story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

عودة للاحتجاجات و”تجميد” للتطبيع وإحياء لـ”المقاطعة”.. كيف أثرت سنة من “الطوفان” على المغرب؟

ص ص

تحل اليوم الإثنين 7 أكتوبر 2024 الذكرى الأولى لاندلاع معركة “طوفان الأقصى”، في سنة يجمع الباحثون والمحللون على أنها رسمت مسارا جديدا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ورسمت واقعا جديدا في المغرب، حيث أتت بعد أزيد من سنتين على توقيع المغرب لاتفاقية ترسيم علاقاته مع إسرائيل، اتخذ خلالها التطبيع مسارا متصاعدا، ليمس جل القطاعات في المغرب، بتوقيع عدد أكبر من أن يحصى من الاتفاقيات بين الجانبين، ويصبح فيها وجود علم إسرائيل على طاولة توقيع رسمي أمرا “عاديا”، قبل أن يرسم “الطوفان” واقعا جديدا.

عودة الاحتجاجات للشوارع

بعد توقيع المغرب للاتفاق الثلاثي مع إسرائيل وأمريكا والذي بموجبه أعاد ربط علاقات رسمية مع إسرائيل، كان موقف السلطة واضحا في منع كل أشكال الاحتجاج على هذه الاتفاقية، وبالقوة، ولا زالت صور من حاولوا التظاهر حينها من شخصيات سياسية وحقوقية بارزة متداولة، حيث تعرضوا للمنع بالقوة، ولم يتم السماح بأي شكل من أشكال الاحتجاج، أمام فتح الباب على مصراعيه لكل الأصوات التي تدعم هذا الاتفاق أو تبرر له.

تاريخ السابع من أكتوبر 2023 كان فارقا في هذا المسار من التضييق والمنع في وجه مناهضي التطبيع في المغرب وكل المعارضين لمسار التقارب مع إسرائيل، حيث سجلت عودة الاحتجاجات والمظاهرات من أجل فلسطين في شوارع المغرب، وخرج المغاربة لأول مرة في مسيرة حاشدة، للتعبير عن تضامنهم مع فلسطين وغزة فيما تتعرض له من عدوان منذ 7 أكتوبر، وللتعبير عن دعمهم للمقاومة الفلسطينية في مسارها التحرري، ولكن كذلك، للتعبير وبصوت مرتفع، عن رفضهم للتطبيع الذي يقولون إنه “وُقع في غفلة” ويتناقض مع مواقف المغاربة التي عبروا عنها تاريخيا ولا يزالون، والرافضة للتطبيع مع إسرائيل والداعمة للقضية الفلسطينية كقضية توازي في الأهمية قضية الوحدة الترابية للمغرب.

ومنذ تاريخ 7 أكتوبر 2023 وإلى اليوم، لم تتوقف احتجاجات المغاربة، في مختلف المدن الكبرى والصغرى، في مواعيد قارة أصبحت معروفة، من وقفات يومية أمام البرلمان، واحتجاجات شهرية أمام القنصلية الأمريكية في الدار البيضاء، ومسيرات شعبية يشارك فيها الآلاف عند كل حدث فارق في هذه السنة، ووقفات استعجالية لإدانة كل مجزرة من المجازر الإسرائيلية المروعة التي ارتكبت خلال هذه السنة، ووقفات أصبح الجميع يعرف أنها تنظم بعد صلاة كل جمعة، في عدد من المساجد، يتجاوز عددها المائة كل أسبوع، ووصلت الآن لأسبوعها الـ52 على التوالي، ولم توقفها لا أعياد ولا ظروف طقس.

“تجميد” التطبيع

بعد توقيع المغرب على الاتفاق الثلاثي في دجنبر 2020 مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والذي بموجبه تعترف أمريكا بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية ويرسم المغرب بمقتضاه علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، انطلقت مباشرة بعد ذلك سلسلة زيارات مكوكية للوزراء الإسرائيليين للمغرب، لتوقيع اتفاقيات في كل المجالات، بسرعة كبيرة، حيث أنه سجل مرة زيارة أربعة وزراء إسرائيليين للمغرب في شهر واحد.

غير أنه ومباشرة بعد السابع من أكتوبر 2023، وعودة المغاربة للاحتجاج بصوت مرتفع في الشارع للتعبير عن موقفهم الرافض للعلاقة مع إسرائيل توقف “كل شيء” ظاهريا على الأقل، توقفت زيارات الوزراء الإسرائيليين بشكل كلي للمغرب، كما أن المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا المغرب خلال هذه السنة، زاروه “خفية”، دون إعلام ودون تصريحات ودون صور، الشيء الوحيد الذي يظهره الإسرائيليون، هو الخوف والتوجس من موقف الشارع الذي لم تروِّد مواقفه سنوات التطبيع.

هذا التجميد، طال مكتب الاتصال الإسرائيلي مباشرة بعد عودة المغاربة للشارع، حث أنه بعد أقل من أسبوع من اندلاع معركة السابع من أكتوبر، أعلنت إسرائيل عن مغادرة طاقمها الدبلوماسي للرباط، ومحاولة عودة المكتب لنشاطه قبل شهرين، بقيت عودة محتشمة، بتعيين “خفي” لنائب مكتب الاتصال الإسرائيلي، لم يعلن هو نفسه عن منصبه الجديد على الرغم من أنه واحد من أكثر المسؤولين الإسرائيليين تواصلا لكونه شغل منصب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية، ولا زال يعقد لقاءاته مع مختلف المكونات المغربية، دون إعلام ولا إعلان ولا صور.

وعلى الرغم من هذا المسار الذي يظهر تجمد التطبيع، حافظ المغرب على جانب نشيط في علاقته مع إسرائيل، ارتبط بشكل أساسي بالاتفاقيات العسكرية، إلا أنه استمر فيه دون عادة الإعلان التي كان يتم اعتمادها من قبل.

“سلاح” المقاطعة

أطلق النشطاء حول العالم قبل أكثر من عشرين سنة خلال الانتفاضة الثانية في 2020 معركة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو الداعمة لإسرائيل، إلا أن هذا “السلاح” لم يتم تفعيله في المغرب بشكل مؤثر إلا بعد السابع من أكتوبر 2023.

خلال السنة الأخيرة، تحولت مقرات بعض العلامات التجارية العالمية المعروفة بدعمها لإسرائيل إلى وجهة لاحتجاج مناهضي التطبيع والمناصرين للقضية الفلسطينية، وانتشرت على نطاق واسع لوائح تضم أسماء ورموز العلامات الداعمة لإسرائيل والتي يتم تسويقها في المغرب، ليصبح “سلاح” المقاطعة أكثر انتشارا بين المغاربة، والوعي به أكثر ترسيخا خلال هذه السنة.

ويقول مناهضو التطبيع في المغرب، إن علامات تجارية عالمية معروفة بدعم إسرائيل وخصوصا دعم حربها الأخيرة في غزة، تضررت اقتصاديا بـ”سلاح” مقاطعة المغاربة، ومنها من اضطر لتقليص نشاطه، وآخرون اختاروا “مقاومة” مقاطعة المغاربة بالمزيد من الإغراء، بتخفيض كبير في الأسعار لم يسجل له مثيل في تاريخ نشاطهم في المغرب.

في المقابل، شجعت حملات مقاطعة المغاربة للمنتجات الداعمة لإسرائيل الإقبال على المنتوج المحلي المغربي، بنشر بديل مغربي محلي لكل منتوج ينتمي إلى قائمة المقاطعة، حتى أن المنتوجات المغربية، أصبحت تسوق لنفسها كبديل عن منتجات “المقاطعة”.