“مسيرة خضراء جديدة”.. قلق إسباني من استعادة المغرب لسبتة ومليلية المحتلتين

أثار تقرير نشرته صحيفة “إل إسبانيول” (El Español) جدلاً واسعاً في الأوساط الإسبانية، بعدما أشار إلى وجود قلق لدى الدوائر العسكرية والأمنية من احتمال إقدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعلان مشابه لاعترافه بمغربية الصحراء، ولكن هذه المرة بشأن سيادة المغرب على سبتة ومليلية.
وقالت الصحفية، في التقرير الصادر يوم الأحد 23 فبراير 2025، والمعنون بـ”خوف في سبتة ومليلية من مسيرة خضراء جديدة من المغرب بدعم من ترامب لغزو المدينتين”، إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ليست خبراً جيداً. في الأوساط العسكرية والأمنية بالنسبة إلى إسبانيا، وخاصة مدينتي سبتة ومليلية، مشيراً إلى أن هناك قلق من تحالفه مع الملك محمد السادس.
في المقابل، اعتبرت الصحيفة ذاتها أن عودة ترامب تمثل “فرصة للمغرب”، الذي يسعى إلى دفع الرئيس الأمريكي للوفاء بوعده بفتح قنصلية في الصحراء المغربية، بعدما اعترف في 2020 بسيادة المغرب على الإقليم، وذلك بالتزامن مع تعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
وبينما يتجنب السياسيون والمؤسسات في المدينتين المحتلتين الإدلاء بتصريحات علنية حول هذا الموضوع، مفضلين التركيز على قضايا أكثر إلحاحًا مثل فتح الجمارك التجارية، تعيش الأوساط العسكرية والأمنية قلقاً متزايداً، بحيث أنهم يخشون أن تنعكس العلاقة الجيدة بين إدارة ترامب والمغرب على أمن سبتة ومليلية. ويذكّرون في هذا السياق بأن المدينتين غير مشمولتين بمظلة الناتو.
وتتوقع هذه الأوساط، وفقاً للصحيفة ذاتها، إمكانية حدوث “مسيرة خضراء جديدة بدعم من ترامب”، في إشارة لرمزية المسيرة الحضراء التي أطلقت قبل 50 عاماً.
ومما زاد من حدة هذه المخاوف لدى الأوساط العسكرية والأمنية، تصريحات الرئيس الأمريكي بنيته السيطرة على غرينلاند وقناة بنما، وموقفه الرامي بانهاء الحرب في أوكرانيا، معتبرة أنها “لا تبعث على الطمأنينة”،كما أنها تجعل أي سيناريو في السياسة الدولية يبدو ممكناً.
في هذا الصدد، يرى أمين أزماني، عضو حزب “ساموس مليلية” (Somos Melilla)، أن هناك ترقبًا في مليلية المحتلة للتداعيات المحتملة لهذا التحالف، رغم أنه يأتي في سياق تحسن العلاقات بين إسبانيا والمغرب. فيما يعتبر مسؤول سياسي في سبتة المحتلة أن الانسجام بين ترامب والمملكة المغربية يُنظر إليه بعدم ثقة، مصحوبًا بشيء من القلق.
من جانبها، انتقدت صحيفة “إل فارو دي سبتة” (El Faro de Ceuta) النقاش الذي أثاره تقرير “إل إسبانيول”، واصفة إياه بـ”النقاش العبثي الذي تحركه بعض المصالح”، مؤكدة أنه “لا يوجد أي خوف في أي من المدينتين، كما أن الطبقة السياسية المحلية لا تتحدث عن ذلك”.
وشددت الصحيفة على أن العلاقات الجيدة مع المغرب أسهمت في إنهاء مشكلة الجمارك التجارية، وتحقيق تعاون واضح في مجال الهجرة.
وأضافت الصحيفة ذاتها أن العلاقات بين البلدين اليوم “أفضل من أي وقت مضى”، منتقدة تعاطي وسائل الإعلام الوطنية مع هذه العلاقات، معتبرة أنه “يثير ضجيجًا إعلاميًا” دون مبرر.
وقالت الصحيفة إنه بالإضافة إلى تقرير “إل إسبانيول”، هناك برامج على قنوات مثل “تيليسينكو” (Telecinco)، حيث يتم الإصرار على فتح نقاش أو تحليل بشأن هذا ‘الخوف’، الذي يستند فقط إلى افتراضات”، وفقًا لتعبيرها.
ومما يثير القلق في الأوساط الإعلامية والعسكرية بشأن إمكانية إقدام المغرب على خطوة لاسترجاع مدينتيه المحتلتين بدعم أمريكي، وفقًا لصحيفة “إل إسبانيول”، هو عدم إخفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحفظه تجاه حكومة بيدرو سانشيز منذ البداية.
وأشارت الصحيفة إلى انتقاد ترامب لمستوى الإنفاق الدفاعي لإسبانيا، الذي وصفه بأنه “منخفض جدًا”، مما أدى إلى إدراجها ضمن مجموعة “البريكس” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا)، التي هددها بفرض “تعريفات جمركية بنسبة 100%”.
هذا بالإضافة إلى إزالة الموقع الإلكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للبيت الأبيض باللغة الإسبانية، في خطوة اعتُبرت إشارة إلى تراجع الاهتمام الرسمي بإسبانيا والعالم الناطق بالإسبانية.
كما أشارت الصحيفة ذاتها إلى استبعاد ترامب لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من أول جولة اتصالات له، في حين أعطى وزير خارجيته، ماركو روبيو، الأولوية للمغرب، حيث تواصل هاتفيًا مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وأتبعت الرباط هذا الاتصال ببيان رسمي أكدت فيه على “الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية”.