story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

في أربعينية أسيدون.. سياسيون يخلّدون مسار النضال المشترك ضد الفساد والتطبيع

ص ص

التأم سياسيون وحقوقيون ونقابيون في أربعينية المناضل الراحل سيون أسيدون، في لقاء عرف حضورًا وازنًا امتلأت على إثره قاعة دار المحامي بشارع المقاومة بالدار البيضاء، في شهادة حيّة على مسيرة رجل مقاوم كرّس حياته للنضال ضد الفساد والصهيونية.

وشكّل اللقاء، الذي نظمته الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع مساء السبت 20 دجنبر 2025، مناسبة لاستحضار المسار النضالي والأخلاقي للراحل، أحد أبرز رموز مناهضة الصهيونية والتطبيع بالمغرب، وأحد المؤسسين البارزين للجبهة، ومنسقًا لحركة المقاطعة (BDS).

وتخللت فقرات الحفل التأبيني وصلات فنية، كان من أبرزها عرض مسرحي سلط الضوء على الحادث الذي أودى بحياته، وعلى مسيرة الرجل في النضال من أجل التغيير في المغرب وتحرير فلسطين.

وأجمعت الكلمات التي أُلقيت خلال هذه الأربعينية، منذ بدايتها، على التأكيد على ثلاث خلاصات مركزية، في مقدمتها ضرورة توحيد جهود مختلف القوى السياسية والمدنية المناهضة للتطبيع.

كما اعتبر المتدخلون أن أربعينية الفقيد مناسبة لتجديد الالتزام بمواصلة النضال، وعدم الاكتفاء بالبعد الرمزي للتأبين، فضلًا عن الاستمرار في الضغط السياسي والحقوقي من أجل الكشف عن الحقيقة كاملة حول الحادث الغامض الذي أدى إلى وفاته.

وفي كلمته الافتتاحية، قال المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، محمد غفري: “لا نودّع موقفه ولا مساره ولا قناعته، بل نودّع إنسانًا اختار بوعيٍ وشجاعة أن يقف في صفّ الحق، لا في صف الهوية المغلقة، وأن يجعل من الإنسانية جسرًا لا جدارًا، ومن العدالة بوصلة لا مشنقة”.

وأكد غفري أن سيون أسيدون “مغربي أصيل، وفلسطيني بالانحياز الأخلاقي”، مشيرًا إلى أنه “كان واحدًا من أولئك القلّة الذين فهموا باكرًا أن القضية الفلسطينية ليست صراع أديان، بل قضية شعب مُستعمَر، وحقّ مُغتصَب، وكرامة مُنتهَكة”.

وشدد على أن أفضل تأبين لسيون أسيدون ليس الدموع ولا الكلمات وحدها، “بل الاستمرار في مقاومة التطبيع، وتعزيز جبهة الوعي، والدفاع الصادق عن فلسطين، كما كان يفعل، وبالوضوح والجرأة نفسيهما”.

من جانبه، توقف نائب رئيس الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، محمد حمداوي، عند البعد القيمي والأخلاقي في تجربة سيون أسيدون، معتبرًا أن الفقيد جسّد نموذجًا نادرًا للالتزام الإنساني العابر للهويات الضيقة، وأن نضاله من أجل فلسطين كان نابعًا من إيمان عميق بالحق والعدل وكرامة الإنسان.

وقال حمداوي: “نودّعه في هذه الدار الفانية، لا كشخصٍ فحسب، بل كرمز للنضال المشترك الذي جمعنا به في الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، مشيرًا إلى أن صوته “كان مدوّيًا في وجه الصهيونية التي اعتبرها عدوًا للإنسانية”.

واعتبر المتحدث ذاته أن مسيرة سيون أسيدون مثال حي على أن “القيم الإنسانية العليا، الحق والعدالة، هي القاسم المشترك الذي يوحّدنا جميعًا في خندق واحد ضد الطغيان، وضد الظلم، وضد الاحتلال”، مشددًا على أن هذا القاسم المشترك “ينبغي أن يوحّد كل الأحرار في كل زمان ومكان”.

وأكد حمداوي أن رحيل سيون أسيدون يشكّل خسارة للحركة التحررية المناهضة للتطبيع في المغرب والعالم، غير أن “العزاء هو أن نضاله سيبقى شعلة تضيء درب الأجيال القادمة”.

أما الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي، جمال براجع، فقد أبرز في كلمته الطابع الأممي لنضال الفقيد، مؤكدًا أن سيون أسيدون “ناضل من أجل الشعب الفلسطيني، ومن أجل كل الشعوب المضطهدة، (…)، في مواجهة الاستبداد والفساد والظلم الاجتماعي”.

وشدد براجع على ضرورة توحيد الجهود والنضال المشترك، سواء داخل الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، أو ضمن باقي الإطارات النضالية والجماهيرية والحراكات الشعبية.

واعتبر أن الرسالة الأساسية التي يمكن استخلاصها من هذا الحفل التأبيني، ومن مسار سيون أسيدون، “هي ضرورة تقوية وتوسيع وحدة النضال في سبيل فلسطين، ومن أجل تحررها الكامل، وفي سبيل مناهضة التطبيع، ومواجهة الاستبداد والظلم أينما كان، والقهر المسلط على الشعب المغربي”.

وقال إن أسيدون كرّس حياته من أجل هذه القضايا، “وهو ما جعله في مرمى نيران العدو الإمبريالي والصهيوني والاستبدادي، الذي حاربه بكل الوسائل”، مشيرًا إلى أن تكريمه اليوم يحمّل الجميع “مسؤولية الاستمرار في الدفاع عن المبادئ والأهداف التي ناضل من أجلها، وعلى رأسها الحقيقة والعدالة والحرية”.

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد محمد حمزة إن الذكرى الأربعينية لرحيل المناضل سيون أسيدون “تمثل فرصة لاستحضار معنى الالتزام الحقيقي، وقيمة الموقف المبدئي”.

وأشار حمزة إلى أنه برحيل أسيدون يفقد المغرب وفلسطين، ويفقد أحرار العالم “صوتًا أخلاقيًا نادرًا، وصاحب مسار نضالي استثنائي شكّلت وفاته خسارة كبيرة للحركة الوطنية والديمقراطية والإنسانية”.

وأوضح أن الحضور الواسع في ذكرى الأربعين هو تعبير صادق عن مكانته، وعن الاعتزاز العميق الذي خلّفه رحيله، مشددًا على أن الوفاء الحقيقي له، ولجميع رفاق ورفيقات النضال الذين غادرونا، لا يكون بالبكاء وحده، بل بمواصلة المعركة؛ معركة تحرير فلسطين، ومعركة الديمقراطية الحقيقية، ومعركة العدالة الاجتماعية، ومعركة المساواة والكرامة الإنسانية.

وختم حمزة بالتأكيد على أن استمرار النضال على خطى سيون أسيدون هو “أفضل وفاء لمساره ولجميع الشهداء الذين كرّسوا حياتهم من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية”.

وتوفِّي المناضل الحقوقي المناهض للصهيونية، ذو الأصول اليهودية سيون أسيدون (77عام)، صباح يوم الجمعة 7 نونبر 2025، في مدينة الدار البيضاء بعد دخوله في غيبوبة دامت نحو 3 أشهر.

وكان أسيدون أحد مؤسسي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “بي دي اس” (BDS)، وعضوًا في السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وكذلك الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبرانسي المغرب).

وتوفي المعارض المغربي بعد قضائه نحو 3 أشهر في العناية المركزة بإحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء جراء تعرضه لحادث داخل منزله بمدينة المحمدية في شهر غشت الماضي.

وطالب نشطاء ومحامون، بحسب البلاغ، النيابة العامة بمحكمة الاستناف بالدار البيضاء بالعمل على توضيح أسباب “هذا الوضع المأساوي الذي أدى في نهاية المطاف إلى وفاة سيون أسيدون”.

ويُعد أسيدون ناشطا بارزا في المغرب ضد الصهيونية والتطبيع مع إسرائيل، ومناضلا من أجل مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو الشركات الداعمة للاحتلال، خاصة من داخل الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل “بي دي إس”، التي تأسست عام 2005 لتشمل مجالات اقتصادية وثقافية ورياضية.

كما يُعرف بحضوره المتواصل في الفعاليات والمظاهرات الشعبية التضامنية مع فلسطين والمندّدة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكان آخرها الاعتصام الشعبي أمام القنصلية الأميركية بالدار البيضاء في الثاني من غشت الماضي، والمسيرة المتّوجهة نحو ميناء طنجة يوم الثالث من الشهر ذاته، احتجاجا على رسو سفن تحمل معدات عسكرية أمريكية موجهة إلى إسرائيل.