story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

لجنة أخنوش لإصلاح التعليم تثير الجدل.. زاهدي: “تعطيل وتجاهل” للقانون الإطار

ص ص

بعد أول اجتماع لها الأربعاء الماضي، أثار تشكيل اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع تنزيل خارطة الطريق لإصلاح منظومة التربية الوطنية والتعليم الأولي 2022-2026، برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تساؤلات بشأن جدوى استحداث لجنة جديدة في وقت يتم فيه تعطيل اللجنة الوطنية لتتبع وإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي المنصوص عليها في القانون الإطار 17-51.

وكان القانون الإطار قد نص على إنشاء لجنة وطنية لضمان متابعة وتنفيذ الإصلاحات التربوية بشكل شامل ومتكامل، حيث يُتوقع أن تجتمع هذه اللجنة، التي تضم ممثلين عن القطاعات الحكومية الأساسية وهيئات دستورية، مرتين في السنة على الأقل لمراقبة التقدم المحرز في هذا الملف الاستراتيجي، إلا أنها لم تعقد أي اجتماع منذ تشكيل الحكومة الحالية قبل ثلاث سنوات، رغم الدور الحيوي الذي تلعبه في التنسيق بين مختلف الفاعلين، حسب مراقبين.

في هذا الصدد، يقول الحسين زاهدي الخبير التربوي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنه لا وجود للجنة باسم “اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة التربية الوطنية والتعليم الأولي” في النصوص القانونية، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة يمكنه تشكيل لجان جديدة “لكن ذلك يجب أن يتم وفق مرسوم رسمي، وهو ما لم يتم في هذه الحالة”.

ورفض زاهدي أيضاً، وهو مستشار رئيس الحكومة السابق المكلف بالتعليم، الحديث عن “منظومة للتربية الوطنية والتعليم الأولي”، في الوقت الذي تعتمد فيه الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 والقانون الإطار 17/51 تعبير “منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي”، موضحاً أنه تم تخصيص الباب الثالث كله من القانون الإطار لتعريفها وتحديد مكوناتها دفعاً لأي غموض أو التباس.

واستغرب الأستاذ الجامعي من استحداث لجنة وزارية جديدة بعد مرور ثلاث سنوات على بداية الحكومة الحالية، لتناقش وتتابع بعض القضايا المتعلقة بمكون واحد فقط من مكونات المنظومة التعليمية، في وقت يتم فيه تعطيل “اللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي” التي تم إحداثها بموجب المادة 57 من القانون الإطار، مشيراً إلى أن اللجنة الوطنية كانت قد قطعت أشواطاً في تفعيل الإصلاح.

وتتكون اللجنة الوطنية لتتبع إصلاح المنظومة من 23 عضواً، 17 منهم يمثلون قطاعات حكومية و6 يمثلون هيئات دستورية ومؤسسات عمومية، حسب الحسين زاهدي الذي يعتبر هذه اللجنة آلية أساسية لضمان تفعيل الإصلاح بشكل سليم، “حيث توفر لوحة قيادة شاملة لضمان استدامة الإصلاح وتحقيق تراكم يؤدي في النهاية إلى وضع المدرسة المغربية على السكة الصحيحة، بعيداً عن تقلبات الأزمنة الحكومية وتوجهاتها”.

وأشار إلى أن اللجنة المذكورة تضمن التنسيق بين السياسات والبرامج القطاعية في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي، وأنها قد وضعت خارطة طريق وحددت أولويات العمل على المستوى التشريعي والتنظيمي والعملي، إضافة إلى لوحة قيادة شاملة وفقاً للمهام التي حددها لها المشرع “لتتبع ورش الإصلاح بمقاربة تشاركية مع مختلف القطاعات الوزارية المعنية باعتبارها قطاعات مسؤولة وفاعلة في الإصلاح، فضلاً عن المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وجمعية رؤساء جهات المغرب كشركاء في كل العمليات ذات الصلة بالتفعيل والتعبئة والتتبع والتقييم والاستشراف”.

ويضيف زاهدي أن اللجنة الوطنية كانت قد شرعت في تأسيس لجان متخصصة، مثل لجنة الشؤون الإدارية والمالية التي ينسق أعمالها ممثل وزارة الاقتصاد والمالية وتتكون من 14 عضواً، ولجنة الشؤون القانونية المتكونة من 20عضواً وينسق أعمالها ممثل الأمانة العامة للحكومة، ولجنة التنسيق مع الجماعات الترابية التي ينسق أعمالها ممثل وزارة الداخلية مع 24 عضواَ، إضافة إلى لجنة التتبع التي تضم 23 عضواً برئاسة ممثل وزارة التربية الوطنية.

ولفت إلى أن هذه اللجان بدأت في تنفيذ مهامها منذ 2020، بموجب قرارات رئيس الحكومة، مما يعكس مأسستها بعد تعيين أعضائها بناء على اقتراحات القطاعات الوزارية ذات الصلة، قبل تعطيلها في 2021.

وعبر أستاذ التعليم العالي الحسين زاهدي عن استغرابه الشديد إزاء الوضع الذي يعانيه القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي من “تجاهل وتعطيل”، رغم “كونه المرجعية القانونية الملزمة للجميع، والضامن الأساسي لتحقيق الإصلاح الفعلي”، كما عبرت عنه الرؤية الاستراتيجية “التي جاءت ثمرة لنقاشات ومشاورات واسعة في المجتمع المغربي”

وحذر من تكرار نفس الأخطاء التي عرقلت إصلاح منظومة التربية في الماضي، مشيراً إلى أن “هذا الوضع سيدفعنا في المستقبل إلى إعادة تشخيص المشكلات نفسها من جديد، لأننا لم نتمكن حتى الآن من تجاوزها أو التخلص منها للأسف الشديد”، يضيف المتحدث.

وأكد زاهدي أن المشرّع وضع للإصلاح طابعاً استراتيجياً يضمن استدامته، حيث تم توفير كافة الضمانات التي تجعل هذا الإصلاح فوق تأثير الأزمنة التدبيرية القصيرة والمتوسطة”، وأضاف قائلاً: “كنت أتمنى لو أن أعلى سلطة في البلاد أدرجت تدبير منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ضمن المجالات السيادية، لضمان حمايتها من التجاذبات السياسية الضيقة التي لطالما عطلت انطلاقته الصحيحة”.

يُذكر أن الاجتماع الوزاري الذي ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024، شهد حضور شخصيات وزارية بارزة، وتركزت أشغاله على تقييم مدى تقدم الإصلاحات المرتبطة بخارطة الطريق 2022-2026، كما شملت النقاشات خلاله تحسين التعلمات الأساس، وتقليص معدلات الهدر المدرسي، وتعزيز قيم التفتح والمواطنة لدى المتعلمين، مع التأكيد على الجهود المبذولة لتحقيق هذه الأهداف.

ورغم أهمية هذه القضايا، يرى مراقبون أن التوجه نحو معالجة ملفات جزئية بمعزل عن الإطار القانوني والمؤسسي للإصلاح يطرح تساؤلات حول مدى الالتزام بمقتضيات القانون الإطار، مشددين على ضرورة تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، باعتبارها آلية محورية لضمان التنسيق والالتقائية بين مختلف مكونات الإصلاح، بما يكفل تحقيق أهداف التنمية الشاملة والارتقاء بالمدرسة المغربية