معايير الدعم الصحفي الجديدة تضع بنسعيد في مرمى انتقادات برلمانيين
انتقدت النائبة البرلمانية فاطمة الزهراء باتا، عن الفريق النيابي للعدالة والتنمية، المعايير الجديدة التي وضعتها الحكومة للمقاولات الإعلامية للاستفادة من الدعم، معتبرة أن هذه المعايير مجحفة وستؤدي إلى إقصاء حوالي 95% من المقاولات الصحفية في المغرب.
وأوضحت النائبة خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، اليوم الاثنين 09 ديسمبر 2024، أن ربط الدعم بتحقيق رقم معاملات سنوي يصل إلى 2 مليون درهم يُعد “تراجعاً صارخاً عن المكتسبات، لكونه يفتقر إلى مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد المنصوص عليها في المادة 7 من قانون الصحافة”.
وأشارت إلى أن هذا القرار “يخالف القانون وينتهك الأهداف المرسومة للدعم العمومي، والمتمثلة في تعزيز التعددية، وتنمية القراءة، ودعم الموارد البشرية”، مبرزة أنه سيؤدي إلى إقصاء 95% من المقاولات الصحفية بالمغرب، بما فيها المقاولات الصحفية الناشطة باللغة الأمازيغية، فيما سيسمح لأربع مقاولات فقط بالاستحواذ على حصة الأسد من قيمة الدعم.
في الوقت ذاته، تساءلت النائبة البرلمانية إن كانت الحكومة الحالية “ستتحلى بالشجاعة والشفافية اللازمتين لنشر لوائح المستفيدين من الدعم في صيغته الحالية”، مذكرة بأن الحكومات السابقة قامت بنشر اللوائح ليطلع عليها العموم.
وطالبت المتحدثة الوزارة الوصية بعدم إضافة “مشكل آخر” إلى المشاكل التي يعاني منها قطاع الصحافة بالمغرب، مثل وضع لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، بالإضافة إلى الملاحقات القضائية التي طالت مؤخراً عدداً من الصحفيين، مبرزة أن هذا الوضع “لا يخدم الصحافة بأي شكل من الأشكال، ولا يؤدي سوى إلى إضعاف دورها في المجتمع”.
في ذات السياق، انتقد عبد القادر الطاهر عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، إقصاء الحكومة للمقاولات الإعلامية المحلية والجهوية من خلال تحديد رقم معاملات يصل إلى 2 مليون درهم سنوياً للاستفادة من الدعم و900 ألف درهم كإنفاق، مبرزاً أن هذه المعايير “تلغي أحقية أكثر من 95% من المقاولات الصحفية الجهوية والمحلية”.
وأردف النائب أن هذا القرار “يضرب عرض الحائط مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما في الدستور”، كما أنه “يتناقض مع مبدأ الجهوية الموسعة، ويمثل مساساً بالتعددية الإعلامية اللغوية والثقافية والرياضية، كما أنه مساس أيضا بإعلام القرب والديمقراطية المحلية”.
وتابع أن هذا القرار جاء ليكرس بشكل فظيع الاحتكار والإقصاء، ويعد مخالفاً لمنطوق المادة 7 من قانون الصحافة، كما أنه “يهدد بالقضاء على الآلاف من فرص الشغل”، مؤكدا على “ضرورة العمل على مراجعة شروط الدعم بما يضمن استفادة جميع المقاولات الصحفية الصغيرة، مع استحضار الخصوصية الجهوية والمحلية”.
تعليقاً على الموضوع، أوضح وزير الشباب والثقافة والتواصل، مهدي بنسعيد، أن وزارته عمدت إلى تقوية الدعم الموجه للمقاولات الصحفية نظراً لعدد من المشاكل الاقتصادية التي أدت إلى إفلاس عدد كبير منها، مستدركاً أن هذا الدعم “من الضروري أن يتم في إطار معايير واضحة ومحددة”.
وأضاف بنسعيد أن الحكومة ارتأت ضرورة إعادة النظر في الدعم العمومي الموجه للمقاولات الإعلامية، نظراً لإفلاس عدد منها منذ سنة 2019 إلى اليوم، مبرزاً أن توالي هذه الإفلاسات يعود بالأساس إلى مشكل المنافسة مع شركات التكنولوجيا الكبرى أو ما يعرف بـ”GAFA” كشركتي “غوغل” و”ميتا”.
ونتيجة لهذا الوضع، شدد الوزير على “ضرورة زيادة الدعم، ولكن أيضاً تبرير هذه الزيادة عبر وضع مجموعة من المعايير”، من بينها أن تتوفر المقاولة الإعلامية على خمسة صحفيين على الأقل، بالإضافة إلى اشتراط رقم معاملات يصل إلى 2 مليون درهم سنوياً، أي حوالي 150 ألف درهم شهرياً، معتبراً أن هذا الرقم يبقى معقولاً بالنسبة لـ”مقاولة إعلامية حقيقية”.
كما أشار بنسعيد إلى أن الفوضى التي يعيشها اليوم قطاع الصحافة والنشر تعود بالأساس إلى “سياسات حكومية سابقة”، أدت إلى إفلاس عدد من المقاولات الصحفية خلال السنوات الأخيرة، كما أن عدد المقاولات التي تربح من هذا المجال يبقى ضعيفاً في ظل ضعف الولوج إلى سوق الإشهار، مضيفاً أنه “لا يمكن قياس حجم المقاولة الإعلامية بعدد الصحفيين المشتغلين فيها”.