كأس إفريقيا للأمم تحرم الأندية الأوربية من أبرز نجومها وسط جدل متجدد
من المنتظر أن تشهد كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025)، التي ستحتضنها ملاعب المملكة في الفترة ما بين 21 دجنبر الجاري و18 يناير المقبل، حضورا لافتا للاعبين المحترفين في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، بحيث سيشارك ما مجموعه 135 لاعبا قادمين من أقوى بطولات القارة العجوز.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قد حدد 15 دجنبر 2025، كموعد نهائي للأندية الأوروبية من أجل تسريح اللاعبين المستدعين لتمثيل منتخباتهم في النسخة الحالية من “الكان”، وهو ما سيؤدي إلى غياب عدد كبير من النجوم عن أنديتهم خلال الأسابيع المقبلة، وفق ما أوردته صحيفة “ماركا” الإسبانية.
ويمثل هذا الرقم حوالي 25 في المائة من إجمالي لاعبي البطولة، وهو ما يعكس بوضوح النمو المتسارع لكرة القدم الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، رغم استمرار تحفّظ بعض الأندية الأوروبية بشأن التعاقد مع اللاعبين الأفارقة بسبب تزامن البطولة مع المنافسات المحلية والقارية.
وتضع كأس الأمم الإفريقية الأندية الأوروبية في موقف محرج كل سنتين، إذ يضم 19 منتخبا من أصل 24 مشاركا لاعبين ينشطون في الدوريات الخمس الكبرى.
ويأتي الدوري الفرنسي في صدارة البطولات الأكثر تضررا، باستدعاء 49 لاعبا، يليه الدوري الإنجليزي الممتاز بـ 32 لاعبا، ثم الدوري الإيطالي بـ 21 لاعبا، فالدوري الألماني بـ17 لاعبا، وأخيرا الدوري الإسباني بـ 16 لاعبا.
ورغم ذلك، خرجت إسبانيا بأقل الخسائر نسبيا، على الرغم من أن 10 أندية اضطرت للتخلي عن لاعبيها. ويُعد ريال بيتيس الأكثر تضررا داخل “الليغا”، بغياب كل من سفيان أمرابط وعبد الصمد الزلزولي والمهاجم الكونغولي سيدريك باكامبو.
وعلى مستوى المنتخبات، يتصدر المنتخب السنغالي لائحة أكثر المنتخبات المشاركة في “الكان” استدعاء للاعبين من الدوريات الكبرى بـ21 لاعبا، يليه المنتخب الوطني المغربي بـ14 لاعبا، ثم منتخب الكوت ديفوار بـ13 لاعبا.
ومن المفارقات اللافتة، بحسب صحيفة “ماركا”، أن جميع أندية الدوري الفرنسي الـ18 اضطرت إلى التخلي عن لاعب واحد على الأقل، وهو ما يؤكد حجم التأثير الكبير للبطولة الإفريقية على “الليغ 1”.
أما النادي الأكثر تضررا على الإطلاق، فهو ساندرلاند الإنجليزي، الذي فقد ستة لاعبين دفعة واحدة، وهم: طالبي (المغرب)، حبيب ديارا (السنغال)، ماسواكو وصديقي (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، برتران تراوري (بوركينا فاسو)، ورينيلدو (موزمبيق).
غير أن هذا الحضور الإفريقي القوي في الدوريات الأوروبية لا يمرّ دون إثارة الجدل، إذ تتصاعد في كل دورة من كأس الأمم الإفريقية أصوات معارضة داخل الأوساط الكروية الأوروبية، خاصة من طرف المدربين ومديري الأندية، الذين يعتبرون توقيت البطولة “غير مناسب” ويتسبب في إرباك برامج المنافسات المحلية والقارية، فضلا عن الضغط البدني الذي يتعرض له اللاعبون خلال فترة حاسمة من الموسم.
وتستند هذه المواقف المعارضة إلى اعتبارات رياضية واقتصادية، بحيث ترى بعض الأندية أن فقدان عدد كبير من اللاعبين دفعة واحدة يخلّ بتوازن الفرق ويؤثر على نتائجها، خاصة في البطولات التي تعتمد على النسق المرتفع للمباريات.
كما يذهب منتقدو البطولة إلى حد المطالبة بإعادة برمجة كأس الأمم الإفريقية لتفادي تداخلها مع الموسم الأوروبي، وهي مطالب تتكرر دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ.
يقول الفرنسي أرسين فينغر، مدير تطوير كرة القدم في الفيفا: “إقامة كأس الأمم الإفريقية خلال الموسم الأوروبي تطرح إشكالا حقيقيا على مستوى العدالة التنافسية، فبعض الأندية تتأثر أكثر من غيرها، وهذا خلل يجب التفكير فيه بجدية”.
وفي مواجهة هذه الانتقادات، يردّ مسؤولون في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) بتشديد واضح على مشروعية البطولة وشرعيتها القانونية.
وفي هذا السياق، يقول رئيس “الكاف”باتريس موتسيبي:“كأس الأمم الإفريقية مسابقة رسمية معترف بها من الفيفا، ولها نفس الشرعية التي تحظى بها البطولات القارية الأخرى. لا يمكن الحديث عن كرة قدم عالمية عادلة دون احترام مواعيد المنافسات الإفريقية وحقوق منتخباتها”.
ومن جانبه، اعتبر الأمين العام السابق للكاف فيرون موسينغو-أومبا أن الجدل المتكرر يعكس نظرة غير متوازنة، قائلا:“حين تغيب الأندية الأوروبية عن كأس العالم للأندية أو البطولات الدولية، لا أحد يشكك في أحقية الفيفا، فلماذا يصبح الأمر إشكاليا فقط عندما يتعلق بإفريقيا؟”
وكانت بطولة كأس إفريقيا للأمم المغرب 2025 قد تمت برمجتها صيف 2025 بعد انتهاء الموسم الكروي في أوروبا، إلا أن الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” اعترض على ذلك بمبرر تنظيم كأس العالم للأندية في نسخة جديدة بالولايات المتحدة الأمريكية في نفس الفترة .