مطالب حذف الاجتهاد الديني في “المسكوت عنه” بالمدونة تثير الجدل
أثارت مطالب حقوقية نسائية بحذف المادة 400 من مدونة الأسرة، التي تنص على الرجوع إلى المذهب المالكي والاجتهاد في المسائل التي لم تنظمها مدونة الأسرة، جدلا بين من يعتبر أن إبقاء هذه المادة تؤدي إلى الاستناد إلى مرجع “خارج القانون”، وبين من يرى أن المذهب المالكي يبقى “مرجعا متزنا ومعتدلا”.
تكريس لدونية المرأة
سميرة موحيا، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، إحدى الجمعيات المنضوية تحت “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة”، قالت في تصريح لـ”صوت المغرب” إن “المذهب المالكي ليس قانونا تمت المصادقة عليه”، معتبرة إياه مرجعا يكرس “دونية المرأة في المجتمع المغربي”.
وتابعت موحيا أن “القضاة لا يتبعون ضوابط محددة لتقنين استعمال هذه المادة القانونية، لافتة إلى أن الإحالة إلى المذهب المالكي “لا تتجلى فيها فلسفة وروح مدونة الأسرة ولا الدستور”.
“فالمغرب”، وفقا لها، “في مرحلة جديدة من التشريعات والقوانين، إضافة إلى أنه لدينا دستورا متطورا، يتجلى فيه اختيار المغرب الديمقراطي ونلتمس فيه إقرار المساواة التامة بين النساء والرجال”.
ودعت رئيسة فدرالية حقوق النساء إلى “القطع نهائيا مع المادة 400″، معتبرة إياها “وصمة عار في جبين المغرب” موضحة في هذا الصدد أنه “يجب أن تتماشى قوانين مدونة الأسرة مع معطيات الواقع واتفاقيات حقوق الإنسان”.
وتنص المادة 400 من مدونة الأسرة على أن “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”.
مرجع معتدل ومتزن
في المقابل، أكد ئيس المجلس العلمي الجهوي بالشرق مصطفى بنحمزة في تصريح لـ”صوت المغرب” أن المذهب المالكي يمثل “حضارة بالنسبة للمغرب”، متسائلا في هذا الصدد عن “وجود مغربي يطالب بهذا الإلغاء أم أن هذه المطالبات تقتصر على الجهات الحقوقية النسائية فقط”.
واعتبر بنحمزة أن “إلغاء هذه المادة من المدونة، هو إلغاء للمدونة بكاملها، نظرا إلى أن هذا المذهب الديني هو مرجع معتدل ومتزن”، داعيا في هذا الصدد جميع الجهات النسائية المطالبة بإلغاء المادة 400 إلى “الدراسة الجيدة لهذا المذهب”، معتبرا اتباع المغرب له “الفضل الكبير في سلمه”.
وتعليقا على من يعتبر أن المادة 400 تكرس دونية للمرأة، قال رئيس المجلس العلمي الجهوي بالشرق إن “هذه فقط أوهام”، موضحا أن “هذه الدونية تتجلى أساسا في ما بتنا نشاهده في الإعلام، من تعرية جسد المرأة، وجمع المال على حسابها”.
وقال بنحمزة كذلك إن “ما يريده هؤلاء المطالبين بإسقاط هذه المادة هو عدم الاستناد إلى الشريعة ولا على المذهب المالكي بشكل قطعي”، مؤكدا أن “المغربي لا يؤمن بدونية المرأة، بل يحترمها”.
وتابع أن “في المغرب، لا يوجد مجال عمل واحد ممنوع على المرأة، فنحن لسنا في مجتمع التوحش”، لافتا إلى أنه “يجب نشر الوعي والثقافة دون المساس بهذا المرجع الديني”.
ويأتي هذا النقاش في ضوء ترقب كبير لتعديلات مقتضيات مدونة الأسرة، التي دعا الملك محمد السادس في شهر شتنبر الماضي إلى إعادة النظر في مضامينها تماشيا مع المستجدات القانونية والتشريعية والمجتمعية.