story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

لتشجيع التجار على اعتماد الدفع الإلكتروني.. بنك المغرب يسقف العمولة على الأداءات

ص ص

في خطوة يرجى منها رفع جاذبية خيار الدفع الإلكتروني بهدف وضع حد لأزمة “الكاش” التي بات المغرب يعيش على وقعها، قرر بنك المغرب وضع حد أقصى للعمولة على عمليات الأداء الإلكتروني يتمثل في 0.65 بالمائة، على أن يتحمل التاجر وحده أداء هذه العمولة دون تأثير على أسعار السلع والخدمات بالنسبة للمستهلكين.

وحسب بلاغ لبنك المغرب، فإنه ابتداء من اليوم الثلاثاء فاتح أكتوبر 2024، سيتم الشروع في تسقيف نسبة “التبادل النقدي الإلكتروني” التي تخصم عند كل عملية دفع عند 0.65 بالمائة، وهي النسبة التي تؤديها الجهة المصدِرة لبطاقة المستهلك البنكية إلى الجهة (بنك أو مؤسسة الدفع) التي تتولى معالجة بيانات الدفع، وحسب القرار فإن التجار هم وحدهم من يتكلفون بأداء هذه الرسومات دون إمكانية تمريرها للمستهلك “بأي حال من الأحوال”.

ويأتي هذا القرار في ظل ضعف البنية التحتية للدفع الإلكتروني بالمغرب، فحسب بعض الأرقام لا يتجاوز أعداد أجهزة الدفع الإلكتروني (T.P.E) الـ60 ألف جهاز في جميع ربوع المملكة، وهو رقم منخفض جدا، حيث لا تتوفر العديد من المتاجر على العديد على هذه الأجهزة وهو ما قد يوفر “مصدر إزعاج” خاصة للسياح الأجانب الذي اعتادوا الدفع الالكتروني في بلدانهم، وهو ما قد يصير مشكلة أكبر في ظل استعداد للمغرب لاحتضان تظاهرات دولية من أهمها كأس العالم لكرة القدم 2030.

وفي شرحه لأهداف القرار الجديد، أكد الخبير الاقتصادي ياسين اعليا أنه يهدف أساسا لوضع حد للفوضى التي كانت في هذا المجال، حيث كانت العمولة تُحدد من قبل الأبناك أو المؤسسات المعنية ولم تكن خاضعة لأي سقف، مبرزا أنه سيشجع التجار والحرفيين على تطبيق نظام الدفع الإلكتروني، حتى في القطاعات غير المهيكلة.

وعلى غير ما هو متداول، أكد ياسين اعليا أن هذا القرار لا علاقة له بالمستهلكين لأن العمولة دائما ما كان يتحملها البائع مقابل خدمة تحويل الثمن من الحساب البنكي للمستهلك إلى حسابه البنكي، خصوصا بعد قرار دورية لبنك المغرب ألغى فيه العمل بأي عمولة تفرض على المستهلكين، مؤكدا أن القرار يستهدف أساسا التجار لتعزيز جاذبية اعتماد خيار الدفع الإلكتروني بالنسبة لهم.

ضعف جاذبية هذا الخيار، ليس مقتصرا فقط على التاجر المغربي بل أيضا شركات الدفع الإلكتروني التي باتت تتجنب ولوج هذا السوق بالمغرب نظرا للاحتكار الذي كان يعرفه من قبل مركز النقديات (CMI) بسيطرته على أكثر من 97 بالمائة من حصة السوق، هذا الاحتكار الذي دفع بنك المغرب بناء على شكوى تقدمت بها شركة “نابس” (NAPS SA)، إلى إنجاز تحقيق له حول الموضوع بتنسيق مع بنك المغرب أكد فيه وجود “ممارسات مخالفة للمنافسة” أدت إلى ضعف العرض في هذا السوق.

فحسب نتائج تحقيق “دركي المنافسة”، فإن الخروقات التي تم توصل إليها من خلال التحقيق “تحد من تطور هذا السوق، وتؤدي إلى أن 1 بالمائة فقط من الدفع في المغرب تتم عبر الوسائل الإلكترونية”، في إشارة إلى التطور الضعيف لقطاع الدفع الإلكتروني خصوصا في ظل أزمة ارتفاع التداول بالنقد، مبرزا عدد من الالتزامات التي تقدمت به المركز والجهات الشريكة له (وهي تسع بنوك) بهدف تحسين أداء السوق التنافسي للمدفوعات الإلكترونية عبر البطاقة.

في هذا السياق، أكد الخبير اعليا أن قرار مجلس المنافسة بفتح المجال أمام الأبناك لكسر احتكار المركز المغربي للنقديات سيُعزز التنافس ويؤدي إلى اختلاف الأسعار بين العروض مع وضع سقف لها، مما سيساهم في زيادة إقبال التجار والمواطنين على الأداء الإلكتروني وتغيير العادات الاستهلاكية.

وتأتي كل هذه القرارات المتزامنة، في وقت تحول فيه بنك المغرب إلى حالة التأهب القصوى لوضع حد لمشكل ارتفاع “الكاش” في المغرب، حيث بات والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري يجدد مخاوفه من استمرار هذه الأزمة في كل خرجة إعلامية جديدة، وذلك بعد أن وصل الرقم إلى “مستويات مقلقة” هي “من بين أعلى النسب في العالم” مقارنة بناتج الداخلي الخام حسب تصريحات الوالي.

وبلغة الأرقام، فبرغم من ارتفاع عدد البطاقات البنكية المتداولة بالمغرب والتي وصلت إلى 20 مليون بطاقة خلال السنة الماضية بزيادة ناهزت الـ25 بالمائة عن الرقم المسجل سنة 2019، إلا أن 88 بالمائة من استخدمات هذه البطاقات مخصص فقط لعمليات السحب النقدي، حسب إحصائيات آخر تقرير سنوي لبنك المغرب.

وفي آخر خرجة له الأسبوع الماضي عقب الاجتماع الفصلي ما قبل الأخير لمجلس بنك المغرب هذه السنة، استعرض الجواهري جهود كل من مصر وكينيا في القضاء على تداول النقد بين مواطنيها، رغم تشابه وضعية الدولتين مع المغرب خاصة فيما يخص مشكل ارتفاع حجم القطاع غير المهيكل.

وفي شرحه لأسباب نجاح كينيا في تخفيض الاعتماد على الكاش، عكس المغرب، أوضح المتحدث أن كينيا قامت بثورة تكنولوجيات بمرورها إلى تقديم خدمة “البنوك الرقمية” (Mobile Banking)، مؤسسات مالية تقدم خدماتها عبر الإنترنت دون الحاجة إلى فروع مادية قائمة، حيث يمكن للعملاء إجراء معاملاتهم المالية وإدارة حساباتهم من خلال تطبيقات هواتفهم الذكية أو المواقع الإلكترونية مباشر.

ولمعالجة هذه الأزمة في سياقها المغرب، أفاد الوالي أنه تم إنشاء لجنة يرأسها بنك المغرب، تضم البنوك والوزارات المعنية بالإضافة إلى باحثين، مبرزا أن هدف هذه اللجنة يكمن في وضع تقرير لتحليل أسباب ارتفاع “الكاش” بالمغرب وتقديم الحلول التي سينتهجها المغرب للحد من هذه الظاهرة.