story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

لمذا سيستمر الجمود داخل الاتحاد المغربي؟ إسماعيل حمودي يجيب

ص ص

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، إسماعيل حمودي أن التحولات الجذرية التي يعرفها النظام الدولي لم تفض إلى تحريك واقع الجمود في الاتحاد المغاربي، مبررا ذلك بكون أن مصدر الجمود نابع من داخل الاتحاد نفسه وليس من الخارج، معتبرا أن هذا الجمود سيستمر ما لم تتغير بنيات هذا الاتحاد.

وقد عبر عن ذلك بالقول إن الاتحاد المغاربي “يحمل بذور الجمود في ذاته ولن يتغير أي شيء ما لم تتغير بنيات الاتحاد ووظيفته”، ومن أجل إسناد هذه الفكرة تحدث حمودي عن التحولات الجذرية التي يشهدها النظام الدولي والتي بالرغم من طابعها البنيوي إلا أن تأثيرها على مشروع الاتحاد المغاربي ظل محدودا.

تحولات دولية جذرية

وجاء كلام أستاذ العلوم السياسية إسماعيل حمودي خلال مداخلة له أثناء أشغال الجامعة الشتوية لمركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية والتي خصصت للحديث عن “المشروع المغاربي.. الواقع والافاق”.

وقبل أن يصل حمودي إلى الخلاصة القائلة بأن التحولات الدولية الجذرية لم تؤثر كثيرا على تعثر الاتحاد المغاربي وجموده عرج على شرح هذه التحولات الجذرية.

واستلهم المتحدث ذاته في هذا الصدد من أطروحة جون مير شايمر والذي يقول بإننا “إزاء تعددية قطبية جديدة” ، تتشكل من ثلاثة أقطاب، هي نظام دولي غربي محدود تقوده الولايات المتحدة الأمريكية مع أوروبا، ثم نظام دولي ثان تقوده الصين وتسعى الآن إلى تشكيله، نظام ثالث ناتج عن التقاء النظامين الأولين ويتجسد في هيئات الأمم المتحدة وغيرها. وهو النظام الذي يصفه ب”النظام الهزيل”.

وحسب حمودي تسعى الولايات المتخدة الأمريكية عبر مشاريع كبرى، إلى إعادة صياغة العالم بهدف الرئيسي هو الحفاظ على القيادة والسيطرة، ونسج التحالفات وتوفير فضاءات جديدة تدمج فيها قوى عظمى صاعدة بما في ذلك الصين.

وبالمقابل من هذه المساعي تقود الصين من جانبها مساع لتشكيل نظام دولي جديد، ويخلص إلى أن العالم يعيش ديناميتين تقود الولايات المتحدة الأمريكية إحداها مع مستجد مهم وهو أنها “صارت تتوسط لنسج تحالفات بين حلفائها”. مستحضرا ما يحدث في غزة، إذ اعتبر حمودي أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى أن “تخرج هذه الحرب بتطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل”.

الاتحاد المغاربي.. تعامل أحادي

وفيما يتعلق بانعكاسات هذه التحولات على الاتحاد المغاربي، يرى أنه رغم كثافة هذه التحولات الجيواستراتيجية، إلا أنه “لا الغرب ولا الصين تفضل التعامل الأحادي مع المغاربية”. وساق في هذا الصدد مثال مبادرة الحزام والطريق والتي قال إن الصين أبرمت خلالها منذ سنة 2017 اتفاقيات مع المغرب، ثم في السنوات الموالية أبرمت اتفاقيات أخرى مع موريتانيا.

مبرزا أن الصين بدورها كما أوروبا وأمريكا تفضل هذا التعامل الانفرادي مع الدول المغاربية. وهو الأمر الذي يرى معه الباحث أن هذا التقدم في المبادرات الجيواستراتيجية يوازيه بالمقابل صعود في التوترات والأزمات داخل المنطقة، خصوصا بين المغرب والجزائر .

وأسند هذه الفكرة بالقول إن الجزائر الآن حينما تبرر قطع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب، فإنها تربط ذلك بالاتفاقية الإبراهيمية. وهذا يظهر حسب حمودي، حجم تأثيرا هذه المبادرات مع العلاقات المغاربية. ويرى أن حالة الجمود هذه وعدم الثقة، ظلت هي القاعدة رغم تحولات النظام الدولي.

حتمية استمرار الجمود

وتابع أستاذ العلوم السياسية متسائلا بشأن مستقبل الاتحاد المغاربي قائلا “ما الذي قد يقع الآن في ظل تعدد القطبية؟” وأجاب عن هذا التساؤل قائلا إنه “من المتوقع أن تستمر حالة الجمود بالرغم من هذه التعددية”.

وبرر ذلك بكون أن المشروع المغاربي أولا تبلور عند النخبة المغاربية سابقا في سياق مفعم بالروح التحررية وتحت تأثير الوحدة، وبكون أن العامل الثاني وراء الجمود يكمن في بنية الاتحاد المغاربي المكون من عدد قليل من الدول والتي هي قائمة في الجوهر على ثنائية قطبية مغاربية بينها المغرب والجزائر، حسب إسماعيل حمودي.

ويرى أن كلا من المغرب والجزائر تسعيان إلى ممارسة دور القوة الإقليمية المهيمنة في المنطقة وذلك من خلال الآليات نفسها. وذلك إلى جانب السعي نحو بناء تحالفات خارج الإقليم المغاربي، وفق سياسة عقلانية دقيقة.

وقال في هذا الصدد إن “المغرب مثلا وبالرغم من كونه حليفا لأمريكا وأوروبا إلا أنه حريص على أن يكون شريكا اقتصاديا للشرق. وهو الوضع نفسه بالنسبة للجزائر”.

وتابع أن كلا القطبين المغرب والجزائر يتبنى سياسة واقعية عقلانية تركز على المصالح الخاصة بكل دولة وتهمل بالتالي المصالح المشتركة. ومن نتائج ذلك أن “هذه القطبية تمنع القوى الأخرى من التدخل لخلخلة الوضع القائم الذي هو الجمود”. ويرى أن هذه القوى تمارس قدرا كبيرا من الحذر في سياستها إزاء دول المنطقة وتفضل التعامل الثنائي دون الرجوع إلى الاتحاد المغاربي.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن المشكل يكمن أساسا في هوية الاتحاد المغاربي، معتبرا أن “كل دولة داخل هذا المشروع تصفه في دساتيرها بشكل مغاير ومختلف”.