story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أحزاب |

مشاركة “غولاني” في “الأسد الإفريقي” تعيد رسم حدود النقاش بين السياسة والجيش

ص ص

أعاد تصريح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله ابن كيران المنتقد لمشاركة لواء “غولاني” الإسرائيلي في المناورات العسكرية “الأسد الإفريقي” فوق الأراضي المغربية شهر ماي المنصرم، (أعاد) إلى الواجهة مرة أخرى دور وواجب الفاعل السياسي في مناقشة القرارات الحساسة، ومساءلة مؤسسات السيادة في إطار ما يقره الدستور وما تفرضه الممارسة الديمقراطية في ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأثار تصريح ابن كيران، خلال كلمة له في الاجتماع الأسبوعي للأمانة العامة لحزب “المصباح” يوم السبت 31 ماي 2025، مواقف متباينة، بين من يرى أن الرجل “لم يقم سوى بواجبه وممارسة حقه في التعبير بأدب واحترام تجاه سلطات بلاده” منتقدا إياها بسبب سلوك بدا له “لايجوز لا شرعا ولا ديمقراطيا”، وبين من اعتبر الأمر فيه “تطاول” على مؤسسة ذات سيادة ظلت بعيدة عن التجاذبات السياسية لعقود طويلة من حجم المؤسسة العسكرية، فضلا عن “تجاوزه للخطوط الحمراء” ومناقشة الملك في مجال محفوظ له باعتباره القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.

قمع للنقاش العمومي

وفي هذا الصدد، يرى إسماعيل حمودي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، أنه “عندما تعجز السلطة عن تبرير تناقضاتها”، بحسب تعبيره “توظف أدواتها لقمع النقاش العمومي، لأنها تخاف من طرح الأسئلة الحقيقية حول سياساتها ومواقفها”.

واعتبر حمودي، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع “فايسبوك”، أن السؤال حول الدواعي والمبررات التي “تسمح بمشاركة جيش مجرم متهم دولياً بممارسة الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والتجويع والتهجير القسري”، في مناورات الأسد الإفريقي “يظل سؤالاً مشروعاً، يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المنتديات الخاصة والعامة، لأن المغاربة مجتمع حي ولم يمت بعد، سواء تبنى حزب العدالة والتنمية مثل هذا التساؤل المشروع للترافع من أجله أو تجاهله”.

وأشار، في ذات السياق، إلى أن الدولة المغرببة كانت “قد وعدت بتوظيف علاقتها مع إسرائيل بعد التطبيع لصالح القضية الفلسطينية”، ومع ذلك، يضيف المتحدث قائلاً: “لم نرصد أي شيء ملموس وحقيقي انتزعه المغرب لصالح فلسطين، باستثناء تمرير بعض المساعدات إلى غزة خلال العام الماضي”.

ويرى حمودي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي أن المغرب “يفقد القدرة على الإقناع والتبرير تدريجياً” فيما يخص علاقته مع إسرائيل، وأيضاً القدرة على التعبير عن موقف واضح تجاه أحداث مثل الاعتداء على السفير المغربي لدى فلسطين، واقتحام المسجد الأقصى، ومنع الوفد العربي من لقاء الرئيس الفلسطيني في رام الله، مشيراً إلى أن هذا المسار “ينذر بعواقب غير محمودة”.

ترهيب رمزي

ومن جهته، قارن الحقوقي والأستاذ الجامعي خالد البكاري بين واقع النقاش العمومي في المغرب وغيره من الدول خاصة الأوروبية منها. وقال: “في العالم الذي يسمونه متقدماً ينتقد الناس السياسة الخارجية لدولتهم بشكل عاد، وينتقدون المؤسسات الأمنية والعسكرية كذلك”.

وأضاف: “بل حتى في دولة الكيان، التي يقدمها البعض على أساس أنها صديقة أو حليفة أو مرجع للاستفادة من تجربتها، يخوض السياسيون والصحافيون والمحللون فيها بشكل يومي عبر الإعلام الرسمي والخاص في قضايا الجيش والأمن والقضاء والسياسات الخارجية، وذلك في عز الحرب”.

ويرى البكاري، بالمقابل، أن هناك من يصر في المغرب “على تصوير الملكية التي يزعمون الدفاع عنها بمظهر الدكتاتورية، ونظام الحكم الفردي المطلق”، إذ أن أي انتقاد للدبلوماسية أو للأمن أو للقضاء أو للجيش، أو فتوى للمجلس العلمي الأعلى “يعتبر تطاولاً على الملك، واستهدافاً له، وقلة حياء بالنسبة إليهم، وحتى وإن كان حذراً ومحدد السقف ومراوغا لكثير من الألغام”.

ويقف البكاري، في تدوينة عبر حسابه الشخصي على موقع “فايسبوك”، عند ما وصفه بـ”التناقض الصارخ”، إذ أنه “حين يقال إن السلطات بالمغرب تتركز في جهة واحدة، مما لا يصح معه الحديث عن استقلالية السلط ولا عن التوازن بينها، يكون الجواب بأن المغرب عرف تحولات ديمقراطية ودستورية أفضت إلى توضيح صلاحيات كل السلطات والمؤسسات والأجهزة”.

لكن في المقابل، عندما يريد المواطن ممارسة الحق في التعبير عن رأي مخالف فيما يخص عمل مؤسسة سيادية ما “يتم ممارسة نوع من الترهيب الرمزي، يتوسل بالدفع أن ذلك منازعة للملك، أو استهداف له، أو ضرب في إجماع غير معروف من حدد مواضيعه وسقوفه وسياساته”، مشيراً إلى أن ذلك يحدث “ضمن محاولة ترهيب كل من يفكر في إبداء رأي حول حدث أو قانون أو تصريح له علاقة بهذه المؤسسات”.

ويقول البكاري إن “الملك له الاحترام والتوقير، كما هو لأي رئيس دولة في العالم باعتبار منصبه، لكن هذا الاحترام لا يعني عدم مناقشة قراراته، ولا أن تكون موضع إجماع قسري”، مشيراً إلى أن أي نظام حاكم “مهما بلغت قوته وتعاظمت شعبيته، وكذا الأمر في حالة ضعفه أو تراجع جماهيريته، فإنه لا محالة محتاج لسلطات مضادة، ومعارضة جريئة”، كما أنه حتى عند الموالاة “هو في حاجة إلى الصادق منها”.

مؤسسة تخص الملك

وفي مقابل ذلك، يرى الخبير الأمني محمد الطيار، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن القرارات العسكرية مرتبطة بالملك محمد السادس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، مشيراً إلى أنها تدخل في إطار قرارات سيادية تخصه بالأساس، ومرتبطة بالتوجهات الاستراتيجية الكبرى للدولة”.

واعتبر الطيار، أن الذي يقف خلف النقاش بشأن الحضور الإسرائيلي في المجال العسكري أو الاقتصادي أو التجاري المغربي “لا يتبنى نهائياً القضايا الوطنية، كما لا يدافع عنها بالشكل المطلوب”.

وبحسب المتحدث فالذين ينتقدون القرارات العسكرية خاصة في ما يتعلق بالمشاركة الإسرائيلية في مناورات الأسد الإفريقي “لم يسبق لهم أن أصدروا أي بيان أو أعلنوا عن وقفة للتضامن أو نددوا بهجمات البوليساريو على السمارة، مثلا، التي أسفرت عن مقتل مواطن مغربي، أو احتجاجاً على مقتل عدد من المواطنين المغاربة بالرصاص الجزائري في البحر وعلى الحدود بين البلدين”.

إقحام للجيش في السياسية

أما الخبير والمحلل السياسي محمد شقير فيرى بدوره أنه “لا يجوز إدخال القوات المسلحة الملكية في المجال السياسي، ولا في النقاش السياسي”، موضحا أن المؤسسة الملكية ومعها القوات المسلحة العسكرية حاولت منذ الاستقلال الابتعاد عن المجال السياسي “بحكم أن القوات المسلحة تمثل كل مكونات الشعب المغربي وتعتبر حامية للمملكة”.

وقال بدلا من ذلك، إنه يمكن مناقشة ميزانة الجيش والترسانة العسكرية، ولكن “لا يجب إقحام الجيش في مزايدات سياسية”. ويعتقد شقير أن هناك توجه “يحاول أن يكون فلسطيني أكثر من الفلسطينيين، ويستغل مسألة غزة لتحقيق مجموعة من الأهداف السياسية”.

وشدد على أنه دائماً ما يحضر التعامل المتحفظ مع القوات المسلحة الملكية، معتبراً أن عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية “خلط (…) ما بين عمل الجيش ومسألة التعاون مع إسرائيل”، وبالتالي حاول إدخال القوات المسلحة الملكية في نقاش، وصفه بـ “الشعبوي” يقول المتحدث.

ويرى شقير أن استئناف العلاقات مع إسرائيل، وإبرام الاتفاقيات معها لاقتناء الأسلحة “يدخل ضمن سيادة المملكة وأحقيتها في الحصول على العتاد العسكري لحماية نفسها في إطار سباق التسلح القائم بين الجزائر والمغرب”.

وقال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، خلال الاجتماع الأسبوعي للأمانة العامة للحزب يوم الأحد 31 ماي 2025، “إن الأخبار التي تروج عن مشاركة فيالق مكونات من الجيش الإسرائيلي فوق أرضنا في مناورات عسكرية هو أمر لا يجوز شرعا”، مشددا على أن “دخولهم إلى بلادنا في هذا الوقت والمشاركة في أي نشاط لا يجوز شرعا ولا ديمقراطيا”.

وأضاف أن، “هؤلاء محاربون يقتلون إخواننا ولا يجوز لنا أن نشاركهم في أي شيء، وأملنا أن تسارع بلادنا إلى وقف كل أشكال التعاون أو العلاقات مع هذه الدولة المارقة”، مشيرا إلى أن كل أمة الإسلام كان يجب أن تتجند للدفاع عن القدس وفلسطين عموما.