story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

فرجة الدوريات الرمضانية

ص ص

الفيديوهات الممتعة المنتشرة في وسائل التواصل الإجتماعي خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الأبرك، والتي تصور مباريات دوريات الأحياء في كرة القدم من مختلف مدن وقرى المغرب، لها وقع خاص على كل من يشاهدها.

قطع أرضية فوق التراب في المساحات الخالية، وساحات بأرضية إسفلتية وسط تجمعات سكنية، تتحول بسرعة خلال هذا الشهر الفضيل إلى ملاعب صغيرة تحتضن مباريات كرة القدم، فقط بمرميين وقليل من “الجير”، بحضور جمهور غفير من الساكنة يتحلق لمشاهدة متعة ناذرة قبل موعد الإفطار، حيث هناك يمكن أن نرى لعبا فرجويا لا يمكن أن نراه حتى في البطولة الوطنية التي تسمى اعتباطا بالإحترافية، وهناك أيضا يمكن أن نستمتع بالمراوغات واللمسات والتمريرات والفنيات والأهداف ال”الأنطولوجية” تشبه التي نشاهدها في مباريات كبار نجوم الكرة في الدوريات العالمية.

الحقيقة انه عندما نرى هذه العدد الكبير من المواهب الفطرية التي لا انتماء لها، والمنتشرين في مختلف أنحاء المغرب، وهذا العشق الكبير لممارسة كرة القدم في صيغتها الإحتفالية، ونقارنه بالمستوى الهزيل للاعبي أنديتنا الوطنية “المحترفين” الذين يكلفون الملايير مقابل مباريات رديئة تنتهي بالأصفار في كل شيء، وعندما نرى أن جل المنتخبات الوطنية يشكلها اللاعبون من أبناء الجالية المغربية بالخارج الذين كونتهم الأكاديميات الأوربية.. لابد وأن ذلك يطرح علينا علامات استفهام كبيرة حول الأسباب التي تمنعنا من التحول بهذا الكم الهائل من المواهب إلى “برازيل إفريقيا” في صناعة اللاعبين وتزويد الأندية الوطنية والمنتخب الوطني، ونصدر”الكوايرية” إلى أقوى الدوريات الأوربية.

الأمر مرتبط بغياب تام لسياسة تكوين شاملة في البلاد، ترتكز في قاعدتها على شبكة واسعة للتنقيب على المواهب الفطرية في هذه الدوريات البسيطة في أحياء مدن وقرى المغرب، وأيضا تتعلق بخلل فظيع في التكوين لدى الأندية الوطنية الكبيرة، حيث لازالت تعتمد هذه الأندية في تشكيل فئاتها الصغرى على طرق متقادمة وهاوية كانت تصلح لزمن الثمانينات والتسعينات، عندما كانت الموهبة وحدها معيارا لانتقاء الأطفال المتميزين وتلقينهم بعد ذلك بعض الأبجديات البسيطة في التمركز داخل الميدان، في جهل فضيع للتطور الرهيب الذي عرفته كرة القدم على مستوى العالم، فالموهبة اليوم وحدها “ما واكلاش” أمام السرعة والقوة والذكاء والإنضباط التكتيكي الذي أصبحت الأكاديميات الأوروبية تصنع به لاعبي المستقبل.

عندما نرى كيف تشتغل جل الأكاديميات الأوروبية اليوم في صناعة نجوم الغد، وكيف تمت هيكلتها إداريا وماليا وتقنيا حتى أصبحت مؤسسات قائمة بذاتها، وعندما نرى أطفالا لم يبلغوا بعد سن الرشد وقد تحولوا لنجوم في فريق ناديهم الأول وكيف يتصرفون داخل محيطهم بنضج مذهل، وعندما نلقي نظرة على طريقة التكوين البدائية التي لازالت تسير بها أنديتنا، وكيف يتصرف لاعبوها في البطولة الوطنية، فالخلاصة تذهب إلى أن أوروبا ابتعدت عنا كثيرا في مجال تكوين لاعبي كرة القدم، وينتظرنا داخل المغرب عمل جبار من أجل تقليص هذه المسافة بيننا وبين القارة العجوز.

الأمل في إستراتيجية التكوين الجديدة داخل الأندية التي كانت قد وضعتها جامعة كرة القدم بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، في أن تتمكن من استقطاب هذه الأعداد الكبيرة من مواهب الأحياء في الدوريات الإحتفالية، وأن تصنع منهم لاعبين محترفين بطرق حديثة بعيدا عن تكوين “الدبّازة” الذي لم يعد ينتج لنا سوى الفشل والرداءة والمستوى الكروي الهزيل، سواء في الأندية كما في المنتخبات الوطنية.