مدرسة الأخوين ترفض إعادة تسجيل 14 تلميذا والأسر تستنكر القرار

تفاجأت مجموعة من الأسر بمدينة إفران، مكونة من أولياء 14 تلميذاً يدرسون بمدرسة الأخوين التابعة لجامعة الأخوين، بقرارات إدارية تقضي بحرمان أبنائها من متابعة الدراسة خلال الموسم الدراسي 2025/2026، بعد سلسلة من الاعتراضات التي تقدمت بها، كان آخرها رفضها للزيادة المفاجئة في رسوم التمدرس التي بلغت في بعض الحالات 200%، ما دفع الأسر إلى سلك المساطر القانونية ضد إدارة المدرسة، بعد طرق أبواب مختلف المؤسسات المعنية.
ويرجع أولياء التلاميذ ضحايا هذا القرار، بعضهم أعضاء بجمعية آباء وأولياء التلاميذ بالمؤسسة، جوهر الأزمة إلى عدة اختلالات، أبرزها غياب منهج وبرنامج تعليمي واضح يتبعه الأساتذة، واعتماد الإدارة نظاماً مثيراً للجدل يقوم على اختزال المستويات الدراسية وتجميع عدد من المستويات في مستوى واحد، وضعف جودة التكوين، فضلا عما وصفوه بالانحلال الأخلاقي الذي يشجع عليه بعض الأساتذة الأجانب، إضافة إلى سلوكيات المدير الذي يروج لتجاربه العسكرية السابقة في لقاءاته مع التلاميذ، “بحكم أنه كان عضوا سابقا بقوات المارينز الأمريكية”، إلى جانب تغيبه بشكل متكرر بسبب انشغاله بإدارة مؤسسة أخرى في الولايات المتحدة.
وما يزيد من حجم المخاوف لدى أسر التلاميذ هو أن المدرسة غير معترف بها لا من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ولا من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ولا تندرج ضمن مؤسسات البعثات الدولية بالمغرب، فضلا عن تبني إدارة المؤسسة لبرنامج دراسي مختلف لا يتماشى مع ما هو معمول به بالمؤسسات التربوية بالمغرب، الشيء الذي يجعل متابعة هؤلاء التلاميذ لتعليمهم بمؤسسات أخرى أمرا مستحيلا، مما يضع مستقبلهم الدراسي على المحك.
نظام تعليمي “غريب”
وفي هذا السياق، أوضحت إيمان المخلوفي، أم لتلميذين بمدرسة الأخوين بإفران، أن قرار الطرد الذي استهدف أبناء 14 أسرة “تم تنفيذه بشكل ممنهج رغم أن العائلات أدت رسوم التدريس بالزيادة التي فرضها المدير إيمانويل لاكوست تحت التهديد والابتزاز”، معتبرة أن هذا الإجراء يضرب حق الأطفال في التمدرس ويمثل تضييقاً على حقوق الجمعية.
وأضافت المخلوفي في حديثها لصحيفة “صوت المغرب”، أن جوهر الأزمة يعود إلى “التدبير الفردي المتسلط لرئيس جامعة الأخوين، الذي همش أي صوت مخالف، وشجع على قرارات تعسفية لا تحترم لا القانون ولا كرامة المواطن”، مؤكدة أن المؤسسة تحولت إلى فضاء يغيب فيه الحوار وتُقصى فيه جمعيات الآباء من أي مشاركة.
وأبرزت أن أولى مطالب الآباء تتمثل في توظيف أساتذة أكفاء تتوفر لديهم مؤهلات علمية وأكاديمية تحترم معايير التدريس، موضحة أن عدداً من الأساتذة يفتقرون إلى الخبرة والشهادات اللازمة، في ظل غياب أي لجان تفتيش من وزارة التربية الوطنية.
ومن جانب آخر، أشارت المخلوفي إلى غياب منهج وبرنامج تعليمي واضح، رغم أداء الأسر مبلغ 6000 درهم سنوياً خاصة بالكتب، حيث كشفت أن الأساتذة “يلجؤون لبرامج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT لاستخراج الدروس، فيما طُرد الأستاذ الأمريكي إيفان غريغوري بعدما اعترض على هذه المنهجية العشوائية”.
كما أوضحت أن المدير “اعتمد نظاماً تعليمياً غريباً يقسم التلاميذ إلى ثلاث مستويات حسب تقييمه الذاتي للفهم”، وأكدت أن هذا النظام يخلط تلاميذ الابتدائي مع الإعدادي دون احترام التدرج البيداغوجي، ما خلق فوضى وارتباكاً في صفوف التلاميذ وأثار استياء أوليائهم.
وشددت على أن المدرسة لا تتوفر على اعتماد أكاديمي، الأمر الذي يحرم أبناءها من متابعة دراستهم في مؤسسات عليا داخل المغرب أو خارجه، إذ أن العديد من المدارس العليا لا تعترف بشهادة الباكالوريا الصادرة عن المؤسسة.
انحلال أخلاقي وسلوكات غريبة
من جهة أخرى، نددت الأسر المحتجة “بالانحلال الأخلاقي الذي يشجع عليه بعض الأساتذة الأجانب عبر حوارات غير لائقة وعرض صور جنسية وممارسات مسيئة أمام التلاميذ”، مشيرة إلى أن مدير المدرسة لازال يتشبث بهؤلاء الأساتذة رغم الشكاوى المتكررة ضده.
كما أشاروا إلى سلوكيات أخرى مثيرة للقلق، “منها ترويج المدير لتجارب عسكرية سابقة له أثناء اجتماعاته مع التلاميذ، وغيابه المتكرر بسبب إدارة مؤسسة أخرى في الولايات المتحدة”، حيث يشغل منصب مدير مدرسة “رولينج هيلز” الدولية في كاليفورنيا، إضافة إلى زوجته التي تعمل كمديرة للقبول في نفس المؤسسة، وهو ما اعتبروه “تضارب مصالح” قد يؤثر على سلامة المدرسة وإدارتها.
وأكدت المخلوفي أن آخر هذه الأسباب تمثل في الزيادة في رسوم التمدرس التي بلغت في بعض الحالات 200%، مؤكدة أن هذه المبالغ تفوق بكثير المستوى التعليمي والخدمات التي تقدمها المؤسسة، كما اعتبرت أن “الزيادة كانت مفاجئة وكبيرة، واتُّخذت بقرار فردي من طرف المدير، دون الرجوع إلى مجلس إدارة المدرسة” الذي يضم في عضويته رئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ.
وبعد استفسارها عن إمكانية نقل أبنائها إلى مدارس أخرى والتخلص من كل هذه المشاكل، قالت المخلوفي إن تلاميذ المدرسة لا يتقنون العربية أو الفرنسية، كما أن المدرسة غير معترف بها ولا تمنح رمز “مسار”، ما يجعل الانتقال إلى مدارس أخرى شبه مستحيل، كما أضافت أن الأسر متشبثة بالبقاء في مدينتها إفران “وعدم ترك مؤسسة وطنية لمدير أجنبي متسلط”.
وختمت بالقول إن الجمعية لجأت إلى كل مؤسسات الدولة من مجلس أمناء جامعة الأخوين، إلى وزارات التعليم، والتعليم العالي، والأوقاف، بحكم أن المدرسة المذكورة تابعة لجامعة الأخوين التي تشتغل تحت وصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إضافة إلى عامل الإقليم ووالي الجهة والمرصد الوطني لحقوق الطفل، غير أن كل الأبواب أغلقت في وجهها.
رواية المدرسة
وحاولت صحيفة “صوت المغرب”، الاتصال بإدارة المؤسسة لأخذ وجهة نظرها في الواقعة، إلا أن الهاتف ظل يرن دون أن يرد.
غير أن مدرسة الأخوين أوردت في إشعار رسمي وجهته لإحدى الأسر بعدم تجديد تسجيل ابنها برسم الموسم الدراسي 2025/2026، والذي تتوفر صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منه، (أوردت) أن استمرار الاستفادة من خدمات المؤسسة مع الرفض المعلن أو الضمني للوفاء بالالتزامات التعاقدية الجوهرية، وفي مقدمتها الشروط المالية المعتمدة، “يجعل عنصر الرضا منقوضاً ويؤدي إلى انحلال العلاقة التربوية على المستوى القانوني، ما دامت الإرادة المشتركة لم تعد قائمة”.
وأوضحت إدارة المؤسسة، في ذات الإشعار، أنه بعد دراسة دقيقة لوضعية العلاقة التربوية القائمة خلال الموسم الدراسي الجاري، تم تسجيل سلسلة من المواقف والمراسلات الصادرة عن الأسر، “تضمنت رفضاً صريحاً لأحد الأعمدة التنظيمية الجوهرية للسنة الدراسية الحالية، والمتعلقة بالهيكلة الجديدة للرسوم المعتمدة، والتي تم الإعلان عنها بشكل شفاف قبل انطلاق الموسم”.
وأضافت أن “هذا الرفض رافقته توترات متكررة، وتشكيك في مهنية الطاقم الإداري والتربوي، إضافة إلى مساس بالثقة المؤسساتية وتصرفات اعتبرتها خطيرة من شأنها الإضرار بجو العمل التربوي”، واعتبرت أن ذلك أفرز خللاً حقيقياً في التوازن المفترض بين الطرفين، وجعل استمرار العلاقة التربوية متعذراً من الناحية التربوية والأخلاقية والقانونية.
وختمت المؤسسة إشعاراتها بالتأكيد على “احترامها التام لحق الأسر في التعبير عن رأيها، لكنها في المقابل تتمسك بحقها في حماية مناخها التربوي وفي اختيار من تتعامل معهم”، معلنة قرارها بعدم تجديد تسجيل أبناء هذه العائلات، وداعية أولياء الأمور إلى الحضور ابتداءً من 30 أبريل 2025 لأداء المستحقات العالقة وسحب الملفات الإدارية واستكمال إجراءات المغادرة التربوية.
ويشار إلى أن مدرسة الأخوين الخاصة تأسست في الأصل لاحتضان أبناء الأساتذة الأجانب العاملين بجامعة الأخوين، غير أنها ومع مرور الوقت وجدت نفسها في حاجة إلى موارد إضافية لضمان استمراريتها، وهو ما دفعها إلى فتح باب التسجيل أمام باقي التلاميذ الراغبين في الدراسة بها، عبر مختلف المستويات التي توفرها من السلك الابتدائي إلى السلك الثانوي.