مطالب بإحداث محاكم خاصة بقضايا الأسرة
طالبت سمية منصف حجي، الناشطة في مجال حقوق المرأة وعضو المكتب التنفيذي لجمعية جسور ملتقى المرأة المغربي، بإحداث محاكم قضاء خاصة ومتخصصة بقضايا الأسرة، متسائلة في هذا الصدد “كيف نحن في سنة 2024، وما زالت قضايا حميمية بين الأزواج تثار أمام المحاكم”؟
وقالت حجي، في اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية جمع المؤنث اليوم الخميس 8 فبراير 2024، والتي خصصته لمناقشة موضوع “مدونة الأسرة بين الأمس واليوم”، إن المغرب مطالب اليوم بمحكمة خاصة بقضايا الأسرة، تضم أخصائيين نفسيين واجتماعيين، خاصة إذا أردنا إنجاح ورش مدونة الأسرة الذي يهم جميع الأسر المغربية”.
وتابعت عضو المكتب التنفيذي لجمعية جسور ملتقى المرأة المغربي، ” رغم أنه لا يمكننا أن نتبنى خطابا عدميا، عند حديثنا عن القوانين المنظمة لشؤون المرأة أو الأسرة، لكن لا يمكننا الإنكار بأن دستور 2011، ينص على مقتضيات جد متقدمة، مقارنة بمدونة الأسرة التي تم إقرارها في سنة 2004″ مبرزة أن “اليوم نرى المرأة تتولى حقائب جد مهمة في الحكومة، وفي الوقت ذاته نمنعها من حقها في الولاية”.
ولإنجاح ورش المدونة، لفتت الناشطة في مجال حقوق المرأة أنه يجب التحسيس بمدى أهمية هذه المدونة، والتعريف بها للمجتمع أكثر من ذي قبل، لأن هنالك العديد من المغالطات التي طبع معها المجتمع المغربي”.
وأضافت الفاعلة النسوية أن “الإعلام العمومي، الذي يمول من جيوب المغاربة لا يُعرف بشكل جيد هذا القانون الذي يهم جميع الأسر المغربية”
وأوضحت المتحدثة أن “الفصل 400، غير من صفة القاضي، وأسند له مهمة “مشرع” وهو ما يتنافى مع القانون، ويعيق سير مسار تفعيل الديمقراطية في التعامل مع حقوق المرأة، ولذلك لا يمكننا الرجوع إلى الفقه المالكي مع كل ثغرة، كما لا يمكننا إسناد هذه المهمة لقضاة يتمتعون بعقلية محافظة تجاه المرأة”.
وتنص المادة 400 من مدونة الأسرة على أن “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”.
تزويج الطفلات والتعدد
واعتبرت المتحدثة ذاتها أن ” زواج الفاتحة هو باب مفتوح على مصراعيه، لتفاقم ظاهرة “زواج الطفلات”، التي لازال المغرب المغرب لم يتخلص منها بعد سنوات من النضال الحقوقي”. مضيفة أن “هذا النوع من الزيجة يسمح كذلك بالتعدد، هذا الحيف الذي يطال المرأة باسم الدين، اليوم، لا يمكننا أن نقارب هذه الظاهرة بلغة الأرقام، لأن المعطيات الرسمية لا تكشف عن جميع الحالات”.
وفي هذا الصدد، قال شكيب غسوس، أخصائي في الطب الإِشعاعي، وباحث متخصص في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، إن زواج الطفلات،” تنجم عنه صعوبات كبيرة لا تنحصر فيما هو اجتماعي أو اقتصادي، بل تصل إلى ما هو صحي”، مبرزا أن الفتيات دون سن القانونية للزواج، “يواجهن صعوبات كبيرة في الولادة، وهو الذي يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة”.
ويرى غسوس أنه من بين المشاكل الاجتماعية التي تواجهها الطفلة المتزوجة، هو صعوبتها في التأقلم مع مفهوم منظومة الزواج بكاملها، لافتا إلى” أن مدونة الأسرة، لاتزال تحمل معها مجموعة من الاستثنتاءات التي تسمح بتفشي ظاهرة زواج الطفلات”.
وأوضح الباحث المتخصص في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، أنه لم يكن خروج مدونة الأسرة، عام 2004، إلى حيز التنفيذ كافيا للحد من الإحصاءات المخيفة التي ترصدها النيابة العامة في ظاهرة “زواج الطفلات”، حيث خولت المادة 20 من المدونة ذاتها للقاضي الحق في الإذن بالزواج للفتى أو الفتاة دون سن الأهلية ، وذلك “بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك”، رغم رفع مدونة الأسرة سن الزواج إلى 18 سنة، لكلا الجنسين.
ويأتي هذا النقاش في ضوء ترقب كبير لتعديلات مقتضيات مدونة الأسرة، التي دعا الملك محمد السادس في شهر شتنبر الماضي إلى إعادة النظر في مضامينها تماشيا مع المستجدات القانونية والتشريعية والمجتمعية.