لتوعية المواطنين.. وزارة الصحة تطلق حملة ضد تسممات العقارب والأفاعي

أعلنت وزوارة الصحة والحماية الاجتماعية عن انطلاق الأسبوع الوطني للتحسيس والتوعية بمخاطر لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وسبل مكافحتها والوقاية منها.
ويهدف هذا الأسبوع التحسيسي، الذي سيمتد إلى 8 يوليوز 2025، لتعزيز الوعي الوقائي وضمان الولوج النصف للرعاية الصحية، وذلك تحت شعار: “لنحمي أنفسنا من تسممات الأفاعي والعقارب”.
في هذا الصدد، قالت البروفسورة حنان الشاوي الطبيبة في المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن فعاليات هذا الأسبوع تشمل مجموعة من الورشات التكوينية لفائدة الأطر الصحية، بهدف تعزيز وعيهم، من أجل الاستعداد الجيد لعلاج الأشخاص الذين يتعرضون للسعات العقارب ولدغات الأفاعي.
وأضافت الشاوي، على هامش يوم دراسي نظمته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، يوم الثلاثاء فاتح يوليوز 2025 بالرباط، أنه من بين أهداف هذا الأسبوع التحسيسي، تعزيز الشراكات القطاعية مع قطاعات أخرى لها دور مهم في عملية التحسيس والمكافحة، مثل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لتحسيس الأطفال، ووزارة التجهيز والماء لتسهيل الولوج إلى المستشفيات والمراكز الصحية، وكذلك وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حتى يُدمج التحسيس بهذه المخاطر ضمن خطب الجمعة.
وشددت على أن التحسيس لا يقتصر فقط على الجانب العلاجي، مشيرة إلى أنه يشمل أيضاً جانب الوقاية، “أي أنه لا ينبغي أن ننتظر حتى تحدث اللسعة أو اللدغة لكي نتدخل بل يجب أن تسبقها توعية للسكان لرفع مستوى وعيهم، وتفادي وقوع الحوادث أصلاً”.
وفي عرض قدمته خلال ندوة في اليوم الدارسي الذي خُصص لتسليط الضوء على الجهود الوطنية المبذولة في مجال مكافحة التسممات الناجمة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، أوضحت البروفسورة إيمان إيكن أنه خلال هذه الفترة من السنة بين شهري يونيو وشتنبر تعد هذه الظاهرة مشكلة صحة عامة، إذ يحدث تزايد موسمي معروف في عدد الحالات بسبب ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى خروج هذه الحيوانات السامة من مخابئها.
وأشارت إيكن إلى أن المناطق القروية وذات الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية العالية تُعدّ الأكثر عرضة، منبهة إلى أن الفئات السكانية المعرضة للخطر تشمل الأطفال، وكذلك الأشخاص المعزولين أو الذين يعيشون بعيداً عن المؤسسات الصحية. وهو ما يُحدث ضغطاً موسمياً على أنظمة الرعاية الصحية.
وذكرت الطبيبة أن البيئة القروية، والسكان ذوو المستوى الاجتماعي الاقتصادي المنخفض، وغياب التكوين الكافي للمهنيين الصحيين، وعدم وجود استراتيجية وطنية، وصعوبة الوصول إلى البنيات الصحية، فضلاً عن غياب الموارد البشرية والمادية، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع الخطورة.
ونبهت إلى أنه خلال الفترة الصيفية تبلغ الحالات ذروتها خاصة مع عطلات الموظفين، وهو ما يزيد من صعوبة التدخل، مشيرة إلى أن غياب نظام فرز فعال للمرضى أدى بدوره إلى تحويل جميع الحالات تقريباً (25,000 حالة)، في حين أن فقط حوالي 2,500 منها تحتاج فعلاً للتحويل والعلاج المتقدم.
“هذا الوضع، دفع إلى اعتماد استراتيجية وطنية منذ سنة 2000، تضمنت تقنين الاستراتيجية، وتنفيذ إجراءات مرافقة، وتتبع مؤشرات المرض والوفيات. هذا إلى جانب إنشاء نظام معلومات يسمح بجمع كل الحالات، وفي هذا الصدد تبين أن 70 في المائة من حالات التسمم التي يتم تجميعها من طرف المركز الوطني لمحاربة السموم تتعلق بلسعات العقارب”، تقول المتحدثة.
وسجلت البروفسورة إيمان إيكن تحسناً في نظام المعلومات، بين سنتي 2000 و2023، وهو ما سمح بجمع جميع الحالات التي تصل إلى المستوى الجهوي. كما أصبح هناك تصريح شامل بحالات الوفاة.
هذا وأكدت المتحدثة ذاتها أن هناك طرق توعوية يتم تنفيذها سنوياً مع عودة ظهور العقارب والأفاعي، مثل الحملات الوطنية، والبيانات الصحافية، والكبسولات التوعوية، فضلاً عن التنسيق مع المسؤولين الجهويين, أما على المستوى الجهوي، فتم تشكيل لجان متابعة، وتنظيم جلسات توعية، وغيرها.
وشددت على أن المغرب يتمتع في نقاط القوة بوجود حوكمة وطنية في التكفل بالحالات، وتنظيم جهوي لمسار الرعاية، وإرشادات موحدة ومعتمدة موزعة على جميع مناطق المملكة، إلى جانب وجود مهنيي صحة مؤهلين للتعامل مع التسممات، إضافة إلى عُدّة علاجية جاهزة لمواجهة لسعات العقارب ومضاد للسم في حالات لدغات الأفاعي.
وفي المقابل، هناك نقاط ضعف بحسب الطبيبة إيمان إيكن منها استمرار عدد كبير من اللسعات واللدغات نتيجة لاحتكاك السكان بهذه الحيوانات، وهو ما يستدعي تعزيز التوعية بين السكان حول كيفية تجنب التعرض للأفاعي والعقارب.
وشددت على ضرورة الحرص على النقل السريع للحالات، وتوجيههم لطلب العناية من أقرب مركز صحي أو الاتصال بالمركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية للحصول على الإرشادات المناسبة، مشيرة إلى أنه يجب أن يصبح التدقيق السريري لحالات الوفاة إلزامياً، وينجز على المستوى الجهوي بالتنسيق مع المركز الوطني.
وفي السياق، قال الكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية عبد الكريم مزيان، إن السلطات الصحية سجلت انخفاضاً على مستوى معدل الإماتة المرتبط بلسعات العقارب من 2.37% إلى 0.14%، إضافة إلى انخفاض معدل الوفيات الناتجة عن لدغات الأفاعي من 7.2% إلى 1.9%.
وأضاف مزيان، في كلمة ألقاها نيابة عن وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، خلال اليوم الدراسي لتسليط الضوء على الجهود الوطنية المبذولة في مجال مكافحة التسممات، أن هذه النتائج، رغم أهميتها، لا تزال غير كافية ما يستدعي “مواصلة الجهود بنفس الصرامة وبطموح متجدد”.
وشدد المسؤول الوزاري على أن الهدف يتمثل في الوصول إلى صفر حالة وفاة، مؤكداً أنه “رغم صعوبة تحقيق هذا الهدف، فإنه يظل غاية مشروعة تُجسد التزاماً إنسانياً وأخلاقياً”، لكون كل حياة يمكن إنقاذها “وهذا واجب تتحمله الدولة تجاه جميع المواطنين دون تمييز”.
واعتبر المتحدث أن هذا اليوم الدراسي، الذي يواكب انطلاق أسبوع التحسيس والتوعية حول مخاطر لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، يمثل “محطة مهمة في الالتزام الجماعي بمكافحة التسممات الناتجة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي”، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل من خلال هذا الأسبوع، على تعزيز إحدى أولويات الصحة العامة، “ألا وهي حماية الفئات السكانية الأكثر عرضة لهذا الخطر، والحد من مخاطره، وتعبئة كافة الفاعلين المعنيين”.
وأشار مزيان إلى أن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي “لا تزال تمثل إشكالية صحية قائمة ومستمرة في بلادنا، بحيث تؤثر بالدرجة الأولى على المناطق القروية، والأسر في المناطق النائية، والفئات الهشة”.