمة الثروات على حساب الفقراء”، مصيفا أن ما راكمه الأغنياء بهذه الدول خلال 3 سنوات (ما بين 2019 و2022)، “يفوق أكثر مما راكموه خلال العشر سنوات التي سبقت الجائحة”.
وقد عرف مجموع ثروات الأغنياء بالمنطقة، الذين تزيد ثرواتهم الفردية عن 5 ملايين دولار أمريكي، نموا كبيرا، انتقل من 1684 مليار دولار أمريكي سنة 2019 إلى ما يقرب من 3000 مليار دولار أمريكي نهاية عام 2022، حسب المصدر ذاته.
وفي غياب سن أي ضرائب على هذه الثروات، اعتمدت الحكومات في المنطقة على سياسة التقشف، بدلا من تبني سياسات اقتصادية تحد من فجوة اللامساواة، التي يدفع ثمنها الفقراء والطبقات الوسطى. فضلا عن تأثير ذلك على الميزانية العامة للدولة وارتفاع خدمة الدين العمومي.
وقد قدر صندوق النقد الدولي، أن “الفرق بين تحصيل الضرائب الفعلي والمحتمل يساوي في المتوسط حوالي 14 بالمائة من الناتج المحلي، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف ما أنفقته المنطقة على الرعاية الصحية وحدها سنة 2020.
وترى المنظمة حسب التقرير أن فرض ضريبة ثروة بنسبة 5 بالمائة على الأفراد الذين يملكون ثروات تبلغ 5 ملايين دولار أمريكي وما فوق من شأنه أن يوفر إيرادات بقيمة 10 مليارات دولار امريكي. ويمكن استخدام هذه الأموال في تتعزيز الخدمات العامة وتوسيع نطاقها لتشمل من هم في حاجة إليها.
وعلى مستوى المغرب، سيمكن فرض ضريبة على الثروة، من استخلاص ما مجموعه 1.22 مليار دولار، في وقت تتحمل فيه المملكة عبء فاتورة إعادة إعمار بقيمة 11.7 مليار دولار (120 مليار درهم)، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير.
من جانب آخر، أورد التقرير أن عقودا من سياسات التقشف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أدت إلى “إضعاف المؤسسات العمومية، وساهمت في خلق اقتصادات هشة تقوم بشكل كبير على العمالة غير النظامية، وعمل المرأة غير المدفوع الأجر” -حيث كشف التقرير أن النساء يمضين 34 ساعة من العمل في الأسبوع في أداء أعمال غير مدفوعة الأجر-.
ويضيف التقرير أن سياسات التقشف أدت إلى خصخصة الخدمات العمومية، مع انخفاض عدد الأشخاص الذين يستطيعون تحمل تكاليف هذه الخدمات، وهو ما نتج عنه “تفاقم فجوة اللامساواة بين الأغنياء والفقراء”.
وخلص التقرير إلى ضرورة فرض ضرائب على أثرياء منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، من اجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء، من خلال التخلي عن سياسات التقشف وما يمكن أن تخلفه من عواقب مدمرة على اقتصادات دول المنطقة، مع تمكين الحكومات من اتباع سياسات اقتصادية، تعيد توزيع الدخل والثروة واستثمار ذلك بشكل عادل.