story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحة |

كابوس جدري القردة يخيم على العالم وباحث يدق ناقوس الخطر

ص ص

بعد إعلان منظمة الصحة العالمية، أول أمس الأربعاء 14 غشت 2024، عن حالة الطوارئ الصحية جراء انتشار فيروس جدري القردة في أكثر من 15 دولة، بات العالم يضع يده على قلبه خوفا من أزمة صحية عالمية جديدة، بعد الأزمة التي عاشتها البشرية مع جائحة كورونا كوفيد- 19 قبل أربع سنوات، والتي لازالت اترداداتها مستمرة حتى الآن، جراء الحصيلة الثقيلة في الأرواح، والخسائر الإقتصادية الكبيرة بفعل توقف الأنشطة الاقتصادية والملاحة التجارية عبر العالم.

وما يزيد من حجم الخوف بسب هذا الفيروس الجديد، هو سرعة انتشاره وتحوّره ومعدل الإماتة المرتفع (حوالي 3 في المائة)، فضلا عن غياب لقاحات خاصة به وأدوية لمحاربته، كما يقول البروفيسور الطيب حمضي الباحث في السياسات والنظم الصحية.

وفي هذا الصدد يضيف البروفيسور الطيب حمضي أنه في الأشهر الأخيرة ظهرت بعض الأشياء المقلقة، المرتبطة بهذا الفيروس والتي تتجلي في أن السلالة الجديدة التي تحمل إسم 1B، “تنتشر أثناء ممارسة العلاقة الجنسية العادية بين الرجال والنساء، على عكس السلالة القديمة التي كانت تنتشر فقط بين المثليين من الذكور، كما تنتشر أيضا بين الأطفال بالرغم من عدم وجود علاقات جنسية بينهم”.

سرعة الإنتشار

إضافة إلى ذلك، “ينتشر الفيروس داخل المدارس وداخل الأسر، وينتشر كذلك حتى عن طريق التماس أو الاحتكاك بين الناس وكذلك السوائل، أو حتى بعض المواد الملوثة” يوضح الطيب حمضي، الذي أكد أن هذه السلالة الجديدة “تشكل طفرات بطريقة أسرع على عكس السلالات السابقة”.

وبجانب ذلك، كشف المتحدث أن معدل الإماتة عند السلالة الجديدة مرتفع بشكل أكبر من السلالات السابقة، بحيث “يصل تقريبا إلى 3 في المائة كتقرير أولي، وهذا رقم مرتفع”، مبرزا أن الفيروس يودي بحياة تقريبا 5 في المائة لدى البالغين و10 في المائة لدى الأطفال.

والشيء الآخر الذي يزيد من منسوب القلق، هو أن هذا المرض لم يعد محصورا على الغابات والمناطق البعيدة في الدول الإفريقية بل وصل إلى المدن التي توجد بها مطارات وتوجد بها حركية وكثافة سكانية، “أي أنه الآن انتشر في العديد من الدول المجاورة وهناك تخوف من انتشاره على المستوى العالمي”.

مرض قديم

وأشار الباحث في السياسات والنظم الصحية إلى أن فيروس جدري القردة موجود منذ زمن بعيد، على مستوى بعض دول وسط غرب إفريقيا وبعض المناطق الغابوية، وكان يصيب الناس الذين يكون لهم تعامل مباشر مع الحيوانات ويعيشون معها ويأكلون لحومها، “أي أن مستوى انتشاره كان محدودا على المستوى العالمي، وبالضبط على مستوى جمهورية الكونغو الديمقراطية وبعض الدول القريبة منها في الغابات والمناطق الريفية البعيدة”.

غير أنه في سنة 2022 انتشر هذا الفيروس أكثر بين الناس، “وخاصة بين فئة الذكور المثليين الذين يمارسون علاقات جنسية فيما بينهم، لكن وبالرغم من ذلك تم التحكم في انتشار هذا الوباء”، غير أنه الآن “أصبح منتشرا على مستوى 15 دولة إفريقية منها دول لم يسبق لها أن انتشر بها هذا الفيروس”.

الأعراض

وفسر الطيب حمضي أن أعراض مرض جدري القردة على مستوى جلد الإنسان هي أقل من أعراض مرض الجدري البشري الذي تم القضاء عليه منذ سنين، لكنها أقوى من أعراض مرض جدري الماء أو يصطلح عليه عند المغاربة بـ (بوشويكة) الذي يخلف أثارا مشابهة على مستوى جلد الإنسان.

وعدّد المتحدث ذاته، باقي الأعراض، موضحا أنه يبدأ بالأم في الرأس وارتفاع في درجة الحرارة وألم في المفاصل وانتفاخ على مستوى الغدد، والإرهاق والحمى فضلا عن طفح جلدي ينتشر في كامل جسد الإنسان ويمكن أن يصيب حتى العينين.

خطورة المرض

وسجل البروفيسور الطيب حمضي أن هذا الفيروس “له عدة مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان وقد يؤدي إلى الوفاة”، مبرزا أن التقديرات الحالية تؤكد “أن 3 في المصابين يمكن أن ينتهي بهم الأمر بالوفاة”. مشيرا في نفس الوقت إلى أن رقم 3 في المائة “يبقى تقديرا أوليا، والتقدير الأولي يكون دائما أكبر، على أن يتم تأكيد الرقم الحقيقي عما قريب”.

وما يزيد من خطورة المرض أكثر هو أن طرق انتشاره لازالت لم تعرف كلها بعد، وهو ما يتيح له فرصة الانتشار أكثر فأكثر، وكلما انتشر أكثر كانت خطورته أكبر.

وأضاف أن هذا المرض ليس حديث الظهور، “بل تم اكتشافه سنة 1958 في أحد المختبرات بدولة الدانمارك، بعدما تم إجراء تجارب على قردة تم جلبها من بعض الدول الإفريقية”، وأول إنسان أصيب بهذا الفيروس هو مواطن كونغولي سنة 1970، وبقي المرض منحصرا في دول وسط وغرب القارة الإفريقية حتى سنة 2022، قبل أن ينتشر في بعض الدول الأخرى خاصة في صفوف المثليين من الرجال.

اللقاحات والأدوية

وأكد البروفيسور الطيب حمضي الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن اللقاحات التي تستعمل حاليا لمواجهة هذا النوع من الفيروسات، “هي نفسها التي كانت تستعمل لمحاربة مرض الجدري البشري”، الذي تم القضاء عليه سنة 1980، قبل أن يودي بحياة الملايين عبر العالم.

وزاد قائلا إنه “تم استعمال بعض هذه اللقاحات سنة 2022، فقط على مستوى بعض الدول الغنية، وكانت نسبة نجاحها حوالي 85 في المائة ضد فيروس جدري القردة، أما الدول الإفريقية والدول الفقيرة “لم تصلها هذه اللقاحات وهو ما جعل الفيروس ينتشر في هذه الدول بينما تم التحكم في انتشاره على مستوى الدول الغنية”.

وخلص المتحدث إلى أن هناك بعض الأدوية التي تستعمل في الحالات الخطيرة للعلاج من هذا الفيروس، “لكن عموما هناك العديد من الأدوية التي تنتظر الترخيص من أجل استعمالها في علاج هذا المرض”.

ومن جانبها، كانت هيئة الصحة التابعة للاتحاد الأفريقي قد أعلنت هي الأخرى، يوم الثلاثاء 13 غشت الجاري، حالة طوارئ صحية عامة بسبب تفشي جدري القردة داخل دول أفريقيا الوسطى، بعد حدوث أكثر من 500 حالة وفاة، داعية إلى مساعدات دولية لوقف تفشي الفيروس.

وتحدثت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها حول وجود أكثر من 17 ألف حالة يشتبه في إصابتها بجدري القرود، و517 حالة وفاة في القارة حتى الآن هذا العام، وهي زيادة بنسبة 160 بالمائة في حالات الإصابة، ونسبة 19 بالمائة في الوفيات مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مشيرة إلى أن أكثر من 96 بالمائة من جميع الإصابات والوفيات حدثت في جمهورية الكونغو الديمقراطية.