معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب يرفضون التعامل مع “مؤسسة الإدماج”
أعلن معتقلون إسلاميون سابقون “رفضهم القاطع” التعامل مع مؤسسة الإدماج، التي من شأنها دعم هذه الفئة وتمكينهم من الاندماج في المجتمع، مشددين على أن هذا القرار يأتي بعد معاينتهم “جملة من التجاوزات والممارسات التي تقوّض أهداف المؤسسة المعلنة وتحوّلها إلى أداة للمراقبة والسيطرة بدل أن تكون فضاءً للدعم والإنصاف”.
وأوضحت تنسيقية المعتقلين الإسلاميين السابقين بالمغرب، في بلاغ اطلعت عليه صحيفة “صوت المغرب”، أن من أسباب الرفض “الممارسات الواقعية التي تثبت أن مؤسسة الإدماج لا تلتزم بأهدافها الاجتماعية والإنسانية”، مشيرة إلى أنها “تقوم بجمع المعلومات الأمنية حول المعتقلين السابقين تحت غطاء المتابعة والرعاية”.
وذكرت التنسيقية أن هذا التوجه يتنافى مع الأهداف الحقيقية للإدماج، كما أنه يؤكد حسب تعبيرها “استغلال هذه البرامج لاحتياجات المعتقلين بدلاً من تقديم الدعم الفعلي”.
ولفتت إلى أن من بين أسباب الرفض أيضاً عدم الالتزام بالوعود، حيث أن مؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج “قدمت وعودا متكررة بتوفير دعم مالي واجتماعي للمعتقلين السابقين، لكن معظما ظل حبرا على ورق”، مشيرة إلى أن المؤسسة “تعتمد الترويج لبرامج وهمية دون تقديم أي خطوات عملية أو برامج ملموسة”.
واعتبرت هذا الأسلوب “نوعا من التضليل الإعلامي الذي لا يخدم سوى مصالح ضيقة على حساب معاناة المعتقلين”.
وشددت تنسيقية المعتقلين الإسلاميين السابقين على أن مؤسسة الإدماج “لجأت إلى تأخير وعرقلة تنفيذ العديد من استحقاقات المعتقلين في محاولات مكشوفة لكسب الوقت أو الضغط النفسي عليهم”، لافتة إلى أن ذلك تم “دون أي اعتبار لحاجاتهم وظروفهم الاجتماعية”، عادّة الممارسات التي أشارت إليها “مناورة تهدف إلى التحكم في المعتقلين بدل توفير البيئة الملائمة لاندماجهم في المجتمع”.
وطالبت تنسيقية دعم المعتقلين الإسلاميين السابقين بتفعيل بضمان حق المعتقلين في الحصول على الدعم المالي والاجتماعي بشكل حقيقي ومستدام بعيدًا عمّا عدّته “تضليلا إعلاميا”،
كما دعت إلى فتح قنوات التعاون مع الجسم الحقوقي الذي تعاملت معه التنسيقية في اطار الشراكة مع فعاليات وتنسيقيات حقوقية “والتي تضمن حقوق المعتقلين وتعزز اندماجهم في المجتمع بشكل عادل ومحترم”.
هذا ونبهت التنسيقية إلى أن مقاطعتها لمؤسسة الإدماج “قرار نابع من حرصها على الدفاع عن حقوق المعتقلين السابقين ومنع استغلالهم تحت غطاء البرامج الإدماجية”، معربة عن استعدادها “مواصلة العمل من أجل جبر ضررهم وضمان حقهم في حياة كريمة، والنضال لفضح جميع الممارسات التي تهدف إلى التحكم فيهم والتلاعب بحقوقهم”، على حد تعبيرها.
يذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان استقبل ممثلين عن محكومين سابقين في قضايا الإرهاب، على خلفية ما يُعرف بـ”أحداث 16 ماي”، في يونيو الماضي، بعد انتظامهم في تنسيقية ضمن محاولاتهم البحث عن الإنصاف وإثبات براءتهم أمام المجتمع المغربي والإندماج فيه.
وكان مصطفى كريم منسق التنسيقية المغربية للمعتقلين الإسلاميين قال، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن الاجتماع المذكور كان الهدف منه الحصول على رد من المجلس بشأن نتائج اجتماعهم الأول شهر ماي، والتي خلصت إلى السعي لإدماجهم في سوق الشغل عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أو الرعاية اللاحقة الخاصة بمؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج.
لكن المعتقلين الإسلاميين السابقين لا يتفقون مع هذا المسار، باعتبار أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتضمن “شروطاً تعجيزية” في ما يتعلق بالسن المسموح به للاستفادة منها، حسب مصطفى كريم الذي يوضح “يوجد من بينهم معتقلون غادروا السجن وقد تجاوز عمرهم 45 سنة وهي العتبة التي تشترطها المبادرة في برنامجها”.
أما بالنسبة للرعاية اللاحقة فيضيف المتحدث: أنها “عرض هزيل يفتقر إلى أبسط مقومات جبر الضرر أو إعادة الإدماج شكلاً ومضموناً”، معبراً عن استيائه من المساواة فيها بين المجرم والبريء.
وشدد كريم على أن جميع رفاقه المنضوين تحت لواء التنسيقية المغربية للمعتقلين الإسلاميين، “أبرياء تم إقحامهم في تهم أحداث 16 ماي”، لافتاً إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال الاجتماع الأخير حث ممثلي التنسيقية التي تطالب بـ”جبر الضرر” على “مواصلة النضال لأن المسار مازال في بدايته”، وحرص على طمأنتهم معبراً عن “مساندته لهم في القريب العاجل”.