فرنسا تطمح لاستعادة مكانتها الاقتصادية من بوابة الصحراء
في شهر ينتظر أن يستقبل فيه المغرب خمسة وزراء فرنسيين على أرضه، أعلنت فرنسا بشكل واضح على لسان وزير التجارة، في تصريحات أدلى بها أمام رجال الأعمال في الدار البيضاء، عن استعداد بلاده للاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ليسبق الاعتراف الاقتصادي الاعتراف السياسي بسيادة المغرب على صحرائه، في مشاريع ينتظر أن تبدأ بربط كهربائي، بين الداخلة والدار البيضاء.
وفي تحليله لهذه الخطوة الفرنسية غير المسبوقة، ودلالاتها السياسية، قال ياسين اعليا الخبير والباحث في الشأن الاقتصادي إن فرنسا تود أن تستغل علاقاتها الاقتصادية وتغلغلها السابق في دواليب الاقتصاد المغربي من أجل الاستفادة واسترجاع مكانتها التي فقدتها نتيجة التشنج السياسي الذي شهدته العلاقات المغربية-الفرنسية.
وأوضح الخبير أن تعزز العلاقات الاستثمارية بين البلدين بالإضافة الإصرار المغربي على اعتماد مقاربة حازمة بخصوص قضية الصحراء والأداء الاقتصادي في الأقاليم الصحراوية، كل هذه المؤشرات دفعت فرنسا إلى محاوله أخذ مكانها الطبيعي كشريك اقتصادي تقليدي.
اختبار الأقاليم الجنوبية للاستثمار، “لم يأتي عبثا”، حيث أبرز اعليا أن فرنسا تسعى أيضا للحصول على حصة لها من المشاريع المستقبلية في مجال الطاقات المتجددة، خصوصا في ظل المنافسة القوية من نظيرتها الإسبانية وكذلك المنافسة التي تعلنها شركات بريطانيا و ألمانيا، والتي تحاول أن تجدها لها موطئ قدم في البنية الاقتصادية المغربية المؤهلة لتلعب دورا كبيرا في في مجال الطاقه المتجددة.
وتابع أن فرنسا إلى جانب هاته الدول دخلت في سباق تموين أوروبا بالطاقة النظيفة خلال السنوات قادمة مع الرهان الكبير الذي أخذته أوروبا على عاتقها والقاضي بالخفض من مستويات الانبعاثات الغازية خلال الفترة القادمة في حدود سنة 2050 إلى نسبة الصفر في المائة.
في هذا السياق، مباشرة بعد الإعلان عن انتهاء أزمة التأشيرات على لسان السفير الفرنسي بالرباط كريستوف لوكورتي، في نونبر الماضي، أعلن مشروع “وايت دونز” (الكثبان البيضاء)، الذي تقوده الشركة المغربية “فالكون كابيتال الداخلة”، عن شراكة استراتيجية مع شركة “هيدروجين فرنسا” ، من أجل إحداث محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في قلب الصحراء المغربية، بجهة الداخلة – وادي الذهب، وذلك باستثمار ضخم قدر أوليا بـ 2 مليار دولار.
ومنذ إعلان المغرب استعداده لتخصيص 45 مليار دولار لتطوير بنيته التحتية، اتجهت العديد من الدول لـ”تصريف” علاقاتها الجيدة مع المغرب للحصول على حصة الأسد من هذه الاستثمارات، كإسبانيا وبريطانيا، مستفيدة من تراجع العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والمغرب.
ولعل إسبانيا هي أكبر المستفيدين من هذا التراجع، حيث تمكنت من حجز موطئ قدم لها في سوق الاستثمارات بالمغرب، خصوصا في ظل العلاقات بين البلدين التي “تمر من أزهى مراحلها”، حيث يعد المغرب الزبون الثالث لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبية بعد بريطانيا وأمريكا، كما تعد إسبانيا الزبون والممول الأول للمغرب منذ بضعة سنوات.