story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

عيدنا فلسطيني..

ص ص

حسنا فعلت بعض الفعاليات المدنية المغربية الداعمة للقضية الفلسطينية، حين دعت إلى الاحتفاء بعيد الأضحى الذي يصادف يوم الاثنين 17 يونيو 2024، تحت شعار “عيدنا فلسطيني”، من خلال ارتداء بعض من رموز الزي الفلسطيني، مثل الكوفية والشال والأعلام الفلسطينية، وتزيين المصليات بها…
حسنا فعلت لأن أيامنا هذه بالفعل فلسطينية بقوة الأمر الواقع، سواء سمح لنا وضعنا بإعلان ذلك أم لا. فالعالم كله بات فلسطينيا منذ سابع أكتوبر 2023، حين أرغمته سواعد المقاومة الفلسطينية الباسلة على تغيير الاتجاه وتوقيف مسار التصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
عيدنا فلسطيني لأن أبطال غرة حرروا العالم مما كانت قوى الطغيان والهيمنة تقتاد البشرية إليه من وضع لم تعرفه قط في تاريخها، حتى في عهود فرعون وقارون وهامان، من إخضاع تام ودعوة سافرة إلى التسليم والاستسلام. وكما قال ضيفنا في إحدى حلقات برنامج “ضيف الفنجان” الأخيرة، وزير الثقافة السابق محمد الأشعري، فإن فلسطين أحيت الأمل في نفوس البشرية جمعاء في إمكانية المقاومة. وأثبتت أن ذلك الفرق الأسطوري في القوة بين شعب محاصر وأعزل، وكيان يحوز جل ما بين يدي البشرية اليوم من عناصر القوة والقهر، لم يحسم معركة ولا أنهى إمكانية الصمود والوقوف في وجه الظلم.
عيدنا فلسطيني لأن الخروج البطولي للمقاومين من سجنهم الكبير لتحطيم كل الأساطير التي بناها عدوّهم وأحاط نفسه بها، أنقذتنا كمغاربة وأخرجتنا من مسار الانحدار بكل ذلك الاستسلام والتخدير الذي أصابنا. مسار كان يأخذنا نحو هاوية تسليم أمرنا للوكالة الصهيونية التي أقامها الغرب فوف الأرض الفلسطينية، والانقياد لأوامرها والانخراط في أجندتها التي لا يخفى على أحد أنها لا تحمل خيرا حتى لنفسها، بل تنطوي على مخططات للتفكيك والتمزيق وإشعال الفتن والحروب الأهلية، حفظ الله بلادنا وكافة مجتمعات البشرية من شرورها.
عيدنا فلسطيني لأن المقاومة أهدتنا فيه أرقى وأسمى ما يمكن أن نفتح عليه عيوننا ونشنّف به أسماعنا في مثل هذه الأيام المباركة: خطاب يستحضر القضايا الأساسية ويعلي من شأن القيم الإنسانية النبيلة ويعيد الاعتبار للعدالة والحق والمساواة ودفع الظلم… وفوق كل ذلك عمليات عسكرية نوعية ضد جيش الاحتلال، تعيد عقارب ساعة العدوان إلى الصفر، وتجرّده من كل مكسب يمكن أن يعتقد أن حربه الدموية المجنونة حققتها لمحو مفعول طوفان الأقصى في الوجدان الجمعي للبشرية.
عيدنا فلسطيني لأن السواعد الفلسطينية ذكّرتنا من جديد أن القوة التي يخوّفنا بها المهيمنون على العالم حاليا، لا تصمد أمام شبان يبلغون عنان السماء بصواريخهم، ويندسّون في باطن الأرض بمخالبهم، ويخرجون على عدوّهم بالموت والدمار محطّمين أساطيره حول قوته العسكرية وعتاده الحربي وقدراته الاستخباراتية وتكنولوجياته المتطورة… أي كل ما يستعمله طاغوت العصر للترهيب والترغيب.
عيدنا فلسطيني لأن سواعد المقاومين في غزة حرّرتنا كمغاربة، وأخرجتنا من غيبوبتنا التي كدنا نضيع بسببها، وحرّرت دولتنا من كل ما يمكن أن تكون قد تعرضت له من إغراء أو تهديد، حين أسقطت ورقة التوت عن كيان فاشل في كل شيء إلا في قتل الأطفال والأبرياء، كيان عاجز عن حماية نفسه، بله تصدير القوة والحماية والسلاح والتكنولوجيا.
عيدنا فلسطيني لأن دولتنا، وهي تمضي في مخططات وطنية لتحقيق السيادة الكاملة واسترجاع التراب وتعزيز القوة العسكرية ودخول نادي الصناعات الدفاعية… تحررت مما كان يمكن أن يفرض عليها من إملاءات لربط كل هذه الطموحات بالتحالف مع كيان محتل وظالم وعاجز.
عيدنا فلسطيني لأن الأشهر التسعة التي مرت دون أن يخسر المقاوم قدرته على الصمود في وجه الطاغوت، أخرجت تناقضات الكيان الإسرائيلي إلى العلن، وجعلته اليوم يدخل في مسار التدمير الذاتي والتطاحن بين عناصره الداخلية… وأهم تحوّل يهمّنا كمغاربة، أنها أثبتت عجز وفشل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن فرض اختياراتها داخل دولة الاحتلال نفسها، وبات مجرم حرب مثل بنيامين نتانياهو يقلّم أظافرها ويجرها نحو بيت الطاعة اليميني المتطرف، وبالتالي لم يعد بإمكان باعة وهم الارتباط بالبنية العميقة للكيان، ممثلة في مؤسسته العسكرية ترويج بضاعتهم الفاسدة، ولا ايهام أحد بأننا سنقطف ثمار قوة دفاعية خارقة بعيدا عن حسابات الساسة الإسرائيليين وقذارتهم.
كل عام وفلسطين سعيدة بصمودها ومقاوميها..