مباراة لفتح الطريق
اجتزنا الدور الأول بنجاح، وبأقل مجهود ممكن، وبحصيلة شبه خالية من البطاقات الصفراء والحمراء، ودبرنا المباريات الثلاث بطريقة جيدة، و”دورنا” تشكيلة اللاعبين، واعتلينا صدارة المجموعة بسبع نقاط مريحة، مكنتنا من البقاء في سان بيدرو وتفادي عناء تغيير الإقامة والملعب والأجواء المناخية.
الآن يجب أن نضع سطرا وننسى كل هذا، فنحن أمام دور مختلف ضد خصم مختلف وبمعطيات تقنية لا علاقة لها بما سبق، لقد انتقلنا إلى مباريات خروج المغلوب، حيث يتطلب الأمر تضييقا كبيرا لهامش الخطأ، وتفادي “الفلسفة” الزائدة في التعامل مع المواجهات، وبذل المجهود البدني بسخاء، وتوزيعه على المباريات بذكاء، لأنها قد تذهب إلى الأشواط الإضافية، مع ما تتطلب من تركيز ذهني لكسب التأهل.
أمامنا في مباراة اليوم خصم جنوب إفريقي لن يكون لقمة سائغة بكل تأكيد، فانسجام عناصره التي ينتمي تسعة منهم لنادي ماميلودي سان داونز، وطريقة لعبهم السريعة الأقرب للمدرسة الأنغلوساكسونية ، وبناؤهم للعمليات الهجومية انطلاقا من حارس المرمى، وكيف يتحركون على الأطراف بالمثلثات القصيرة، وكيف يتقنون تبديل مراكزهم ليفتحوا الممرات في دفاع الخصم، كل ذلك سيجعل وليد الرݣراݣي وطاقمه يفكرون كثيرا في إعداد الوصفة التكتيكية الملائمة التي بإمكانها أن تحكم سيطرة عناصرنا الوطنية على المباراة، وإيقاف هذا الخصم العنيد.
بالمقابل هناك نقط ضعف كثيرة في منتخب جنوب إفريقيا لاشك أن وليد الرݣراݣي ومساعدوه في تقييم آداء الخصوم قد رصدوها، وأولها بطئ متوسطي الدفاع، وترك المساحات الفارغة في ظهر لاعبي الوسط عند ميلهم للأطراف للعب المثلثات الهجومية، وكذلك اعتمادهم على الحراسة الفردية الكلاسيكية، بدل حراسة المنطقة مثلما هو سائد في خطط كرة القدم عند أغلب الأندية والمنتخبات.
معطى غياب حكيم زياش وسفيان بوفال نظريا لا يجب أن يطرح مشكلا، ولا أن يكون مؤثرا على الفريق الوطني، فكرسي الإحتياط به من البدائل الكافية التي ربما قد تقدم مردودا أفضل من اللاعبين المصابين، الكرة علمتنا أن الكثير من العناصر البديلة بحكم حافز البحث عن الرسمية، تستغل الفرصة لتفرض نفسها وتقدم مباريات كبيرة بعد إقحامها لتعويض الغيابات الطارئة، وهو الشيء الذي ننتظره خصوصا من أمين عدلي وعبد الصمد الزلزولي هذه الليلة.
على العموم فدور الثمن هو الذي يبدأ في إفراز بعض ملامح شخصية البطل، ومنه يمكن أن تراهن على المنتخب الذي سيذهب بعيدا بعد أن يكبر مع مرور المباريات والأدوار، ولاشك أن مباراة المنتخب الوطني ضد جنوب إفريقيا هي مفتاح الطريق التي أصبحت سالكة نحو التتويج في ظل خروج جل المنتخبات الإفريقية الكلاسيكية وآخرهم أمس منتخب السينغال المرعب وحامل اللقب الذي فاجأته شراسة منتخب إيفواري عائد من الموت، وأرسلته مبكرا إلى العاصمة دكار خاوي الوفاض.