story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

كيان غدّار

ص ص

شهادة جديدة، لمن يحتاج إلى مزيد شهادات، على الغدر المتأصل في طبع الكيان الإسرائيلي، كشفها رئيس الوزراء البريطاني السابق، بوريس جونسون، والذي قال إنه عثر على جهاز تنصّت داخل مرحاضه، مباشرة بعد استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلية بنيامين نتانياهو سنة 2017.
الرسالة الجديدة موجّهة للحالمين بالنوم في عسل التحالف مع إسرائيل. ها هي ذي الدولة اللقيطة تواصل عضّها لليد التي صنعتها، بما أن بريطانيا هي الأب البيولوجي لإسرائيل، قبل أن يتبناه الأب القانوني الحالي، الولايات المتحدة الأمريكية.
ولنا نحن الدولة العربية والإسلامية والإفريقية والمغاربية، أن نتخيّل ما يمكن أن تصنعه بنا آلة الغدر هذه، إن نحن واصلنا وضع بيضنا الأمني والاقتصادي والغذائي في سلّتها.
يكفي أن الغدّار نياتنياهو حاول في 2019، “غير البارح”، أن يتسلّل إلى طائرة وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في المحطة البرتغالية من جولة أوربية قام بها حينها، كي يصل برفقته إلى المغرب، ويدخل إلى القصر الملكي دون دعوة ولا إذن مسبق من المغرب، دولة وشعبا.
في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان “مطلق العنان” (Unleashed)، كشف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون عن حادثة مثيرة حدثت خلال فترة شغله منصب وزير الخارجية في عام 2017. فبعد لقاء جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكتبه في وزارة الخارجية البريطانية، تم اكتشاف جهاز تنصت في حمامه الخاص الذي استخدمه نتنياهو أثناء الزيارة.
جونسون أوضح في كتابه أنه بعد قيام فريقه الأمني بفحص روتيني للحمام، تم العثور على الجهاز، مما أثار تكهنات حول احتمال تورط إسرائيل في محاولة التجسس عليه. ورغم عدم تقديم جونسون لمزيد من التفاصيل حول التحقيقات التي أجريت لاحقًا، أو رد فعل الحكومة البريطانية على الحادثة، إلا أن القضية أثارت الجدل، وجاءت في سياق اتهامات سابقة لإسرائيل باستخدام برامج التجسس في عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث تم اكتشاف أجهزة تنصت حول البيت الأبيض.
يتعلّق الأمر بواقعة حدثت في شتنبر 2019، حين أفادت تقارير بأن الولايات المتحدة اكتشفت أجهزة تنصت تعرف باسم “Stingrays” بالقرب من البيت الأبيض وفي مواقع حساسة في واشنطن. ويُشتبه بأن هذه الأجهزة وُضعت من قبل إسرائيل، بهدف التجسس على المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي حينها، دونالد ترامب… نعم ترامب الذي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ونكّل بالعرب من أجل انتزاع صفقة “اتفاقات ابراهام”، لم يسلم من الغدر الإسرائيلي.
الأجهزة التي اكتشفت في محيط البيت الأبيض تعمل بطريقة تحاكي أبراج الاتصالات اللاسلكية، وتقوم باعتراض المكالمات والبيانات. ورغم أن إسرائيل نفت أي تورط في هذه الحادثة، إلا أن القضية أثارت ضجة كبيرة وأعادت إلى الأذهان التوترات السابقة بين البلدين حول أنشطة التجسس.
وأشهر هذه القصص السبقة بين الطرفين، توجد تلك التي ترتبط باسم جوناثان بولارد، محلل استخبارات البحرية الأمريكية، والذي قام بالتجسس لصالح إسرائيل في أوائل الثمانينيات، وقام بتسليم آلاف الوثائق السرية التي تحتوي على معلومات حساسة حول قدرات الدفاع الأمريكية وعملياتها في الشرق الأوسط لإسرائيل، قبل أن يتم القبض عليه عام 1985 ويحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
ورغم محاولات إسرائيل في البداية التنصل من المسؤولية، إلا أنها اعترفت لاحقاً بمسؤوليتها عن التجسس، ومنحت بولارد الجنسية الإسرائيلية. وظلّت هذه القضية عقبة كبيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حتى أُطلق سراح بولارد في عام 2015 بعد قضائه 30 عامًا في السجن.
ولا يقف الأمر عند التجسس، بل إن إسرائيل لا تتردد في ضرب أقرب حلفائها إليها. وهو ما تجسّده “عملية سوزانا” التي تفجّرت عام 1954. كان الزمر عبارة عن خطة سرية إسرائيلية تهدف إلى تخريب أهداف بريطانية وأمريكية في مصر بهدف تقويض علاقاتها مع الغرب، قبل أن يتم الكشف عن العملية عندما تم القبض على العملاء الإسرائيليين بعد فشل التفجيرات.
أدت هذه الفضيحة حينها إلى أزمة داخلية في إسرائيل، وأصبحت تعرف باسم “فضيحة لافون”، نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي بينحاس لافون، الذي اعتبر مسؤولاً عن العملية. ورغم إنكار هذا الأخير معرفته بالتخطيط للعملية، فقد أُجبر على الاستقالة بعد تصاعد الأزمة، وظلت هذه الفضيحة موضوع جدل كبير في إسرائيل لعقود وشكلت مثالاً للتوترات الداخلية حول المسؤولية والتجسس.
وفي الوقت الذي ينتظر البعض أن تصبح إسرائيل “حبيبتنا”، يكشف التاريخ القصير، بحكم قصر عمرها، لإسرائيل، كيف أنها تناور وتتآمر على أقرب حلفائها، حيث قامت بتطوير برنامجها النووي بشكل سري وعبر التحايل عليهم.
ويرتبط الملف النووي الإسرائيلي بقصة العالم النووي الإسرايلي موردخاي فعنونو، والذي كشف عام 1986 تفاصيل برنامج بلاده النووي السري لصحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، وأكد لأول مرة أن إسرائيل كانت تطور أسلحة نووية سرية في مفاعل ديمونا النووي.
بعد نشر تلك المعلومات، تم استدراج مورخاي فعنونو إلى إيطاليا من قبل عملاء للموساد، ومنها تم اختطف ونقله إلى إسرائيل لمحاكمته. أُدين فعنونو بتهمة الخيانة وحُكم عليه بالسجن لمدة 18 عامًا، قضى معظمها في الحبس الانفرادي.
اللقاء الذي جمع بوريس جونسون، حين كان وزير الخارجية البريطاني، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عام 2017، تم في إطار العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين، حيث ناقش الطرفان في ذلك اللقاء مجموعة من القضايا السياسية، بما في ذلك العلاقات الإسرائيلية البريطانية ومستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط.
من النقاط الساخنة التي طغت على هذا اللقاء، كانت مسألة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث أعرب جونسون عن موقف بريطاني يدعو إلى حل الدولتين وإيقاف الأنشطة الاستيطانية، في وقت كانت فيه حكومة نتنياهو ماضية في توسيع المستوطنات، مما أدى إلى خلافات دبلوماسية خلال الاجتماع.
في سياق هذا اللقاء، وبعده بوقت قصير، ادعى جونسون في مذكراته أن جهاز تنصت تم اكتشافه في حمامه الخاص الذي استخدمه نتنياهو أثناء الزيارة. أي أن الطبع يغلب على التطبع، ومن شبّ على شيء شاب عليه.
هذا الكيان الذي تأسس على الوقيعة والتآمر والنهب، يستحيل أن ينسى “هزة الكتف” مهما أمعن الآخرون في تسبيل أعينهم واجتهدوا في رقصات الإغراء.
إنه كيان غدّر بطبيعته!