story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

“محققو الزواج”.. مهنة مزدهرة في الهند للبحث عن شريك الحياة المناسب

ص ص

من مكتب عادي في مركز تسوق في نيودلهي، تمارس بهافنا باليوال وظيفتها كـ”محققة زوجية” تتولى مهام تجسسية لغايات الزواج، وهو قطاع مزدهر في الهند حيث تختار الأجيال الشابة بشكل متزايد الارتباطات العاطفية القائمة على التفاهم المتبادل بدلا من الزيجات المدبرة.

ويظل تقليد اختيار الشريكين بعناية من جانب العائلتين شائعا للغاية، ولكن في بلد تتغير فيه العادات الاجتماعية بسرعة، يختار عدد متزايد من الأشخاص شريك حياتهم بأنفسهم.

لذلك فإن الخطوة الأولى لبعض العائلات عندما يرغب العشاق الشباب في الزواج ليست استدعاء رجل دين أو منظم حفلات، بل الاستعانة بمحققين مثل باليوال يمتلكون أدوات تجسس عالية التقنية للتحقق من مدى ملاءمة الشريك المحتمل.

وتوضح شيلا، وهي موظفة في مكتب في نيودلهي، أنها عندما تبلغت برغبة ابنتها بالزواج من صديقها، سارعت إلى الاستعانة بخدمات باليوال.

وتقول شيلا، التي جرى تغيير اسمها لأن ابنتها لا تزال تجهل أن خطيبها تحت المراقبة “زواجي كان سيئا”، و”عندما قالت ابنتي إنها تعيش علاقة عاطفية، أردتُ أن أدعمها، ولكن ليس من دون إجراء عمليات تدقيق مناسبة”.

تقول باليوال (48 عاما) التي أسست وكالة “تيجاس” للتحقيقات منذ أكثر من عقدين، إن أعمالها تحقق ازدهارا لم تعرفه في أي وقت مضى. ويتولى فريقها التحقيق في نحو ثماني حالات شهريا.

في إحدى الحالات الأخيرة، وهي لعميلة طلبت التحقق من زوجها المحتمل، اكتشفت باليوال أن العريس المحتمل تعمّد تضخيم حجم دخله.

وتوضح باليوال “قال الرجل إنه يكسب حوالى 70700 دولار سنويا”، لكن “اكتشفنا أنه كان يكسب في الواقع 7070 دولارا”.

خدمة المجتمع

يتسم هذا العمل بالسرية، إذ يقع مكتب باليوال في مركز تسوق بالمدينة، مع لافتة غامضة تقول إنه مخصص لمنجّم، وهي خدمة تستخدمها العائلات غالبا للتنبؤ بتاريخ الزفاف المرتقب.

وتقول باليوال “أحيانا لا يريد عملائي أيضا أن يعرف الناس أنهم يقابلون محققا”.

يمكن أن يكلف تعيين محقق من 100 دولار إلى 2000 دولار، اعتمادا على مدى المراقبة المطلوبة، وهي كلفة زهيدة مقارنة بما تنفقه العائلات على حفل الزفاف نفسه.

ولا يقتصر الأمر على الأهل القلقين الذين يحاولون التحقق من أزواج أو زوجات أبنائهم المحتملين، إذ يرغب البعض في التحقق من خلفية الزوج أو الزوجة المستقبليين، أو حتى بعد الزواج، للتأكد من وجود علاقة غرامية مشبوهة أخرى.

ويصف المحقق سانجاي سينغ البالغ 51 عاما ما تقوم به الوكالة بأنه “خدمة للمجتمع”، مشيرا إلى أن وكالته تعاملت مع “مئات” التحقيقات لحساب أشخاص راغبين في الزواج هذا العام وحده.

وتقول المحققة الخاصة أكريتي خاتري إن نحو ربع الحالات في وكالة “فينوس” للتحقيقات كانت لأشخاص راغبين في التحقق من الأزواج المستقبليين.

وتوضح “هناك أشخاص يريدون معرفة ما إذا كان العريس مثليا”.

وتتطلب الزيجات المدبّرة سلسلة من عمليات التحقق حتى قبل أن يبدأ الزوجان المستقبليان في تعميق العلاقة بينهما.

ويشمل ذلك تحقيقات مالية، فضلا عن عمليات تدقيق في مكانة الأزواج المستقبليين في التسلسل الهرمي الطبقي السائد منذ قرون في الهند.

وقد تكون للزواج الذي يكسر التقسيمات الطبقية أو الدينية الصارمة عواقب وخيمة، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى ما يعرف بـ”جرائم الشرف”.

في الماضي، كانت مثل عمليات التدقيق هذه قبل الزواج تتم غالبا من أفراد الأسرة أو الكهنة أو الخاطبين المحترفين. لكن التحضر المتسارع في المدن الكبرى هز دعائم هذه الشبكات في المجتمع، ما يشكل تحديا للطرق التقليدية للتحقق من عروض الزواج.

وباتت الزيجات المدبرة تحصل أيضا عبر الإنترنت من خلال مواقع التعارف، أو حتى تطبيقات المواعدة.

أكاذيب

غير أن هذه الوظيفة لا تخلو من التحديات.

ونظرا لإجراءات الأمن المشددة في المباني السكنية الحديثة، غالبا ما يكون من الصعب على المحقق الوصول إلى الموقع مقارنة بالمنازل المستقلة القديمة.

ويقول سينغ إن فرقه تؤدي عملها في منطقة رمادية بين “ما هو قانوني وغير قانوني”.

ولكنه يؤكد أنه يأمر فريقه بعدم القيام “بأي شيء غير أخلاقي”، مع إقراره بأن التحقيقات تعني غالبا “تدمير حياة شخص ما”.

كما أن التكنولوجيا تساعد المحققين في عملهم. فقد استعانت خاتري بمطوري برامج معلوماتية لإنشاء تطبيق لعملائها لتحميل السجلات مباشرة عبر الإنترنت، من دون ترك أي أثر على هواتف العملاء في حالة انكشاف أمرهم.

وتبدأ أسعار أدوات المراقبة هذه ببضعة دولارات فقط وهي متاحة بسهولة.

ويشمل ذلك أجهزة تسجيل صوت وفيديو مخفية في أدوات مستخدمة في الحياة اليومية، مثل آلات طرد البعوض، وصولا إلى أجهزة تعقب السيارات المغناطيسية الأكثر تطورا أو الكاميرات الصغيرة التي يمكن إخفاؤها في الملابس.

وتلفت باليوال إلى أن طفرة التكنولوجيا وضعت العلاقات تحت الضغط. وتقول “كلما أصبحنا أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية، زادت المشاكل التي نواجهها في حياتنا”.

لكنها تشدد على ضرورة عدم تحميل التكنولوجيا ولا المحققين المسؤولية في كشف الغش.

وتقول “مثل هذه العلاقات لم تكن لتستمر على أي حال. لا يمكن لأي علاقة أن تنجح متى قامت على أكاذيب”.