فرصة أخرى لتصحيح الأخطاء
لا جديد في موضوع الخروج المبكر للمنتخب الوطني من نهائيات كأس إفريقيا للأمم، فتجديد الثقة في وليد الرݣراݣي كان منتظرا حتى من أكبر المطالبين بإقالته أو إستقالته، و منطقيا كان سيبدو أي قرار من غير منحه فرصة لتصحيح أخطائه، من باب “التخربيق” وتكرار القرارات الكارثية القديمة التي كانت تقدم الناخب الوطني ككبش فداء لتهدئة الغضب الشعبي وبداية رحلة أخرى فاشلة مع مدرب جديد.
لكن بلاغ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم يحمل بين سطوره الكثير من الإستنتاجات التي يمكن أن نعرف منها خريطة طريق المنتخب الوطني الأول خلال المرحلة القادمة، وكيف سيتعامل فوزي لقجع مع وليد الرݣراݣي خلال المدة التي تفصلنا عن نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025.
تحدث البلاغ عن “اجتماعات تقييمية” وليس اجتماعا واحدا، بما يعني أن فوزي لقجع استمع إلى عناصر أخرى (بالإضافة إلى وليد الرݣراݣي) كانت ضمن الوفد المغربي الذي ذهب إلى الكوت ديفوار، وهو بلا شك قد مكّن رئيس الجامعة الذي هو في نفس الوقت رئيس لجنة المنتخبات الوطنية، من تجميع العديد من المعطيات حول أسباب هذا الفشل، وبالتالي فإمكانية وجود “مخطئين” آخرين من غير الناخب الوطني واردة جدا.
ملاحظة أخرى، وهي أن البلاغ أكد تجديد الثقة في وليد الرݣراݣي، وتمكينه من كل الإمكانيات التي قد تساعده على الإستعداد الجيد لإقصائيات كأس العالم، ونهائيات كأس إفريقيا التي سيحتضنها المغرب السنة المقبلة، ولم يذكر مونديال 2026 بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك كما هو مدون في العقد الذي وقعه الناخب الوطني مع الجامعة الملكية المغربية في فاتح شتنبر 2022، بما يعني أننا إزاء “عقد” جديد بشروط جديدة بناءً على الخلاصات التي جمعها فوزي لقجع حول أسباب خروج المنتخب الوطني من “كان” الكوت ديفوار، أو أن وليد الرݣراݣي قد قدم استقالته لرئيس الجامعة شفهيا بعد فشله في تحقيق عقد الأهداف المتمثل في الوصول إلى نصف نهاية “الكان”، لكن استقالته رُفضت وطُلب منه الإستمرار.
أيضا تحدث البلاغ عن تجديد الثقة في وليد الرݣراݣي فقط، دون ذكر طاقمه، الشيء الذي يفتح باب التأويلات حول مسؤولية مساعدي الناخب الوطني أيضا في هذا الإقصاء، ومدى قيامهم بدورهم في الإعداد التقني والتكتيكي للمباريات، وهو ما يجرنا إلى طرح الإحتمالات حول تغيير جذري في الطاقم التقني للمنتخب الوطني.
المهم الآن أن وليد الرݣراݣي مُنحت له فرصة جديدة بعد أن اجتمع برئيس الجامعة، وهو يدرك أنها الأخيرة لتدارك هفواته التقنية والتواصلية والتدبيرية لفترات ما قبل المباريات، والأولوية لتغيير نظام لعب الفريق الوطني بعد أن أثبت عدم جدواه في المباريات الإفريقية، وتنويع الطرق التكتيكية وتجهيز الخطط البديلة للجوء إليها أثناء المواجهات المعقدة، وعدم المبالغة في الثقة في العناصر التي صنعت معه إنجاز مونديال قطر، والإعتماد على اللاعب الجاهز بدنيا وذهنيا، وتطعيم لائحة اللاعبين بعناصر جديدة تتوفر على الإمكانيات البدنية اللازمة لمواجهة أجواء إفريقيا، بالإضافة إلى القطع مع تنظيم المباريات الودية ضد منتخبات من أمريكا اللاتينية وأوربا التي لا تفيد المنتخب الوطني في شيء، والسعي إلى لعبها ضد المنتخبات القارة السمراء في ملاعبها، بغرض التعود على أجوائها الصعبة.
في جانب التواصل لاشك أن وليد الرݣراݣي قد فهم أيضا أن الكلام الزائد في الندوات الصحفية، وأمام وسائل الإعلام لا طائل منه، سوى أنه يجلب اللغط ويصنع “البوليميك” ويلعب دورا سلبيا في التأثير على تركيز محيط الفريق الوطني، وعليه وعلى لاعبيه أيضا من الآن فصاعدا أن يحسبوا كلماتهم جيدا وأن يبتعدوا كل ما أمكن عن كل ما من شأنه أن يُحدِث جدلا ويدخلهم في دائرة الإنشغال عن تركيزهم على المباريات.
مؤكد أن وليد الرݣراݣي ما قبل كأس إفريقيا لن يكون هو وليد الرݣراݣي بعدها، المتوقع أن الفشل والأخطاء التي ارتكبها والإنتقادات الكثيرة التي وُجهت إليه، ستصنع منه شخصا آخر، فشخصيته غير العنيدة، و”رأسه الصغير” وإصراره على النجاح في مهامه سيدفعه إلى التعلم من أخطائه لمحو فشل الكوت ديفوار، وإعادة تلك الفرحة التاريخية التي عشناها معه أثناء مونديال قطر.