story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

“ما يجب أن يقال” في مقاطعة “المؤسسات الثقافية” الألمانية

ص ص

باستغراب شديد، أتابع محاور عمل المؤسسات الألمانية في المغرب التي تدافع عن المواطنة والبيئة وتحرير العقل، في حين أن مقراتها الأم واستراتيجية مؤسسات دولتها الألمانية، تساعد دولة الفصل العنصري في إتمام مخططه لابادة الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم في حرب ضد الشجر والحجر، تستهدف المدنيين والمستشفيات والأطفال ضد أي قانون وشرعة خطها الإنسان منذ وجود البشرية.

هناك اليوم من يخفت صوته، أمام مسؤولية هذه المنظمات ومسيريها اتجاه حرب الإبادة، ومازال لسان الإنسان الألماني معقولا بعقدة الهولوكوست. عندما حرر هذا اللسان الشاعر الألماني الراحل غونتر غراس، والحاصل على جائزة نوبل للآداب، ونظم:

لماذا اصمت، لقد صمتُ طويلا
عما هو واضح وماتمرست على محاكاته
باننا نحن الذين نجونا
في افضل الاحوال في النهاية
أننا الهوامش في أفضل الأحوال
انه الحق المزعوم بالضربة الاولى،
من قبل مقهور متنمر

وقف الكيان الصهيوني، ولم يقعد، حاول أن يُخرس غراس، بل حتى سحب جائزة نوبل منه، وذلك لأنه حرر اللسان الألماني من عقدة الهولوكوست.

الكيانات الدبلوماسية الألمانية وخصوصا تلك المشتغلة على مطالب تثمين الحقوق، وإنقاذ البيئة من تهجم الإنسان، تصمت، بل تبلع لسانها، على تهجم الكيان الصهيوني وإبادة شعب غزة.

بل أن قيادة حزب الخضر، التي تسير وزارة الخارجية الألمانية، سمحت لنفسها أن تغطي على جرائم تحت الشمس، وتعطي حق الصهاينة في استهداف أماكن المدنيين. أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية المعروفة بدافعها عن المناخ والنسوية، لا تساوي بين أطفال ونساء غزة مع باقي البشر عندما يتعلق الأمر بتبرير جرائم من يعقل اللسان الألماني، ويقوم بتطهير إثني، يساوي، أو ربما يفوق، ما جرى في محرقة الهولوكوست.

كذلك يدرس البوندستاغ الألماني قانون “حماية اليهود في ألمانيا” وهدفه الأساسي؛ كتم صوت المناهضين لجرائم الصهيونية في ألمانيا، بعقوبات تصل إلى سحب الإقامة والجنسية ممّن تعتبرهم السلطات الألمانية “مناهضين لإسرائيل”. حظر المنظمات التي تدعو إلى “مقاطعة إسرائيل”. تشديد الرقابة على الفعاليات الثقافية والفنية، وهنا يدعو القانون السلطات المحلية إلى قطع التمويل عن الأنشطة الثقافية التي تُعتبر “معادية للسامية”، وذلك على خلفية الانتقادات المتزايدة لإسرائيل في مناسبات ثقافية، مثل مهرجان برلين السينمائي. وتطبيق العقوبات في المدارس والجامعات، إذ يمنح القانون إدارات المدارس والجامعات صلاحيات لاتخاذ إجراءات عقابية ضد من تصفهم المسودة بأنهم “معادون للسامية”، بما في ذلك الطرد من المؤسسات التعليمية.

قيل أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ، قامت البيروقراطية الألمانية بتضييق الخناق والدعم الذي يستفيد منه الفنانات والفنانين الفلسطينيين، وذلك بفرض مجموعة من القيود الأمنية، كشرط للحصول على الدعم، من مثيل اعتبار بعض الفصائل الفلسطينية منظمات إرهابية، وإدرجت هذه الفصائل ضمن ما عرف بـ « EU restriction list »، كما تم تضمين بند الـvetting، وهو التحقق الأمني من كل جهة تتعامل معها هذه المؤسسات، ما يعني أن هذه الجهات المانحة، ومنها الألمانية، تود أن تلعب مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني دور الشرطي على الناس وفحص خلفياتهم السياسية قبل إعطائهم الخدمة.

لأجل هذا كله، من واجب كل شريف، أن يقاطع المؤسسات الثقافية “الدبلوماسية” الألمانية، والوقوف لتقييم ازدواجيات الخطاب النضالي، الذي يفصل شعب عن البيئة الإنسانية. ولي الألسن، لبلع قول الحق وعدم تحرير اللسان الألماني من عقدة “الهولوكوست” كما فعل الشاعر الألماني غونتر غراس في قصيدته “ما يجب أن يقال”، الذي صدح:

“لن أصمت بعد الآن،
لأني سئمت من نفاق الغرب مثلما لدي الأمل
بأن يتحرر الكثيرون من صمتهم
ويطالبوا المتسبب في الخطر المحدق
لنبذ العنف”.