في ليلة واحدة.. مئات الشباب يحاولون الهجرة سباحة إلى سبتة المحتلة

شهدت مدينة سبتة المحتلة، المحاذية لمدينة الفنيدق، ليلة 15 غشت الجاري، موجة جديدة من محاولات الهجرة غير النظامية عبر البحر، بعدما حاول أكثر من 300 مهاجر مغربي الوصول إلى السواحل الإسبانية سباحة، وذلك حسبما نقلته صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، يوم الجمعة 22 غشت 2025.
ورغم تدخل السلطات المغربية والإسبانية التي تمكنت من توقيف غالبية المهاجرين، “نجح ثلاثة شبان فقط في الوصول إلى الثغر المحتل، في مغامرة مأساوية”، بالنظر إلى المخاطر القاتلة التي يواجهها المهاجرون في هذه الرحلة البحرية.
وأضاف المصدر ذاته أن السباحة من الفنيدق والمناطق المجاورة، أصبحت الطريق الأكثر استخداما نحو سبتة المحتلة، بعد تشديد المراقبة البرية وتعزيز السياج الحدودي.
“ويضطر المهاجرون إلى قطع مسافات تتراوح بين 3 و8 كيلومترات في مياه باردة وتيارات قوية مستغلين الضباب الكثيف، وهو ما يجعل المحاولة أقرب إلى مقامرة بالحياة” تقول “ليبراسيون”.
وأفادت أنه تم العثور على جثة شاب يرتدي بذلة غوص وزعانف زرقاء على شاطئ قريب من الحدود، يوم الأربعاء 20 غشت الجاري، ليرتفع بذلك عدد الوفيات منذ بداية السنة إلى 21 حالة.
ضغط على مراكز الاستقبال
وجراء موجات الهجرة المتتالية بات الضغط يتفاقم على مراكز استقبال المهاجرين في سبتة المحتلة، حيث لا تتجاوز مساحة المدينة 18.5 كيلومتر مربع ويقطنها نحو 85 ألف نسمة.
ويستضيف مركز الإقامة المؤقتة، المصمم لـ 512 شخصا، حوالي 600 مهاجر حاليا، ما دفع منظمات حقوقية إلى التحذير من ظروف غير إنسانية و”انتهاكات محتملة لحقوق القاصرين”.
ومن الناحية السياسية، طالبت حكومة سبتة المغتصبة، التي يقودها الحزب الشعبي الإسباني، بزيادة الدعم من الحكومة المركزية بمدريد، مؤكدة “استحالة إدارة الوضع بمفردها”.
وقد حذر رئيس الحكومة المحلية بمدينة سبتة المحتلة، خوان فيفاس، في يونيو الماضي من “وضع لا يمكن تحمله”، داعيا وزارة الداخلية الإسبانية إلى توفير موارد عاجلة وتوزيع أفضل للقاصرين عبر باقي الأقاليم الإسبانية.
إحصائيات تكشف المفارقة
وتمكن، منذ بداية العام، أكثر من 1700 شخص من دخول سبتة المحتلة سواء سباحة أو عبر السياج، بزيادة 7.2% مقارنة بعام 2024، وفق وزارة الداخلية الإسبانية.
وخلال الأسبوعين الأخيرين فقط، سجلت السلطات وصول 269 مهاجرا إلى الأراضي الإسبانية.
في المقابل، يشهد الاتحاد الأوروبي تراجعا عاما في أعداد الوافدين غير النظاميين، حيث سجل 95,200 دخولا غير نظامي خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، بانخفاض 18% مقارنة مع 2024، بحسب وكالة فرونتكس الأوروبية لإدارة التعاون العملياتي على الحدود الخارجية.
لكن سبتة ومليلية المحتلتين وجزر البليار تبقى استثناء، مع ارتفاع في محاولات العبور، مقابل انخفاض حاد في “الطريق الأطلسي” المؤدي إلى جزر الكناري، حيث وصل حوالي 11,300 مهاجر فقط هذا العام، مقابل 19,000 في الفترة نفسها من 2024، أي تراجع يزيد عن 40%.
طريق محفوف بالموت
وكشفت الصحيفة الفرنسية أنه على الرغم من الانخفاض العام في أعداد الوافدين، “تبقى الطرق البحرية، خصوصا من ليبيا وتونس نحو إيطاليا، الأكثر فتكا بالمهاجرين”.
وأوردت أنه تم تسجيل أكثر من 700 وفاة منذ بداية 2025، بينها 26 مهاجرا قضوا في 13 غشت الجاري بعد غرق قارب قبالة لامبيدوزا الإيطالية، كان على متنه مراهقون ورضيع.
وخلص المصدر إلى أن البحر الأبيض المتوسط، يبقى شاهدا على مأساة متجددة، حيث يختلط الأمل في حياة جديدة على شواطئ أوروبا، بمخاطر التيارات والغرق في مياهه العميقة التي تحصد حياة المئات سنويا.
*أكرم القصطلني.. صحافي متدرب