story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
ثقافة |

من الملاعب إلى القلوب.. كيف ألهم أسود الأطلس العالم لاكتشاف المغرب؟

ص ص

“عرفتً المغرب من خلال كأس العالم”، هكذا عبّرت أيقونة هوليوود، جودي فوستر، عن دهشتها تجاه المغرب، مؤكدة أن اكتشافها الأول للبلاد لم يأت عبر السينما ولا عبر العمل الفني، بل من خلال الأداء التاريخي للمنتخب الوطني المغربي في كأس العالم لكرة القدم 2022.

وقالت فوستر، خلال مشاركتها في جلسة نقاشية ضمن فعاليات الدورة الـ22 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يوم الأحد 30 نونبر 2025، إنها لم تكن تتوقع أن تُلهمها كرة القدم لزيارة بلد ما، قبل أن يغيّر “أسود الأطلس” تلك النظرة تمامًا، بعد وصولهم إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022.

ووصفت الممثلة والمخرجة الأمريكية تجربتها في مراكش بأنها “ملهمة”، وأعربت عن رغبتها في العودة لقضاء عطلة في المغرب، وفقًا لما نقلته مديرة المهرجان، ميلِيتا توسكين دو بلانتير

الممثلة جودي فوستر ليست الوحيدة التي وقعت في أسر المغرب بفضل أقدام أسوده، إذ أن عدداً من السياح اعتبر بروز المنتخب في المحافل الدولية كان سببًا كافيًا لاكتشاف هذا البلد الغني بثقافاته وطبيعته، وليس مواهبه الكروية فقط.

السائح الإيرلندي مايك، على سبيل المثال، والذي التقته صحيفة “صوت المغرب” في أحد شوارع الدار البيضاء، يزور المغرب بشكل سنوي، وقال: “بدأ ذلك بعد متابعتي للمنتخب المغربي في منافسات كأس العالم 2022″، وأضاف: “احتفالهم بالعلم الفلسطيني دفعني للتفكير في التعرف على هذا البلد”.

ويُبرز هذا الانطباع الدولي الإيجابي الدور الكبير الذي لعبه المنتخب الوطني في تعزيز صورة المغرب عالميًا.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل والصحافي الرياضي محمد بلعودي أن “المنتخب وكرة القدم الوطنية ساهما بشكل كبير في إعطاء المغرب مكانة على المستوى العالمي بعد إنجاز كأس العالم 2022″، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز “لم يكن مجرد نتيجة رياضية، بل جعل من المغرب مفاجأة كأس العالم”.

وأضاف بلعودي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن النسخة الأخيرة من المونديال، والتي كانت الأولى التي تُنظم في دولة عربية، شكّلت فرصة لإبراز المغرب على المستوى الدولي، مضيفًا أن الصور التي عكست التفاعل الجماهيري والعائلي والتضامني بعد كل مباراة أسهمت في تقديم صورة شاملة للنجاح المغربي، “حيث يُظهر الإنجاز الرياضي جانبًا إنسانيًا واجتماعيًا لم يسبق له مثيل، كما جعل المغرب رمزًا عربيًا وإسلاميًا وإفريقيًا في الوقت ذاته”.

وأكد أن هذا التفاعل أعطى صورة للعالم مفادها أن صناعة النجم والإنجاز لا تتعلق فقط بالجانب التقني أو الرياضي، “بل تشمل البيئة المحيطة، والأسرة، والعلاقات الاجتماعية التي تساهم في بناء اللاعبين والنجوم”.

وأشار المتحدث أيضًا إلى أن الإنجاز لم يقتصر على الجانب الرياضي، بل امتد ليشمل بعدًا دبلوماسيًا واجتماعيًا. معتبراً أن الاستقبال الملكي للاعبين وأمهاتهم أبرز الأواصر الأسرية والتضامن في المجتمع المغربي، ما أضاف قيمة رمزية للإنجاز، وأعطى للعالم فرصة التعرف على المغرب من خلال ثقافته وعلاقاته الإنسانية بالنسبة إلى السياح والمؤثرين واللاعبين الدوليين.

كما أن “المجهودات التي قامت بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على الصعيدين الإفريقي والدولي، مثل تنظيم كأس العالم للأندية”، عززت في رأي بلعودي صورة المغرب رياضيًا ودبلوماسيًا، محققة أهدافًا كانت ستستغرق سنوات للوصول إليها بدون هذا الإنجاز.

وعلى المستوى الداخلي، أحدثت الإنجازات الكروية نقلة نوعية في الاهتمام بكرة القدم المغربية، حيث شهدت الأكاديميات الرياضية تطورًا ملحوظًا، و”أصبح لدى الشباب حلم بأن يصبحوا نجومًا، بينما شهدت الأسرة المغربية حماسًا متزايدًا لدعم أبنائها في المجال الرياضي”.

أما على الصعيد الخارجي، فقد منح النجاح الدولي للمغرب قدرة على تسويق نفسه سياسيًا، وسياحيًا ورياضيًا، وجعله بلدًا يُنظر إليه كقوة ناعمة “تمتلك القدرة على تنظيم الأحداث الكبرى على المستوى القاري والدولي”، ما جعله أقرب إلى لقب “العاصمة الإفريقية لكرة القدم”، يضيف المتحدث ذاته.

ويشير الصحافي بلعودي، إلى أن البطولات والنجاحات الرياضية كانت منذ سنوات “بطاقة تعريفية قوية للمغرب أمام العالم، ساهمت في تحسين صورته السياحية والثقافية”.

ووفق المصدر ذاته، “لولا أن المغرب لم يعمل على استثمار هذا الإنجاز الرئيسي في الوقت المناسب، لما تمكن من تحقيق المكاسب الموازية الأخرى”، مشدداً على أن الإنجاز الرياضي أصبحت له أهمية كبيرة على المستوى الوطني والدولي، من أجل تسويق صورة البلد وإتاحة فرص أخرى موازية في السياسة، والرياضة، والسياحة.

وخلص الصحافي الرياضي إلى أن التجربة المغربية في كأس العالم تظهر أن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة، بل أصبحت أداة قوية لإعادة رسم صورة الدولة على الخارطة العالمية، “من خلال دمج النجاح الرياضي بالقيم الاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، وجعل المغرب مصدر إلهام وتأثير دولي حقيقي”.