“كارثة إنسانية بالحوز”.. سياسيون يستنكرون “تقاعس” الحكومة في إعادة الإعمار

لا تزال تداعيات زلزال الأطلس الكبير تلقي بظلالها على المشهد السياسي في المغرب، خاصة في ظل الاضطرابات المناخية جراء التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة التي زادت من تفاقم معاناة المتضررين في إقليم الحوز.
ويواصل عدد من الفاعلين السياسيين توجيه انتقادات لاذعة إلى التدبير الحكومي للأزمة، معتبرين أن وعود الحكومة لم تترجم بعد إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع، مما يزيد من معاناة السكان المتضررين.
ويرى هؤلاء الفاعلون أن التأخر في إعادة الإعمار، وإعادة الإيواء في المناطق المتضررة، وتحسين الظروف المعيشية، يعكس “غياب رؤية واضحة واستراتيجية فعالة” للتعامل مع تداعيات الكارثة.
“كارثة إنسانية“
في هذا السياق، اعتبرت نبيلة منيب النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد في مجلس النواب، أن وضع الأشخاص الذين اضطروا للعيش في الخيام بانتظار إعادة بناء منازلهم “مأساوي”، مشيرة إلى أنهم اجتازوا الشتاء الأول والثاني “في ظروف قاسية، وسط الثلوج والبرد، دون الحصول على مأوى دائم”.
وقالت منيب، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن هذا الوضع يترجم “غياب تدبير استراتيجي محكم يضمن إنجاز عمليات إعادة الإعمار في آجال معقولة”، رغم أن بعض التحركات التي أعقبت الزلزال أوحت في البداية بأن الحكومة ستتحمل مسؤولياتها في مواجهة هذه الكارثة المؤلمة، التي خلفت خسائر بشرية فادحة ودماراً شاملاً طال القرى والممتلكات وحتى المواشي.
كما تساءلت عن “مصير الأموال الكبيرة التي اقترضها المغرب لهذا الغرض”، مشيرة إلى أنه كان بالإمكان، بشكل سريع ومحكم، الاستفادة من الكفاءات المغربية في مجالي الهندسة والبناء، إذ يوجد العديد من المهنيين المستعدين للمساهمة في إعادة الإعمار بأساليب تقليدية مع لمسات عصرية، تضمن تجهيز المنازل وتحسين البنية التحتية القروية، بما يشمل الطرقات وغيرها، لتفادي كوارث مستقبلية مثل الزلازل أو الفيضانات.
وترى السياسية اليسارية أن غياب التدبير المحكم لا يؤدي إلا إلى “تبديد الأموال، وغياب التخطيط الاستراتيجي، وإقصاء الكفاءات المحلية”، ما يجعل الوزارة وحدها المسؤولة عن تنفيذ هذه المشاريع وسط بطء شديد. ووصفت الوضع بـ”الكارثة الإنسانية بكل المقاييس”، خاصة مع الظروف الجوية القاسية من أمطار وفيضانات وتساقط الثلوج.
“فشل حكومي فادح“
من جانبه، أعرب نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عن أسفه لما تعرفه الأوضاع الاجتماعية بإقليم الحوز من “تأخر كبير في إيجاد مأوى ومسكن لعدد كبير من المتضررين”. وأشار إلى أن الصور والفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى التقارير التي تعدها مؤسسات حزبه في المناطق المتضررة، تعكس أوضاعاً صعبة يعيشها السكان.
ولفت بنعبد الله، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إلى وجود “فشل حكومي فادح” في تدبير الأزمة، وإيجاد حلول استعجالية لإخراج المتضررين من هذا “الوضع المأساوي”، الذي “يزداد خطورة في ظل الظروف المناخية التي يعرفها المغرب، سواء بسبب البرد القارس أو تساقط الثلوج أو الأمطار الغزيرة الأخيرة”.
وأضاف أن هناك “غياباً للإرادة السياسية” فيما يتعلق بإعادة إسكان المتضررين من الزلزال، موضحاً “لا توجد إرادة سياسية حقيقية، ولا إجراءات ملموسة، ولا إمكانيات موضوعة من أجل التغلب على الصعاب. لا شيء يبرر ترك آلاف الأشخاص في أوضاع مأساوية دون حتى تقديم تفسيرات حول كيفية ومتى سيتم حل مشاكلهم”.
ودعا بنعبد الله الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها في تجاوز هذا الوضع، وتمكين المتضررين من ظروف معيشية ملائمة وسليمة في أسرع وقت ممكن.
مشاكل متراكمة
وإلى جانب التأخر في إعادة الإيواء، توقفت نبيلة منيب عند مجموعة من المشاكل المسجلة في المناطق المتضررة، من بينها مطالبة السلطات للسكان ببناء منازل بمساحات تتراوح بين 50 و110 أمتار مربعة فقط.
وأوضحت أن هذه الاشتراطات تتعارض مع أسلوب حياتهم التقليدية، إذ تعتمد الأسر في هذه المناطق، التي تشتهر بالنشاط الفلاحي، على منازل واسعة تضم أماكن مخصصة للمواشي وأخرى لتخزين المحاصيل الزراعية، كما يعيش فيها أحياناً ثلاثة أجيال.
وسجلت منيب أيضاً، في حديثها مع صحيفة “صوت المغرب”، أن معظم السكان “لم يستفيدوا من عمليات إعادة الإعمار، باستثناء قلة قليلة ممن تمكنوا من البناء”، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً منهم ظلوا “مهمشين ومهددين بالتهجير من مناطقهم بحجة أنها أصبحت غير صالحة للسكن بسبب المخاطر الجيولوجية”.
ويذكر أن صحيفة “صوت المغرب” حاولت التواصل مع وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري للإجابة على أسئلة مرتبطة بموضوع إعادة الإعمار في الأقاليم المتضررة من زلزال الحوز لكن هاتفها ظل يرن دون رد.