“للّا زينة وزادها…”!
الجدل حول تحكيم كرة القدم يكاد يعم جل البطولات والدوريات في العالم كله، بما في ذلك دوريات البلدان التي تصنف في أعلى قائمة التصنيف الدولي في النزاهة والشفافية، وتختلف طبيعة الجدل باختلاف الحالات التي يكون فيها الحكم محط احتجاج هذا النادي أو ذاك، ضمنها ما يكون نتيجة الأخطاء الفادحة في اتخاذ القرار الصحيح، وفي حالات أخرى تكون بسبب النية المسبقة لحامل الصفارة تغيير نتيجة المباراة لصالح فريق ما.
إنجلترا وبطولتها العريقة التي تعد حاليا الأفضل في العالم على الإطلاق، لم يتوقف جمهورها وصحافتها في النصف الأول من هذا الموسم، عن إثارة النقاش عن التحكيم، بعد سلسلة الأخطاء الكارثية التي ارتكبها حكامها الدوليون في مباريات حاسمة، وعرفت اتهامات مباشرة إلى الحكام في التصريحات الإعلامية للاعبين والمدربين والمسيرين بعد الهزيمة.
في إسبانيا جدل التحكيم أصبح سمة لا تفارق دوري “لاليغا” منذ سنوات طويلة، الكثيرون من جمهور وصحافة جارتنا الشمالية لديهم اعتقاد قديم أن الحكام يحابون نادي ريال مدريد ويساعدونه على الفوز، أضيفَ إلى ذلك التشكيك في نتائج نادي برشلونة خلال السنوات الأخيرة، بعد تفجر قضية “نيغريرا” نائب رئيس لجنة الحكام السابق المتهم بتلقى “رشاوى” من إدارة النادي الكطلاني والقضية لازالت في يد القضاء، هذا بالإضافة إلى الجدل الأسبوعي المستمر إثر كشف أخطاء هذا الحكم أو ذاك.
الكالشيو الإيطالي في زمن قوته كان قد عرف الفضيحة المعروفة بإسم “الكالشيو بولي” التي تورط فيها مجموعة من رؤساء الأندية كانوا يتواطؤون مع الحكام لتغيير نتيجة المباريات، وتسببت في إنزال أندية عريقة إلى القسم الثاني وتوقيف العديد من المسيرين عن مزاولة مهامهم مدى الحياة.
سأكتفى بهذه الحالات من مشاكل التحكيم والحكام في البطولات القوية والعريقة، لأعبُر إلى جدل التحكيم في بطولتنا “الإنحرافية”، حيث اكتمل مسلسل احتجاج جل الأندية على التحكيم، واعتراضُها المستمر على أسماء حكام بعينهم تم تعيينهم لمبارياتها، بانتشار تسجيل صوتي منسوب لأحد مساعدي حكام الدرجة الأولى يعترف فيه بلُغة نصابي الأسواق الأسبوعية أنه تعمد في قراراته تغيير نتيجة إحدى المباريات، وساهم في هزيمة فريق كان في حاجة ماسة إلى نقاط الفوز.
وأوردت نماذج لمشاكل التحكيم في بلدان متطورة كرويا، لا لغاية القول أن ما يحدث في بطولتنا من “شوهة” الفساد، هو أمر عادي ويجب أن نتقبله، بل فقط لأبين أن جمهور الكرة ووسائل الإعلام في هاته البلدان يجدون العزاء في المستوى التقني الرفيع، والفرجة التي تضمنها المباريات، والتسويق الجيد للمنتوج الكروي، والهيكلة الإحترافية لمؤسسات كرة القدم القادرة على احتواء أي مشكل في التحكيم سواء كان أخطاءً بشرية بتجويد تكوين الحكام، أو تعمدا بتغيير نتائج المباريات بالإحالة على لجان التأديب وأجهزة القضاء.
أما نحن في بطولتنا، فلا مستوى تقني، ولا فرجة، ولا لاعبين جيدين، ولا تدبير مالي شفاف.. وانضافت إلى كل هذه الكوارث، معضلة فساد التحكيم والحكام باعتبارهم أول من لهم القدرة على تغيير نتائج المباريات .
ما يجري في كرة القدم الوطنية حاليا من جدل حول نزاهة التحكيم، ينطبق عليه المثل المغربي الساخر:
“للا زينة وزادها نور الحمّام”.