مدير مستشفى بغزة لـ”صوت المغرب”: نضع طفلين وثلاثة بسرير واحد وسوء التغذية يهدد الساكنة
في الوقت الذي يستعد المسلمون بكافة بقاع العالم لاستقبال شهر رمضان الفضيل، يواجه المجهول، في ظل حرب لا زالت مستعرة، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، بتفاقم أزمة الغذاء والدواء، وانتشار الأوبئة بين الناجين من القصف والقتل، متمسكين بالأمل في استعادة الهدوء في القطاع لاستقبال شهر رمضان، مع بلوغ الحرب يومها 139.
ونقل صالح الهمص الدكتور و مدير التمريض بمستشفى غزة الأوروبي لـ”صوت المغرب” مشاهد مما يعيشه أهل غزة، وهم على أبواب شهر رمضان، في ظل الحصار والحرب والقصف والدمار، في معاناة تتفاقم بانهيار المنظومة الصحية ونتشار الأوبئة وتفاقم أزمة الغذاء.
وقال الهمص إن “العادات التي كان يمارسها أهل غزة لن نشهدها هذه السنة” ،مشيرا إلى أنه “ليس هناك استعداد لمن يسكن في الخيمة ومدارس الإيواء، إنما حاله حال من ينتظر الموت في كل لحظة لكن هذا الموت لا يأتيه”، مشيرا إلى أن القطاع يفتقر لأدنى مقومات الحياة.
سوء التغذية يفتك بسكان غزة
سبق أن سجلت وزارة الصحة الفلسطينية 8000 حالة عدوى بمرض الكبد الوبائي رصدت الشهر الماضي نتيجة الاكتظاظ في أماكن النزوح، وصرح مدير تمريض مستشفى غزة الأوروبي، صالح الهمص أنه في المستشفى الذي يشتغل فيه سجل ارتفاع في عدد المصابين غير أن الرقم لا يزال غير دقيق.
وأضاف الهمص أن مستشفى غزة الأوروبي سجل بعد تجربة اعتمدت فيها عينة عشوائية من 25 من المصابين في المستشفى، أنه هناك سوء تغذية واضح وشديد نتيجة عدم دخول البضائع الغذائية الصحية، واعتماد الأهالي بصورة كبيرة على المعلبات، حيث أنه بعد فحص الدم تبين أن الغالبية العظمى من العينة مصاب، وأن نسبة الدم والأوموكلوبين كانت بين 5.5 إلى 9 سليلتر، في حين أن الإنسان الطبيعي يجب أن تكون نسبة الأوموكلوبين لديه أكثر من 12 مليجرام لكل سليلتر.
وعزا الهمص السبب في ارتفاع حالات المرض بعدوى التهاب الكبدي للاكتظاظ الناتج عن تضاعف سكان مدينة رفح بأربعة أضعاف، وحالة الازدحام في مدارس الإيواء وفي المخيمات التي تفتقر لأية مقومات صحية.
“لاحظنا زيادة عدد المترددين على المستشفيات التي أضحت تستقبل أربع أضعاف الحالات المصابة بأمراض من قبيل النزلات المعوية والأمراض المرتبطة بموسم الشتاء فضلا عن أمراض التهابات الجهاز التنفسي، وسجلنا ارتفاع أكبر في حالات التهاب السحايا والتهاب الكبدي غير أننا لا نتوفر على الأرقام الدقيقة” يضيف الدكتور الهمص.
وسجل الهمص مستنكرا تدهور الوضع الإنساني بالقطاع، أن “مستشفى غزة الأوروبي يضطر في الأيام الحالية خاصة بقسم الأطفال أن يضع طفلين أو ثلاث أطفال على سرير واحد، وفي مستشفى الهلال الإماراتي للنساء والولادة، وقد يوضع 3 أجنة أو جنينين في نفس الحاضن بسبب خروج المستشفيات عن الخدمة في منظومة الصحة، ولم يتبقى سوى مستشفيين رئيسيين من أصل 13 مستشفى قيد العمل بالقطاع”.
الدعاء ..رمضان غزة لهذه السنة
دأب سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة على مدار السنوات الماضية على تزيين منازلهم والأزقة الضيقة المحيطة بها والشوارع الرئيسة والمحلات التجارية بأضواء وفوانيس ملونة لاستقبال الشهر الكريم، أما اليوم فقد حرُم السكان من مثل هذه الأجواء الاحتفالية بسبب الحرب المستمرة والواقع الصحي المرير.
ويقول الهمص إن :”رمضان هذا السنة جد مختلف، بحيث ينتظر أهل القطاع رمضان وليس لهم سوى الدعاء في انتظار أن يفرج ربنا عنا هذا الهم، وتنتهي هذه الحرب التي نعيشها”، ويستعصي على الساكن بقطاع غزة ممارسة شعائرهم الدينية الرمضانية التي اعتادوا عليها.
ويذكر أنه من عادات الشعب الفلسطيني في رمضان، دعوة كبير العائلة أبنائه وأقاربه للاجتماع على مائدة إفطار واحدة وزيارة أرحامه مع تقديم الهدايا لهم بعد الافطار، أما اليوم فالأسر المكونة من سبع أو ستة أشخاص تعيش في خيمة مساحتها 6 أو 8 متر مربع، يحملون هما واحدا، هو تأمين لقمة العيش.
وأوضح الهمص أن :”إسرائيل دمرت البنى التحتية بغزة، ولم تستثن في ذلك المدارس والبيوت والمساجد، لكن نحن في غزة انتظارنا لرمضان هو انتظار من يستغيث بالله أن يفرج عليه هذا الهم والكرب الذي يعاني منه، فحالنا في القطاع كمن ينتظر الموت في أي لحظة”.